الاستبداد ليس قدرنا، الاستبداد رأس كل خطيئة..
الاستبداد باسم الدين وباسم الدنيا وباسمهما معا. نماذج محبطة وغير إنسانية ولا
اخلاقية، أن تحكم بغير إرادتك ورغما عنك، أن تبلع لسانك وإلا قطع، وأن تخفض
رأسك وإلا ذبح، وأن تغمض عينك وإلا تفقأ، أي حياة هذه؟
جاء حدث مقتل جورج فلويد، الأمريكي الأسود، وما
ترتب عليه من تضامن محلي وعالمي؛ لدرجة أن البيت الأبيض أغلق أبوابه ونكس أعلامه
رغما عنه تضامنا مع السود الأمريكان في احتجاجهم العنيف على مقتل فلويد.. جاء
الحدث ليفرض على ذاكرتي المزدحمة دوما تساؤلات قديمة متجددة، تشغلني بدرجة كبيرة
المقارنة بين تاريخ الثورات والانتفاضات وغضب الشعوب، تارة ضد المحتل الغاصب وتارة
ضد المستبد الفاسد، وأخرى ضد العنصرية البغيضة بكل أشكالها وألوانها وخلفياتها.
غالبيتها حققت نتائج واستردت حقوقا، وغالبيتها وجدت
دعما دوليا لنصرة الشعوب، إلا نحن في بلاد
العرب والمسلمين. قد يقول قائل إن هذه
الشعوب دفعت ثمنا باهظا من الأرواح والدماء والحريات وخلال عقود أو قرون.. أقول
ونحن دفعنا، راجعوا إن شئتم من العام 2011 إلى اليوم فقط.. قتلى وشهداء تجاوزوا
المليون، مشردون ولاجئون داخل وخارج بلدانهم تجاوزا 25 مليونا، سجناء ومعتقلون
بالملايين.. في تركستان الشرقية وحدها مليون من السجناء المعذبين. إذا نحن ندفع
وقد يكون أكثر من غيرنا، أين المشكلة إذا؟ أين العقدة كي نفكها أو نجاهد في هذا
الطريق؟ أين السد المانع لنسعى لهدمه وإزالته؟
هل عقدة العقد أننا مسلمون، في أجواء مشروع صهيو- أمريكي
بخلفية عنصرية متطرفة، جدده (المشروع) بوش الأب والابن معا، فاستدعوه من عصور
الحروب الصليبية وما قبلها، وإلى الآن لم يتوقف أو ينته بعد؟ ربما!
راجع أسباب عدم قبول الاتحاد الأوروبي، النادي
المسيحي، تركيا المسلمة في عضويته.. هل لأن الاستعمار الغربي فوّض وكلاءه من
الملوك والأمراء والجنرالات والمؤسسات التابعة في حكم البلاد تفاديا لثورات
شعبية بخلفيات إسلامية كانت على وشك الانفجار في وجهه وإزالته، فوجد أن الوكلاء
يحققون له ما لا يستطيع تحقيقه هو، خاصة في قهر وكبت التيارات الشعبية الإسلامية
حتى لا يخرج المارد من القمقم؟ ولمَ لا والغرب يبارك ويشارك في كل جرائم أنظمة
الوكالة ضد الشعوب، في حين يقف على قدم وساق في حالات فردية غير عربية ولا إسلامية!
أين العقدة؟ وأين المشكلة؟ أليس من حق قرابة ملياري
مسلم أن يعيشوا بحقوق ومساواة وعدالة باقي سكان المعمورة، أم أن العنصرية
والمشاريع العقدية ما زالت ترتدي أقنعة المدنية والحضارة الغربية؟
تعددت ميادين المواجهة واصبحت فوق الطاقة والجهد،
لكن ما زالت الفرص هنا، بيد الشعوب إن استطاعت إزاحة الوكلاء ليتعامل المشروع
الغربي وجها لوجه مع الشعوب ومن يمثلون الشعوب بالاختيار، وليس بالوكالة والإجبار..
ما زالت لدينا الفرص.