صحافة دولية

خبراء معهد بروكينغز يقيمون اتفاق الإمارات مع الاحتلال

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في نهاية كانون ثاني عن خطته للسلام المعروفة بـ"صفقة القرن"- جيتي
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في نهاية كانون ثاني عن خطته للسلام المعروفة بـ"صفقة القرن"- جيتي

شارك عدد من خبراء معهد بروكينغز في تقييم اتفاق تطبيع العلاقات الكامل بين الإمارات والاحتلال الإسرائيلي، المعلن عنه نهاية الأسبوع الماضي.

 

النزول عن الشجرة

 

وقال الباحث ناتان ساكس، المدير والزميل في المركز للسياسة في الشرق الأوسط، إن الاتفاقية التي أعلنت في 13 آب/أغسطس "ممتازة في حد ذاتها".

 

ويرى أن الاتفاقية تمنح "الأطراف (الإمارات، وإسرائيل، والإدارة الأمريكية) فرصة للنزول عن الشجرة فيما يتعلق بخطة الضم الإسرائيلية وفقا لرؤية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي أعلن عنها نهاية كانون ثاني/يناير الماضي.

 

ويوضح "يمكن للإمارات زعم أنها هي السبب التي منعت حدوث خطة الضم".


وأشار إلى ما كتبه السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة في مقال بصحيفة عبرية، حذر فيه من أن "خطط الضم ستؤثر على علاقات إسرائيل مع الدول العربية".


أما دونالد ترامب فوجد فرصة لتجنب خطة الضم التي سمح بها، وكل التعقيدات التي كان من الممكن أن تنتج عنها، في حين ظهر عبر الاتفاق  وكأنه أعطى منحة لحليفين من حلفائه.


ويعتقد أنه كان بالإمكان تجنب خطة الضم بقرار من واشنطن أو من تل أبيب، لكن ما حدث الآن الإمارات و"إسرائيل" سيتحركان للتعاون فيما بينهما علانية.

 

اقرأ أيضا: NYT: واشنطن تخطط لبيع F-35 إلى الإمارات رغم رفض الاحتلال
 

ويقول "الخاسرون كالعادة هم الفلسطينيون، فدول الخليج لن تنتظرهم طويلا. والسؤال حاليا عمن سيتبع الإمارات من الدول العربية، خاصة السعودية".

 

وينبه، في الوقت الحالي يضم معسكر الدول العربية التي وقعت اتفاق سلام مع "إسرائيل"، مصر والأردن ولبنان، الذي وقع اتفاقية لا قيمة لها أثناء الغزو عام 1982، وتظل أقل تأثيرا من تلك التي وقعتهما "إسرائيل" مع مصر عام 1979 والأردن عام 1994.

 

الأردن هو الرابح

 

أما الزميل في المركز لسياسة الشرق الأوسط بروس ريدل فقد قال إن "الأردن هو الرابح الأكبر من الاتفاقية".


ويقول: "الضم الإسرائيلي لوادي الأردن كان سيحتاج إلى رد قاس من الأردنيين. ولم يستبعد الملك عبدالله الثاني إلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل".

 

ويريد الكثير من الأردنيين إلغاء معاهدة الغاز مع "إسرائيل" والتي كانت ستكلف الحكومة مبالغ طائلة.

 

ومن هنا فوقف الضم يزيح قنبلة موقوتة من أمام الملك.

 

ووجود دولة عربية غنية بسفارة لها في تل أبيب سيكون مفيدا للأردن، وستخفف عزلة عمان والقاهرة ولهذا السبب كان الملك يكيل المديح لمحمد بن زايد منذ شهور.

 

"احتمال فوز بايدن"


أما جيفري فيلتمان، الزميل الزائر في الدبلوماسية الدولية، فقد قال إن بنيامين نتنياهو الذي توقع فوزا لجوزيف بايدن في انتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة، ربما غير رأيه من خطة الضم، وحتى الضم الصغير الذي وإن رفض دوليا إلا أنه كان سيخلق حقائق على الأرض من الصعب التخلص منها.

 

ويقول "التطبيع مع الإمارات منح نتنياهو سلما للنزول عليه".

 

وقد يقول النقاد إن التطبيع سيلغي المبادرة العربية، لكن هذه المبادرة لم تترجم أبدا لمكاسب ملموسة للفلسطينيين. وتعليق الضم في النهاية يمنع من تأزيم الوضع على الأرض.

