هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
جددت الحكومة المصرية الجدل مجددا بشأن إطلاقها أكبر موازنة في تاريخ
البلاد وسط ترحيب حكومي وحفاوة إعلامية، ولكنها أثارت تساؤلات إذا ما كانت أكبر موازنة
في تاريخ مصر بسبب بنود الإنفاق أم بنود الديون وفوائدها والتضخم.
خبراء ومختصون اقتصاديون تحدثوا لـ"عربي21" فندوا مزاعم الحكومة
المصرية، والتلاعب بالعناوين والأرقام بهدف تجميل التشوهات داخل الموازنة، التي تشكل
أقساط الديون وفوائدها نحو خمسين في المئة منها.
وكان مجلس النواب المصري وافق، الأربعاء، على مشروع قانون الموازنة
العامة للدولة للعام المالي الجديد 2020 – 2021، ووصف الموازنة، كما جرت العادة منذ
2014، بأنها الأكبر في تاريخ مصر، دون أن يوضح الأسباب الحقيقية لذلك.
"أقساط ديون وفوائد تاريخية"
وقال وزير المالية المصري في تصريحات صحفية، إن الموازنة تبلغ 2.2
تريليون جنيه منها 1.7 تريليون جنيه للمصروفات، بينما يبلغ إجمالي الإيرادات نحو
1.3 تريليون جنيه فقط، 75 بالمئة، منها ضرائب بنحو 965 مليار جنيه. ( الدولار 16.25
جنيها)
وتمثل اعتمادات الفوائد، بدون الأقساط، 33% مـن إجمالي المصروفات، كما
تمثل مدفوعات الفوائد أكبر باب على جانب المصروفات منذ عام 2015 / 2016، وفق البيان
المالي لوزارة المالية.
وتبلغ قيمة إجمالي مخصصات أقساط القروض وفوائدها 1.12 تريليون جنيه،
حيث تقدر مخصصات سداد القروض بـ 555.5 مليار جنيه، أما مخصصات فوائد الدين فتقدر بنحو
556 مليار جنيه، أي 48.8 % من جملة المقدر من الاستخدامات بمشروع الموازنة.
"تأجيل دفع الديون"
وأقر وكيل لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، ياسر عمر، بأن باب سداد
القروض والديون "هو الباب الوحيد الذى لن يتم النظر فيه بشأن خطة التقشف وترشيد
النفقات".
ولفت في تصريحات له إلى أن "الحزمة التمويلية التي تم تخصيصها
من صندوق النقد، ستساعد في سداد هذه الأقساط التي تقدر بـ 2.77 مليار دولار".
واستبعد النائب نجاح الدولة في المفاوضات الخاصة بشأن جدولة تلك الديون
على فترات زمنية أطول، قائلا: "هذا أمر تحيطه الكثير من العوامل الصعبة، نتيجة
أن هذه الأزمة المالية لا تحدث فى مصر فقط، بل هي على مستوى العالم".
"قروض جديدة"
في حزيران/ يونيو الجاري، أظهرت بيانات البنك المركزي ارتفاع إجمالي
الدين العام المحلي لمصر، خلال الربع الأخير من عام 2019 بقيمة 168.5 مليار جنيه.
ووصل إجمالي الدين العام المحلي بنهاية كانون الأول/ ديسمبر الماضي
إلى 4.355 تريليون جنيه، مقابل 4.186 تريليون جنيه في نهاية أيلول/ سبتمبر الماضي.
وتطور الدين الخارجي المصري خلال السنوات الأخيرة، من نحو 46 مليار
دولار في 2014 إلى 112.67 مليار دولار في نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، غير شامل
13 مليار دولار قيمة سندات وقروض حصلت عليها مصر الشهر الماضي من صندوق النقد الدولي
وسندات دولية.
"تعويم الجنيه وتضخم الموازنة"
ويرى المستشار الاقتصادي، رئيس منتدى التنمية والقيمة المضافة، أحمد
خزيم أن تعويم الجنيه وانخفاض قيمته هو السبب في جعل أرقام الموازنة ضخمة.
وأضاف في تصريح لـ"عربي21": "كونها أكبر موازنة في تاريخ
مصر، هو أمر طبيعي؛ لأنه بعد التعويم فقد الجنيه نصف قيمته، فالزيادة في حجم الموازنة
هو انعكاس طبيعي لانخفاض قيمة الجنيه، ومنذ عدة سنوات والموازنة هي أكبر موازنة نظرا
لأعباء أقساط وفوائد القروض".
وأكد أن "قفزات الدين في الموازنات المصرية خلال السنوات الست
الماضية، أدت إلى تضخم حجم الموازنة"، مشيرا إلى أن "الترويج الإعلامي لحجم
الموازنة بأنه الأكبر في تاريخ البلاد لا يعكس الحقيقه؛ لأنه أمر مزعج، والغرض هو بيع
الوهم للمواطنين، كان يفترض أن تكون أكبر موازنة في حجم الإنفاق على الخدمات لا في
حجم دفع أقساط الديون".
"موازنة غير متوازنة"
من جهته فند الخبير الاقتصادي، أحمد ذكر الله، أرقام الموازنة العامة
للدولة قائلا: "بعيدا عن تكرار عبارة أكبر موازنة للدولة خلال السنوات الماضية،
فمن المنطقي أن تزيد الإيرادات والمصروفات في كل عام كنتيجة لارتفاع معدلات التضخم،
لا سيما أن الجزء الأكبر من الإيرادات هي ضرائب".
وأكد في حديثه لـ"عربي21" أننا "أمام أرقام بعيدة عن
الواقع ولا تتحقق في الحساب الختامي للموازنة، ومن الصعوبة بمكان أن تحقق الدولة أهدافها
في ظل تفشي جائحة كورونا، وتضرر كل مصادر البلاد بالعملة الأجنبية، ومعظم بنود الإنفاق
على الخدمات الأساسية تتراجع على الرغم من زيادتها رقميا بسبب زيادة التضخم".
وانتقد ذكر الله "الإفراط في الإنفاق على الجهات السيادية في البلاد،
مقارنة بتراجعها في أجور الموظفين، وهي تحابي بعض الجهات على حساب بقية المصريين دافعي
الضرائب".
"موازنة الكيل بمكيالين"
واتهم الخبير الاقتصادي، إبراهيم نوار، الحكومة المصرية باتباعها
"سياسة اقتصادية تكيل بمكيالين"، مفادها "التضييق على الطبقة الوسطى
وغير القادرين، والإغداق على الأقلية المحظوظة"، وفق منشور له بصفحته على موقع
التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
وانخفض احتياطي النقد الأجنبي أكثر من 8 مليار دولار في نهاية نيسان/
أبريل، ليصل إلى 37.037 مليار دولار، محققا أدنى مستوى له منذ أكثر من عامين.
وسحب المستثمرون الأجانب نحو 21.6 مليار دولار من مصر خلال شهري نيسان/
إبريل وآذار/ مارس بسبب تداعيات تفشي فيروس كورونا، وفق بيانات رسمية وصحيفة المال
المصرية.
اقرأ أيضا: قيود جديدة على النشر في مصر.. ماذا تبقى للإعلام كي يتناوله؟