هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
اعتبرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، في افتتاحيتها، السبت، قضية الأميرة الأردنية هيا بنت الحسين في نزاعها القضائي مع زوجها حاكم دبي محمد بن راشد، اختبارا للقضاء في المملكة المتحدة.
واهتمت الصحيفة بإصدار القضاء البريطاني حكما لصالح الأميرة هيا، ولكنها وجهت انتقادات هامة للسلطات القضائية، بسبب عدم استجواب شهود محتملين، وكذلك حجب الحكومة لمعلومات تتعلق بالقضية، وعدم ترحيلها لمحكمة جنائية والاكتفاء بمحكمة الأسرة.
وكتبت الصحيفة افتتاحيتها تحت عنوان "محنة الأميرة اختبار لالتزام بريطانيا بالقانون"، معتبرة أن القضية عادت إلى الأضواء مؤخرا بفضل حكم قاض بريطاني.
وحكمت محكمة مختصة بالأسرة في بريطانيا، أن الأمير محمد بن راشد دبر اختطاف ابنتيه وحرمهما من حريتهما.
اقرأ أيضا: الحكم بقضية اختطاف ابن راشد لابنتيه يتصدر صحف بريطانيا
وخلصت المحكمة أيضا إلى أن ابن راشد تصرف بطريقة تهدف إلى "ترهيب وتخويف" زوجته، الأميرة هيا، من خلال آخرين بالنيابة عنه.
عدم استجواب شهود
واعتبرت الصحيفة في افتتاحيتها أن الاتهامات خطيرة للغاية، منتقدة عدم السماح للضابط الذي يتولى التحقيق في اختطاف شمسة بالسفر إلى دبي لسؤال شهود محتملين، عندما وجه طلبا للادعاء للسفر.
معلومات محجوبة
وأضافت أن وزارة الخارجية كان لديها معلومات تتعلق بالتحقيق، ولكن تم حجبها عن المحكمة.
وقالت الخارجية إن الكشف عما في حوزتها من معلومات "سيحد من قدرة الحكومة البريطانية على حماية ودعم المصالح البريطانية عبر علاقتها مع الإمارات، وهو ما سيضر بالصالح العام".
محكمة جنائية
وانتقدت كذلك الصحيفة حقيقة أنه "من غير المرجح أن تتخذ القضية محكمة جنائية بعد حكم محكمة الأسرة"، معتبرة أن ذلك إذا حدث ذلك، فإنه يجب معرفة القرار الذي تم التوصل إليه، ومن اتخذه ولم تم اتخاذه، مؤكدة أن هذه القضية اختبار حقيقي للقضاء البريطاني.
واختطفت ابنتا الشيخ محمد بن راشد، إحداهما شابة تبلغ من العمر 19 عاما، اختطفت من شارع في مدينة بريطانية، ما أثار صدمة كبيرة في بريطانيا.
اقرأ أيضا: الغارديان: كيف حطمت الأميرة هيا صورة الزواج المثالي؟
والابنة الأولى هي الأميرة شمسة، التي اختطفت وهي مراهقة في كامبريدج. والثانية هي الأميرة لطيفة، التي اختطفت من سفينة من المحيط الهندي وأُعيدت عنوة إلى دبي بعد محاولتها الهرب عام 2018.
وقالت الصحيفة إنها "نتوقع من الشرطة أن تحقق في اختفاء شابة بهذا العمر وبتلك السهولة، وهو ما قامت به الشرطة بالفعل".
وأضافت: "نتوقع من السلطات أن تقدم دعمها ومساندتها للشرطة".
وتاليا النص كاملا لافتتاحية "الغارديان":
حكم لافت لمحكمة بريطانية يسلط الضوء على قضيتها التي نشرت عنها الغارديان للمرة الأولى قبل عقدين
ما الذي سيكشفه التحقيق من بعد؟
عندما يتم خطف فتاة في التاسعة عشرة من عمرها من شوارع مدينة بريطانية فإنك تتوقع أن تقوم الشرطة بالتحقيق – وقد فعلوا ذلك حسب الأصول، كما تتوقع أن تبادر السلطات إلى تشجيعها ودعمها كما هو معتاد في مثل هذه الحالة. ما لبثت التحقيقات التي بدأت في عام 2000 أن تقدمت سريعاً وقامت صحيفة الغارديان بالكشف عن تفاصيلها بعد عام من ذلك. ثم توقف الأمر. وها قد عادت القضية الآن من جديد لتسلط عليها الأضواء وذلك بفضل حكم غير عادي أصدره قاض بريطاني.
