صحافة دولية

NYT: الفلسطينيون بوادي الأردن يخشون خنق "الضم" لقراهم

بؤرة استيطانية تلتهم أراض لقرية في الضفة الغربية- جيتي
بؤرة استيطانية تلتهم أراض لقرية في الضفة الغربية- جيتي

استعرضت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، جانبا من معاناة ومخاوف الفلسطينيين في الضفة الغربية، من قرار الاحتلال ضم مناطقهم إلى سلطاته، وخاصة القرى التي تعد الأراضي المحيطة بها مصدر رزق لأصحابها.

وقالت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21" إن حمدان سعيد، يستيقظ في الخامسة والنصف صباحا كل يوم لبيع القهوة لسائقي السيارات الفلسطينيين على الطريق رقم 90، والطريق الرئيسي الذي يشق وادي الأردن، التي تعد أراض حدودية ثرية بالموارد. ولكن دفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نحو ضم المنطقة جعله قلقا بأنه قد يخسر مصدر رزقه إن تم عزل قريته عن الطريق الرئيسي.

وقال سعيد، البالغ من العمر 49 عاما وأب لثلاثة ويكسب حوالي 20 دولارا في اليوم، في صباح يوم حار وهو يعمل في كشك القهوة: "ليس لدينا أي فكرة حول ما سيعنيه الضم بالنسبة لنا لأن لا أحد يقول لنا أي شيء.. من يدري إن كان بإمكاني أن آتي إلى هنا؟".

ويعيش الفلسطينيون في وادي الأردن في الظلام، حول كيف سيؤثر عليهم الضم. ويخشى الكثير منهم بأن الضم سيعزلهم عن أراضيهم الزراعية، ويمنعهم من الوصول إلى أماكن عملهم في المستوطنات الإسرائيلية، ويخنق قراهم خلف جدران العزل ونقاط التفتيش.

ووعد نتنياهو أن يبدأ عملية الضم لأجزاء من الضفة الغربية مع حلول 1 تموز/ يوليو، وما شجعه على ذلك اقتراح إدارة ترامب، الذي يعرف بصفقة القرن.

وقامت العديد من الدول، بشجب ضم الأراضي من جانب واحد لكونه غير قانوني.

وبينما لم ينشر نتنياهو خطته، ولكنه وعد بضم وادي الأردن ومساحته 620 ميلا مربعا من الأراضي الزراعية، وهو ما سيخلق حدودا دائمة لإسرائيل مع الأردن. ويعتبر نتنياهو وادي الأردن، غير قابل للتفاوض وضروريا لأمن إسرائيل.

واقترح بأنه سيقوم بقطع القرى الفلسطينية التي "ستبقى جيوبا فلسطينية". وأن إسرائيل "لن تفرض سيادتها عليهم"، بحسب ما قال في مقابلة مع صحيفة إسرائيلية الشهر الماضي، ولكنها ستحتفظ "بالتحكم الأمني".

ووقالت الصحيفة: "يفترض أن تربط هذه الجيوب بشكل أو بآخر، بكيان فلسطيني أكبر في باقي الضفة الغربية، ولكن نتنياهو لم يوضح كيف سيعمل هذا النظام، ورفض مكتبه التعليق على الأمر".

ولكن وعد نتنياهو أثار المخاوف لدى السكان الفلسطينيين بأنهم سيسجنون في جزر معزولة.

وقال حازم أبو جيش، 53 عاما، وهو صاحب دكان من قرية فروش ببيت دجن، في شمال وادي الأردن: "ما يقوله هو أنه يجب وضعنا في أقفاص طيور صغيرة.. كيف يمكننا أن نعيش هكذا؟ ماذا لو احتجت أن أذهب إلى المستشفى في أريحا لطارئ؟ هل لن يكون بمقدوري الذهاب هناك بالسيارة خلال نصف ساعة؟".

وقال جهاد أبو العسل، محافظ السلطة الفلسطينية على أريحا ووادي الأردن، إن "نتنياهو يبدو مستعدا لتعريض المجتمعات الفلسطينية للخطر للقيام بالضم".

وقال أبو العسل في مقابلة: "هو يظن أننا بيادق.. ويعتقد أن بإمكانه أن يفعل ما يريد بنا لتحقيق أهدافه. وما يريد فعله هو إنشاء نظام أبارتايد بشكل رسمي".

وقال نتنياهو إنه لن يضم منطقة أريحا، التي يعيش فيها أكثر من 40 ألف فلسطيني. وتترك خارطة توضيحية في مقترح إدارة ترامب الخليل تحت السيطرة الفلسطينية، وكذلك خارطة اقترحها نتنياهو عندما وعد ابتداء بضم وادي الأردن الخريف الماضي.

