هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "ميدل إيست آي" البريطانية تقريرا، سلطت في الضوء على حالة الغضب في طهران؛ إزاء إقدام أبو ظبي على تطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي.
ولفتت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الخطوة وصفت في طهران بأنها "خيانة"؛ إذ من شأنها توفير موطئ قدم للاحتلال غير بعيد عن البر الإيراني، فضلا عن خلق المزيد من الثغرات الأمنية والاستراتيجية.
وحذّرت "ميدل إيست آي" من أن المشهد أطلق بالفعل موجة تهديدات إيرانية للإمارات، تنذر بـ"حرب باردة" جديدة في المنطقة، بعد أن كانت العلاقات على ضفتي مضيق هرمز تتجه نحو التهدئة، مؤخرا.
وتاليا نص تقرير الصحيفة البريطانية، كما ترجمته "عربي21":
بعد شهر من الإعلان الذي فاجأ به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العالم حول اتفاق السلام بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل – والذي اعتبر مكسبا جاء في وقته لمسعى ترامب الترشح للرئاسة من جديد – تستمر التداعيات السلبية بالنسبة لإيران في التراكم.
على الرغم من أن المسؤولين في الإمارات العربية المتحدة أصروا على أن الصفقة "غير موجهة ضد إيران" إلا أن هناك الكثير من الأسباب التي تدفع نحو الظن بأن الأمر على النقيض من ذلك.
كان برايان هوك، مبعوث وزارة الخارجية الخاص حول إيران، واحداً من عدد قليل من المسؤولين الأمريكيين الذين حضروا الاحتفال داخل البيت الأبيض، والذي تفاخر فيه ترامب بما توصلت إليه كل من الإمارات وإسرائيل والولايات المتحدة من "أجندة استراتيجية للشرق الأوسط" لتوسيع التعاون الدبلوماسي والتجاري والأمني. وكان هوك أيضاً حاضراً حينما أعلن ترامب عن توصل البحرين وإسرائيل إلى صفقة للسلام بينهما.
في الشهر الماضي، تنحى هوك وتم استبداله بمناصر شديد لإسرائيل هو إليوت أبرامز – الأمر الذي عزز الشكوك لدى طهران بأن إدارة ترامب تنوي زيادة الضغط على إيران وعلى حلفائها.
وبالفعل، لقد زاد توقيت الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي – بعد أيام قليلة فقط من انفجار بيروت الضخم، وهو الانفجار الذي رجحت شخصيات إيرانية أنه ناجم عن عملية إسرائيلية سرية تستهدف شل حزب الله – من المخاوف المتصاعدة في طهران من أن "محور المقاومة" الذي تتزعمه إيران قد تلقى ضربة مزدوجة.
وسرعان ما ورد في الأخبار أن رئيس المخابرات الإسرائيلية سافر إلى الإمارات العربية المتحدة بعد أيام فقط من الصفقة التاريخية، والتي لا تحظى بكثير من التأييد في الشارع العربي. ويعتقد على نطاق واسع بأن الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل ستزيدان من تعاونهما الاستخباراتي ليس فقط ضد إيران بل وأيضا ضد الحوثيين في اليمن الذين هددوا بشن هجمات بالصواريخ على أهداف داخل الإمارات.
ومن أكثر ما يقلق إيران موضوع الطائرات المقاتلة من طراز إف 35 التي وُعدت بها الإمارات كجزء من الاتفاق. فيما لو تم تسليم تلك الطائرات فإن مخاوف إيران الأمنية سوف تتفاقم، وقد يجبرها ذلك على الاعتماد بشكل أكبر على ترسانتها الصاروخية لمواجهة التفوق الجوي الذي سيكون قد تحقق لخصومها العرب في الخليج.