ينص الحكم الذي أصدره قاضي محكمة العائلة السير أندرو ماكفارلين على أن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبي، هو الذي دبر عملية خطف اثنتين من بناته ليحرمهما من حريتهما. أما الأولى فهي الأميرة شمسا الفتاة التي اختطفت من كامبريدج، وأما الثانية فهي الأميرة لطيفة التي اختطفت من قارب في المحيط الهندي وأعيدت قسراً إلى دبي بعد محاولتها الهرب من بلدها في عام 2018.
كما خلص الحكم إلى أن الشيخ محمد تصرف بطريقة كانت "تستهدف ترهيب وترويع" زوجته السادسة الأميرة هيا بنت الحسين، وأنه شجع آخرين على القيام بذلك بالنيابة عن نفسه. وعندما هربت إلى لندن في شهر إبريل / نيسان الماضي مع طفليهما الصغيرين سعى لاستعادتهم، فما كان من الأميرة هيا إلا أن تقدمت للحصول على أمر حماية من الزواج بالإكراه، مدعية وجود مخطط لتزويج ابنتها من ولي عهد السعودية (رغم أن القاضي حكم بأن هذه النقطة لم يتم إثباتها). اعتمدت القضية جزئياً على الطريقة التي عوملت بها أختاها غير الشقيقتين.
نفى الشيخ جميع التهم الموجهة ضده، ونظراً لأن الحكم صدر في قضية كانت مرفوعة أمام محكمة العائلة، فقد اعتمد القاضي في إصداره على الموازنة بين الاحتمالات، والمعيار المدني للدليل، ولم يكن حكماً تم التوصل إليه يقيناً، كما يتطلبه الأمر في القضايا ذات الطابع الجنائي. ومع ذلك فقد شملت المزاعم الموجهة ضده "سلوكاً مخالفاً لما ينص عليه القانون الجنائي في إنجلترا وويلز ولما ينص عليه القانون الدولي والقانون البحري الدولي ومنتهكاً للأعراف المتوافق عليها دولياً في مجال حقوق الإنسان"، كما أشار السير أندرو.
وأي شيء أكبر هولاً من ذلك. إلا أن الضابط المكلف بالتحقيق في قضية اختفاء الأميرة شمسا رفض مكتب المدعي العام البريطاني منحه إذناً بالسفر إلى دبي لاستجواب بعض الشهود المحتملين. كما أن وزارة الخارجية التي لديها معلومات تتعلق بالتحقيق رفضت تسليم هذه المعلومات للمحكمة، بحجة أن الكشف عما لديها من مواد "يمكن أن يقوض من قدرة حكومة بريطانيا على حماية وخدمة المصالح البريطانية من خلال علاقاتها مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وهذا لن يكون في الصالح العام."
تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة من أهم حلفاء بريطانيا في الخليج. (كما أن الشيخ، وهو شخصية رائدة في سباق الخيل، صديق للملكة.) ولكن هل سيكون فعلاً من مصلحة بريطانيا تجاهل عمليات الاختطاف التي تتم في شوارع مدننا؟ وهنا تتعارض مسألة العلاقات الدبلوماسية ليس فقط مع حقوق الإنسان الأساسية بل وأيضاً مع قوانين بلادنا.
مازال التحقيق في عملية الاختطاف التي جرت قبل عقدين من الزمن حياً. وإذا كانت الشرطة قد حيل بينها وبين المضي قدماً في إجراءاتها لأن الشيخ رئيس دولة وبذلك يتمتع بالحصانة السيادية، فمن المؤكد أن هذه الحماية يمكن أن تخضع للاختبار في المحكمة. والسؤال هنا يتعلق بما إذا كان من المحتمل لجوء القاضي إلى وضع مثل هذا الاستثناء جانباً لأن الشخص المعني يتصرف خارج إطار الدور الرسمي المناط به. إنه لأمر مهول أن يتمكن الملوك أو أي من أعضاء حاشيتهم من الدخول إلى البلاد وانتهاك قوانينها ثم يستمرون بالتمتع بالحصانة من المساءلة والمحاسبة. إن من المستبعد جداً في الواقع العملي أن يتم على الإطلاق وضع مسؤولية الشيخ على المحك داخل محكمة جنائية إنجليزية كما حصل داخل المحكمة العائلية، ولكن في مثل هذه الظروف ينبغي لنا أن نعرف ما هي القرارات التي اتخذت بشأن هذه القضية ومن الذي اتخذها ولماذا.