هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ما أن اقتحم فايروس كورونا كوكب الأرض، حتى تغيّرت حياة البشر، وانقلبت الموازين على نحورمتسارع، فباتت الأرض تضبط ساعتها بتوقيت قدوم ضيفها الثّقيل الذي استطاع أن يشلّ أطرافها عن الحركة.
ذلك الضّيف الذي استطاع أن يحوّل القرية الكونيّة إلى قرية "كورونيّة" بكلّ ما تحمله الكلمة من فيروسات، فكبّل التّنقّل وأنهى العام الدّراسي وضرب حظرا على دور العبادة، وحجر الناس في منازلهم حجرا إلزاميا لا مفرّ منه لمن أراد النّجاة.
ومع بداية انتشار الفيروس على مستوى العالم، تقوقعت الدّول حول نفسها وطوّقت أبناءها كما تفعل الدّجاجة مع صغارها داخل القن (ويا ويل اللي ما عنده أم تضمّه)!
وفي ظل كل تلك التطورات حاول وزير الصحة اللبناني أن يطمئن اللبنانيين طالبا منهم عدم الهلع، دون أن يدرك أن سبب الهلع عندهم لا يكمن في انتشار الفيروس، إنما بوجودهم في لبنان في ظل الانتشار!
أما الهلع الحقيقي فكان من حصّة الفلسطينيين في لبنان ولا سيما داخل المخيمات، فإذا كنت لاجئا فلسطينيا في أيّ بلد ستكون المعاملة معك كأيّ إنسان، أمّا إن كنت في لبنان (لا قدّر الله) فستواجه العنصرية حتى في ذروة الأزمة.
ففي الوقت الذي يجب أن تتكاتف كلّ شرائح المجتمع وكلّ فئاته لمواجهة الخطر الفايروسي المحدق، نجد في لبنان خطابات كراهية تتّسم بالعنصريّة وتُطالب بتطويق المخيّمات الفلسطينية وعزلها عن المجتمع اللّبناني، وكأنّ الفلسطيني هو الوباء بحد ذاته، مع العلم أن المخيّمات الفلسطينيّة في لبنان لم تسجّل أي حالة إصابة بكورونا، فالله ألطف من أن يجمع علينا مصيبتين، ومع ذلك نجد بعض الأبواق التي تنتظر اللحظة المناسبة أو غير المناسبة لتبخّ سمّها الذي بات أخطر من فيروس كورونا بحدّ ذاته!
المخيمات الفلسطينية في لبنان اليوم تواجه العنصرية والكراهية من شخصيات سياسية ناشطة وصاحبة قرار ونفوذ، وقد توصّلت متكاتفة إلى عزل المخيمات الفلسطينية في حال وجود إصابات بالفيروس نظرا لعجزها عن تأمين أسرّة لكلّ المرضى. هذا يعني بطريقة أو بأخرى الحكم بالموت على سكان المخيمات. فالأونروا تلمّح بوجود عجز، وترفع يديها داعية لنا بالحظ والتوفيق، والفصائل تستمر في سباتها العميق، ولا معين اليوم لكم إلا الله، هو حسبكم ونعم الوكيل.
يمكن القول إنه وبالرغم من كلّ سلبيّات الفيروس المهاجم والتي وصلت حد الموت، إلا أن هذا الفيروس (والشهادة لله) لم يميّز يوما بين البشر لا عرقيّا ولا طبقيّا ولا عنصريّا، فكلّ النّاس عنده "سواسية كأسنان المشط"، وتلك ميّزة تفوّق بها على كثيرٍ من البشر!!