 

اقرأ أيضا: NYT: انقسام بين المسؤولين في واشنطن وتل أبيب حول الضم

 


ويشكل وادي الأردن الذي تسيطر عليه إسرائيل منذ عام ،1967 حوالي ربع مساحة الضفة الغربية ويقع على عمق مئات الأقدام تحت سطح البحر. وخارج منطقة أريحا، يعيش فيه حوالي 12 ألف فلسطيني و12500 مستوطن اسرائيلي.

وتمنع السلطات الإسرائيلية الفلسطينيين من البناء على معظم الأراضي في المنطقة وتحرمهم من الوصول إلى أجزاء كبيرة منها، وأعلن أكثر من نصفها مناطق عسكرية مغلقة بحسب منظمة السلام الآن، وهي منظمة مناهضة للاستيطان.

وتواجه القرى الفلسطينية في وادي الأردن انقطاع الكهرباء بشكل دائم ويصلها نصيب أقل من المياه من المستوطنين بحسب عدة منظمات اسرائيلية غير حكومية.

وقال إبراهيم عبيات، رئيس مجلس قرية فصايل: "يمنحون مياها للفواكه والخضار أكثر من الناس"، في إشارة إلى المزارع الإسرائيلية في المنطقة.

وقال داني تيرزا، المسؤول السابق في وزارة الحرب الإسرائيلية، والذي عمل في مسائل تقسيم المناطق في الضفة الغربية، إن شركات الخدمات، مثل شركة كهرباء منطقة القدس، لم تقم بتجديد بنيتها التحتية، ولا تشتري ما يكفي من الكهرباء من إسرائيل، لتغطي الحاجة الفلسطينية المطلوبة.

 

ويعتبر الفلسطينيون ومعظم المجتمع الدولي المستوطنات الإسرائيلية غير شرعية.

وقال عبدو موسى، 29 عاما، من الجفتلك، إن السلطات الإسرائيلية عصرت المجتمعات الفلسطينية في المنطقة على مدى عقود بمنعهم الوصول إلى أراضيهم وبتقديم خدمات غير كافية.

وأضاف: "لقد كان الأمر دائما أن إسرائيل تريد الأرض وليس الناس.. حاولوا تشجيعنا على المغادرة عن طريق حرماننا من رخص البناء ويعطوننا بالكاد كفايتنا من الماء والكهرباء. لا أدري إن كان هناك مجال للوضع أن يكون أسوأ بكثير، ولكنني أخشى بأنهم سيجدون طريقة لفعل ذلك".

وقال مؤمن سنقرط، المدير العام لشركة حدائق فلسطين، وهي شركة تمور بالقرب من أريحا، بأن احتمال الضم يضيف تحديا آخر لشركته، التي واجهت العديد من التعقيدات هذا العام.

وقال من داخل مصنع التعليب: "لقد مرت علينا أوقات صعبة، فكان هناك صراع تجاري بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، خلال شهر شباط/ فبراير، ثم جاء فيروس كورونا في آذار/ مارس والآن علينا التعامل مع الضم".

وبحسب الصحيفة فإن "ما يقلقه هو أن الضم، قد يضع حاجزا بين مصنع التعليب الخاص به، والمزارع التي تمده بالتمور والموزعة في أنحاء وادي الأردن" وقال: "إن هذه القضية تخلق الكثير من عدم الوضوح بالنسبة لنا".

ونقلت عن شاؤول أرييلي، المفاوض الإسرائيلي السابق، والذي يختص بالخرائط والحدود، أنه لا يتوقع أن تفرض إسرائيل الضم مباشرة ولكن قد تقرر في النهاية "إقامة حاجز يفصل الجيوب الفلسطينية عن بقية الوادي".

ولفتت الصحيفة إلى أن أكثر الفلسطينيين في وادي الأردن، خشية من عملية الضم الجارية هم الرعاة البدو، الذين يعيش عدة آلاف منهم في خيام مسقوفة بالصفيح، في تجمعات تعتبرها إسرائيل غير قانونية.

وقال عبد الرحمن بشارات، 71 عاما، ومن سكان تجمع الحديدية في الأغوار: "إنهم يمارسون الضم ضدنا منذ عام 1967، ويحاولون حرماننا من كل حاجات الحياة الضرورية.. ونخشى الآن أنهم سيحاولون طردنا من أرضنا".

وقال إن المياه في الحديدية نادرة، لدرجة أننا نستحم مرة واحدة في الأسبوع فقط.

ولم تقل إسرائيل إن كانت ستطرد الرعاة أم لا من القرى غير المنظمة، إن قامت بضم وادي الأردن، ولكن أرييلي يتوقع أنهم سيكونون أول ضحايا العملية".

وقال بشارات إن عائلته لن تقبل النقل إلى مكان آخر، "سنرفض المغادرة.. لقد ولدنا على هذه الأرض، وسنفعل كل ما بإمكاننا للبقاء هنا".

التعليقات (0)