قضايا وآراء

عندما يُستخدم التسامح مع الآخر كسلاح للتستر على قمع المواطن الإماراتي

أحمد الشيبة النعيمي
1300x600
1300x600

تهرب بعض الأنظمة القمعية من عذاب الضمير والسمعة الملوثة بالجرائم التي ترتكبها في حق المواطنين من أصحاب الرأي؛ إلى الإسهاب في الحديث عن كرمها الزائف في التعامل مع بعض الأجانب، والبحث عن أدوار تمثيلية تعويضية محدودة لإظهار تسامحها ونزعتها الإنسانية خارج الميدان الأول، وفي محاولة بائسة ومكشوفة للتستر على القمع بأقنعة التسامح المزيف.

وفي هذا السياق، نسمع بين الفينة والأخرى أن السلطات في الإمارات جمعت شمل عائلات من هنا وهناك، حصل ذلك مع فتاة بريطانية، وتم جمع شمل ولد بريطاني في رأس الخيمة مع أمه، وسمعنا الآن قصة العائلة اليهودية ذات الأصول اليمنية. ويرتبط في الغالب ظهور أي قصة من هذا النوع مع تصاعد وتائر جرائم القمع الداخلي والتنكيل بالمجتمع الإماراتي، وحرمان معتقلي الرأي من أبسط الحقوق ومعاقبة عائلاتهم، واحتجاز عائلات أصحاب الرأي الإماراتيين الموجودين في الخارج، ومصادرة حق العائلات في السفر إلى الخارج واللقاء بأقاربهم، فمعظم أهالي المعتقلين ممنوعون من السفر ومحرومون من ملاقاة أهاليهم خارج الإمارات.

 

يرتبط في الغالب ظهور أي قصة من هذا النوع مع تصاعد وتائر جرائم القمع الداخلي والتنكيل بالمجتمع الإماراتي، وحرمان معتقلي الرأي من أبسط الحقوق ومعاقبة عائلاتهم، واحتجاز عائلات أصحاب الرأي الإماراتيين الموجودين في الخارج

ومن أصناف التنكيل بالأقارب وتقطيع الأرحام؛ منع أقارب بعض المعتقلين من زياراتهم في سجون "التسامح والإنسانية". ونستحضر هنا قصة سلمان، ابن عبد السلام درويش المرزوقي، المصاب بمرض التوحد والذي لم ير والده ولم يسمع صوته منذ أربع سنوات. وكذلك أمينة العبدولي، المعتقلة بسبب تغريدة تساند بها أهل سوريا في ثورتهم على نظامهم المجرم، حكت مأساة أبنائها الخمسة الذين يعانون الويلات منذ ما يقارب الخمس سنوات، فيتنقلون بين أقاربهم لإيجاد مأوى، وقد حُرموا حضن أمهم فلا يلتقونها إلا من وراء زجاج. وفي سجون التسامح لا يُسمح للمعتقل حتى بالاتصال الهاتفي مع أهله خارج الإمارات، وإذا تم السماح له بالاتصال بأهله في الداخل فإنه يحدث مع التنغيص بقطع المكالمة وتقصير مدتها، وقد ينقطع التواصل لمدة أشهر دون أي سبب معلوم.

إن الطريقة الوحيدة التي تستريح فيها ضمائر مرتكبي هذه الجرائم بحق الشعب الإماراتي هي البحث عن عائلة خارج إطار المجتمع الإماراتي وإكرامها وجمع شملها بأهلها، حتى يعرف العالم كمية التسامح الفائض الذي يتمتع به نظام الحكم، والذي فاض تسامحه على سجون معتقلي الرأي في الداخل وضحايا والاغتيالات والسجون السرية في اليمن، ولم يعد هناك غير أن يوزع فائض التسامح في مشارق الأرض ومغاربها.

 

الطريقة الوحيدة التي تستريح فيها ضمائر مرتكبي هذه الجرائم بحق الشعب الإماراتي هي البحث عن عائلة خارج إطار المجتمع الإماراتي وإكرامها وجمع شملها بأهلها، حتى يعرف العالم كمية التسامح الفائض الذي يتمتع به نظام الحكم

ولا ننسى هنا ما تناقلته الأخبار لنقل صورة من صور التسامح المزيف، وهي أنه في الوقت الذي كان يعاني عشرات الآلاف من المواطنين العرب المتضررين من جائحة كورونا في الإمارات ظروفا إنسانية بالغة التدهور، بدون مأوى ولا طعام بعد أن تقطعت بهم السبل بسبب أزمة فيروس كورونا المستجد، وفي غياب أي دعم حكومي لهم؛ في ظل هذه الظروف كانت الطائرات تتجه إلى المغرب للبحث عن مواطنين صهاينة لإعادتهم إلى الكيان الصهيوني.

إنه التسامح المزيف والكرم الزائف الذي يستوعب الفاسدين والمجرمين من جميع أصقاع الأرض، وآخرهم ملك إسبانيا السابق خوان كارلوس، الملاحق قضائيا بتهم فساد، كما أكدت ذلك هيئة الإذاعة والتلفزيون البريطاني بي بي سي، ولا يستوعب دعاة الإصلاح المبدعين والأكاديميين الأحرار من أبناء الشعب الإماراتي نفسه.

وفي جميع الأحوال نتمنى أن يفيض جزء من هذا الكرم الزائف والنفاق الإنساني مع عائلات يهودية أو غيرها؛ إلى سجون القمع والتعذيب والتنكيل، حتى ينعم الشعب الإماراتي ببعض من الكرم الزائف مع الآخرين، ولو على سبيل المجاملة للشعب الإماراتي والشعوب العربية والإسلامية الذين تجمعهم بالشعب الإماراتي الهوية العربية والإسلامية.

التعليقات (0)