قضايا وآراء

الهاربون من 30 يونيو

ماجدة محفوظ
1300x600
1300x600
تطل علينا بعد ساعات قليلة الذكرى السابعة للانقلاب العسكري، الذي خطط له المجلس العسكري بعد تتويج السيسي لقيادته منذ اللحظة الأولى لانطلاق ثورة 25 يناير.

وهكذا كان شهر حزيران/ يونيو على موعد جديد لنكبة جديدة، تسجل في تاريخ مصر. فالثورة التي جاءت لترفع رأس المصريين لعنان السماء في وقت كاد أن ييأس كل العالم من ثورة المصريين لكرامتهم المهدورة على بيادة الديكتاتورية ودفاعا عن حقهم في وطن حر يملك غذاءه ودواءه وسلاحه، منعت تقدمها نكبة 30 حزيران/ يونيو، وللمرة الألف بأيدي وتنفيذ المجلس العسكري، ليثبت المثبت من خيانته التاريخية للعسكرية المصرية ولشعب مصر، وليضيف نكبة 30 حزيران/ يونيو لسجل النكبات التاريخية لمصر.

وكعادة النكبات في إظهار الخيانات والأخطاء فعل انقلاب 30 حزيران/ يونيو، واتضح ذلك لكثير من المصريين منذ اللحظة الأولى، وتجلت الصورة على فترات زمنية مختلفة للآخرين حتى بات كل الشعب المصري يؤمن بارتكاب المجلس العسكري بقيادة الجنرال المنقلب عبد الفتاح السيسي؛ الخيانة العظمى بجريمة مكتملة الأركان، في قتل ثورة 25 يناير وتطويق حلم المصريين الذين خرجوا ثائرين على واقع مصر المتردي في الميادين بالملايين.

وبعد سبع سنوات عجاف جفف فيها السيسي ومجلس عصابته موارد وثروات وأمن مصر القومي في الداخل والخارج، أصبح المطلب الرئيسي لذكرى نكبة 30 حزيران/ يونيو، رحيل السيسي ومحاكمته.

حقا لقد انكشفت ورقة التوت عن الجميع وظهر المنافقون في مصر الثورة؛ فلقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن صفات المنافق ثلاث "إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان"، فهل فعل السيسي ومجلسه العسكري إلا ذلك؟ هم الكاذبون، والمخلفون، والخائنون، ولكن هل كانوا وحدهم مَن خان، وكذب، وخلف وعده مع المصريين؟!

لا شك في أن أطراف 30 حزيران/ يونيو الهاربة منها لديها مسارات مختلفة، بل متناقضة في أهدافها، فهذا معسكر يتبع غاياته في سرقة مصر لصالحه مبررا لنفسه الخيانة العظمى لمصر وشعبها، وهذا معسكر أوكل له المصريون ثمار الثورة، آمن بأنه الأقدر على حكم مصر فأضاعها، وذاك معسكر يرى أنه زرع الثمار ولكنه استعجل قطافها فأطعمها للذئب المتربص بها.. كل هؤلاء يبحثون في سعي حثيث عن صك البراءة، أو على أقل تقدير عن طرق ومسارات لا تربطهم بهذه النكبة التي قوّضت منجزات الثورة سريعا وبعثرت حلم الشباب المصري.

ورغم أنها سبع سنوات عجاف، مرت على الجميع، فما زال الشك قائما لدى الجميع ومن الجميع، فكل طرف يُحمّل الآخر مسؤولية الفشل، ولكن المؤكد الذي يهرب منه الجميع أن لا أحد قد نجح.

والأكثر تأكيدا في كل هذا، صفرية المعادلة، حيث لا سبيل للمصريين في استعادة مسارة ثورة يناير إلا بخلع المجلس العسكري بالثورة عليه ومحاكمته، ولا طريق أمام المجلس العسكري بقيادة السيسي إلا قمع الشعب المصري بكل فئاته بقبضة أمنية حديدية، لوأد أفكار الثورة والحرية والعيش الكريم لدى الشعب المصري، أضف إلى ذلك الأيادي الخارجية التي توجست من ثورة يناير واستئصالها لعملائها في مصر، ما جعل السيسي يسارع الوقت لهدم مصر داخليا وخارجيا في خطوات تصاعدية بإيعاز من الأيادي الخارجية، لتدخل مصر السنوات العجاف الأكثر بؤسا في تاريخها.

سجن صغير أو حتى كبير وُضع فيه المصريون، فهل تُرك لهم خيار إلا الثورة للهروب من لعنة نكبات حزيران/ يونيو، وتحرير أنفسهم من الخوف والإرهاب الذي فرضه المجلس العسكري بقيادة السيسي عليهم، واستعادة ثورتهم المكبلة بأيدي المجلس العسكري وأعوانه؟

ويبقي الأمل في تحرر الشعب المصري من عباءة نفاق السيسي ومجلسه العسكري، وأن تخرج نخبة جديدة تستحق شرف قيادة الكفاح ضد ظلم المجلس العسكري وخيانته لمصر وشعبها، ليكون الهروب من نكبة 30 حزيران/ يونيو لنصر جديد واقع، فهل كان نصر تشرين الأول/ أكتوبر (1973) إلا بعد نكبة حزيران/ يونيو (1967)؟
التعليقات (0)