 

الفائز ترامب

 

ومن وجهة نظر تامارا كوفمان-ويتس، الزميلة في المركز لسياسة الشرق الأوسط، فإن الإمارات و"إسرائيل" لدى كل منهما أسبابه لتطبيع العلاقات، إلا أن الفائز الوحيد هو دونالد ترامب الذي يواجه عاما انتخابيا بدون إنجازات كثيرة على صعيد السياسة الخارجية، وبفشل أكبر.


ويجب على ترامب ألا يرتاح من هذه الحقيقة. فنتنياهو ومحمد بن زايد حضرا نفسيهما جيدا لمرحلة ما بعد ترامب.

 

فقد سحب نتنياهو عن الطاولة خطة قال الرئيس الأمريكي المقبل أنه سيعارضها. فيما اتخذ ابن زايد خطوة سينال المديح عليها من الإدارة المقبلة.


وفي الوقت الذي أبعد محمد بن زايد بلاده عن السعودية فإنه ونتنياهو كشفا عن رهانهما في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل (موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية).

 

ويقول: "الخاسر الأكبر هم الفلسطينيون، ويبدو أن الإمارات مثل أنور السادات قدمت مصالحها على التضامن العربي مع القضية الفلسطينية".

 

دور إيران


وعلقت سوزان مالوني، النائبة المؤقتة لمدير برنامج السياسة الخارجية، أن الاتفاق بين الإمارات و"إسرائيل" لم يكن ليتم بدون مساعدة هادئة من إيران، التي أصبحت على مدى السنوات الماضية العدو المشترك لهما.

 

وكان "تعليق الضم" هو ثمن بسيط مقابل التطبيع الكامل مع دولة الإمارات.  وسيعطي الجانبين (الإماراتي الإسرائيلي) الفرصة للتقرب إلى ترامب وربما إدارة بايدن. 

 

اقرأ أيضا: معاريف: الإمارات تريد الخروج من الهامش.. هل يخدمها التطبيع؟
 

وردت إيران بشجب كامل للإعلان الذي تزامن مع تحسن في علاقتها مع الإمارات، وكذلك زيارة وزير الخارجية محمد جواد ظريف إلى لبنان المدمر.

 

وستتعامل طهران مع الإعلان عن الاتفاق كانتصار لنظامها الثوري وموقفها من "إسرائيل"، وستحاول استغلال ما تبقى من دعم للقضية الفلسطينية لتعبئة الجماهير العربية. إلا أن الاتفاقية تكشف عن انفصال بينها ومنطقة تحاول السيطرة عليها.

 

سلام مع نظام ديكتاتوري

 

ويعلق شادي حميد، الزميل البارز في المركز لسياسات الشرق الأوسط بالقول: "من الناحية النظرية لا أحد يمكنه معارضة السلام. ومن الناحية العملية فقد تمت مكافأة إسرائيل على أمر كان عليها ألا تفكر أصلا القيام به وهو الضم. وهذا ليس سلاما أو خطوة دبلوماسية بل خدمة للنفس".


ويكشف الاتفاق أن الديكتاتوريين العرب لا يهتمون بالحقوق الفلسطينية. وبالنسبة للإمارات فالاتفاقية إضفاء للرسمية على علاقات دافئة مع "إسرائيل". وهذه العلاقات دُفعت بالمخاوف من إيران، وتفضيل (الإمارات وإسرائيل) غير العادي لترامب على باراك أوباما.


ويجب التركيز هنا على كلمة "طغاة"، لأنه من الصعب قيام دولة عربية ديمقراطية بعقد سلام مع "إسرائيل".


ومن المفارقة أن هذه (تل أبيب) التي تزعم أنها واحدة من "الديمقراطيات في المنطقة" تفضل عقد علاقات مع جيران عرب غير ديمقراطيين.

 

وقت سيئ


وقال سلام فياض، الزميل البارز في برنامج السياسة الخارجية، إن الاتفاق هو إشارة أخرى عن وقت سيئ، فلم يكن يعرف القادة العرب الذين تبنوا المبادرة العربية للسلام قبل 18 عاما أن التطبيع مقابل الانسحاب من الأراضي المحتلة سيصبح تطبيعا مقابل "تعليق الضم" أو تأجيله لفترة سانحة.

 

وحصلت "إسرائيل" على مكافأة عظيمة لأنها قررت التوقف مؤقتا عن ارتكاب انتهاك جديد وصارخ للقانون الدولي (عبر تعليق خطة الضم).


 
التعليقات (0)