هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شكل قرار الحكومة المصرية خفض أسعار الوقود بشكل طفيف مفاجأة لقطاع عريض من المواطنين والمحللين، رغم انهيار أسعار النفط في السوق العالمية لمستويات غير مسبوقة.
وأعلنت وزارة البترول المصرية، الجمعة، خفض أسعار البنزين بمقدار 25 قرشا فقط (1.6 سنت أمريكي) لشتى فئات الأوكتان، في وتيرة أقل من المتوقع والتي حددتها لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية وهي 10% هبوطا أو ارتفاعا.
وبحسب البيان، خفضت مصر سعر البنزين 95 أوكتان إلى 8.50 جنيهات للتر من 8.75 جنيهات بنسبة تراجع 2.8 بالمئة والبنزين 92 إلى 7.50 جنيهات من 7.75 جنيهات بنسبة تراجع 3.2 بالمئة، وسعر البنزين 80 أوكتان الأقل جودة إلى 6.25 جنيهات من 6.5 جنيهات بنسبة انخفاض 3.8 بالمئة.
الحكومة تفاجئ الجميع
بررت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية قرارها بضرورة "تجنيب جزء من الوفر المحقق من خفض التكلفة لمواجهة الارتفاع المتوقع في التكلفة خلال الفترة القادمة وكذلك مواجهة زيادة أعباء مواجهة تبعات أزمة كورونا".
تجتمع لجنة التسعير الحكومية، الذي تأخر هذه المرة عدة أيام وسط تضارب التكهنات، كل ثلاثة أشهر آخذة في الاعتبار أسعار الطاقة في الأسواق العالمية للنفط، وسعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي، وعوامل أخرى.
وتراجعت العقود الآجلة للخام الأمريكي 2.33 دولار بما يعادل 9.36 بالمئة ليصل إلى 22.76 دولاراللبرميل، فاقدا نحو ثلثي قيمته منذ بداية العام، في حين أغلق برنت منخفضا 1.36 دولار أو 4.1 بالمئة إلى 31.48 دولارا للبرميل.
البرلمان يعترض
كل دولار زيادة أو نقصان في سعر برميل البترول يكلف أو يوفر ما قيمته 2.3 مليار جنيه، ما يعني أن الحكومة المصرية حققت وفرا قدره 85 مليار جنيه (نحو 5.5 مليارات دولار)، مقارنة بسعر البترول في موزانة 2019-2020 البالغ 68 دولارات.
في نيسان/ إبريل 2019، قالت وزارة المالية، في البيان المالي التهميدي، لمشروع الموازنة، إن كل دولار زيادة في سعر برميل البترول، عن السعر المقدر له في الموازنة الجديدة، يضيف تكلفة إضافية على الحكومة بقيمة 2.3 مليار جنيه.
اقرأ أيضا: مصر تخفض سعر البنزين 25 قرشا فقط مخالفة التوقعات
كانت الحكومة المصرية فاجأت المراقبين أيضا، بتحديد سعر برميل النفط في مشروع الموازنة الجديد 2020/2021 عند 61 دولارا للبرميل، بزعم تحصين موازنة الدولة بهذا التقدير خشية تغير الأسعار مستقبلا، وسط مطالب برلمانية لإعادة النظر في التقديرات التي وصفوها بالمبالغ فيها.
وأكد وكيل لجنة الخطة والموازنة في البرلمان، ياسر عمر في تصريحات صحفية "أن التقدير الذي أعلن عنه الوزير وهو 61 دولارا للبرميل، مبالغ فيه، فيما أعربت عضو اللجنة الاقتصادية، بسنت فهمي عن اندهاشها للتقدير السابق، مؤكدة "أن الأوضاع الاقتصادية لن ترتفع مهما حدث لمثل هذا الرقم لكون دول العالم تحتاج لمزيد من الوقت لتتعافي من آثار فيروس كورونا".
فاتورة الوفر للدولة
قال عضو لجنة النقل والمواصلات في البرلمان المصري سابقا، محمد فرج، إن "القرار غير قانوني وفق آلية التسعير الجديدة"، مشيرا إلى أن "الدولة تحقق وفرا شهريا الآن بنحو 8 مليارات جنيه شهريا، حيث كانت تكلف واردات البترول الدولة 9.5 دولارات سنويا، وكان يجب أن ينعكس الوفر بالإيجاب على المواطن بخفض أسعار الوقود 60%".
واعتبر في حديثه لـ"عربي21": "أن تصريحات وزير البترول بأن عدم الخفض هو تحسبا لزيادة الأسعار أمر غير مقبول؛ لأنه لو ارتفع سعر برميل النفط لكان رفع أسعار الوقود، كان من المفترض أن تخفف الدولة الأعباء على المواطنين تماشيا مع الأسعار العالمية وخفض السعر".
ورفض فرج قيام الحكومة المصرية "بتحميل المواطن فاتورة مواجهة فيروس كورونا من خلال حبس كل الوفر لمواجهة أعباء الفيروس، كان من الممكن أن تقسم الأمور بين المواطن وموزانة الدولة لا أن تحتجز كل الوفر للموازنة".
جيب المواطن أولا
أرجع المحلل السياسي والاقتصادي، محمد السيد، عدم خفض أسعار مشتقات البترول في مصر إلى أن "النظام يتعامل بأسلوب الجباية مع الشعب، وتسعير مشتقات النفط كل ثلاثة أشهر ليس عمليا خاصة أن الحالة التي تمر بها البلاد من ركود نتيجة وباء كورونا فكان على النظام تخفيض الأسعار بما يتناسب مع الأسعار العالمية ولكي يشعر المواطن بتحسن ملموس".
وأكد لـ"عربي21" أن الحكومة عليها أن تعالج آثار أزمة كورونا بعيدا عن جيب المواطن كما يحدث في كل دول العالم، وهذا الأسلوب في التعامل مع الأزمات سيكون له تبعات سلبية على المجتمع الذي يعاني معظمه من آثار الأزمة.
وتساءل السيد: "أين البرلمان، أليس دوره التشريعي مراقبة ومحاسبة الحكومة وتنفيذ بنود الموازنة؟ لكن للأسف السلطة التشريعية تبصم على قرارات الحكومة وأصبحت سكرتارية لدى السلطة التنفيذية".