إلى أن يتبين ما إذا كانت الإدارة الأمريكية القادمة، سواء ديمقراطية أو جمهورية، ستمضى قدما ببيع طائرات إف 35 للإمارات، هناك قضية أخرى ذات صلة وهي المساعدة التي من الوارد أن تقدمها إسرائيل لتعزيز منظومة الصواريخ الدفاعية لدى الإمارات، وذلك دون إغفال القدرة الإسرائيلية على المساعدة في البرنامج النووي الإماراتي، أخذاً بالاعتبار المخاوف السعودية والإماراتية من "الطموحات النووية" الإيرانية.
الصدمة الشاملة
بحسب ما تحدث به لموقع ميدل إيست آي أستاذ علوم سياسية يقيم في طهران اشترط عدم البوح باسمه، فإن اتفاق الإمارات العربية المتحدة مع إسرائيل "متعدد الأبعاد ويتضمن مكونا أمنيا قويا يثبت اختراق إسرائيل وتسربها داخل الحسبة الأمنية في المنطقة. وهذا أحدث صدمة شاملة في البنية الأمنية الإقليمية."
لا عجب إذن في أن يسارع كبار المسؤولين في إيران إلى التنديد بالاتفاق واعتباره صفقة "خيانية" من شأنها، كما صرح القائد الأعلى في البلاد، أن "تسمح للنظام الصهيوني بموطئ قدم في المنطقة."
يتنبأ أستاذ العلوم السياسية المقيم في طهران بحدوث "تدهور كبير" في العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة وإيران في المستقبل القريب، والذي "سوف يبدد لا محالة كل الدفء الذي تحقق مؤخراً في العلاقات الثنائية بين البلدين."
تمثل ذلك الدفء في المساعدة الإنسانية التي قدمتها الإمارات العربية المتحدة لإيران التي تعاني من تداعيات جائحة فيروس كورونا وكذلك في الاجتماع الذي عقد بين وزيري الخارجية في البلدين، ولكن يبدو الآن أن ذلك كان مجرد تكتيك من قبل حكام الإمارات، الذين بدلاً من إقامة "سلام بارد" أو الاكتفاء بالتقارب، ألزموا أنفسهم بتعاون استراتيجي مع أعداء إيران.
وفي خضم التكهنات حول ضلوع إسرائيل المحتمل في الانفجار الأخير الذي وقع في مرافق ناتانز النووية في إيران وفي غيرها من المواقع، وأخذاً بالاعتبار مدى قرب الإمارات العربية المتحدة لإيران، ثمة تخوف الآن من أن عناصر أمريكية وإسرائيلية سوف يصبح لديها الآن قدرات أفضل لإلحاق الأذى بإيران. ولذلك فقد حذر القادة العسكريون الإيرانيون من أن الإمارات العربية المتحدة تواجه "مستقبلا محفوفا بالمخاطر".
طريق مظلم في الأمام
وصفت صحيفة كيهان الإيرانية، المحافظة والمتنفذة، الإمارات العربية المتحدة بأنها "هدف مشروع" لمحور المقاومة. في الوقت ذاته، تحدث الحرس الثوري عن "خيانة سافرة" للقضية الفلسطينية. ولما كانت الأصابع الإيرانية هي التي تطلق الصواريخ الحوثية، فإذا لزم الأمر قد تتعرض مطارات أبوظبي وغيرها من المواقع المهمة للضرب، الأمر الذي سيؤدي إلى هروب رؤوس المال.
وبالفعل، تتواجد الكرة الآن في ملعب الإمارات. لقد اختار حكامها بوضوح مسارا معاد لمصالح إيران الإقليمية، وقد يأتي ذلك على الروابط الاقتصادية بين إيران والإمارات العربية المتحدة – إلا فيما لو رأى حكام الإمارات مصلحة في استرضاء طهران من خلال زيادة التعاون معها في الجهود التي تبذلها للالتفاف على العقوبات المفروضة عليها.
ولكن حتى الآن فإن تركيا، التي تعارض العقوبات الأمريكية على إيران وصدر عنها ما يشبه الانتقادات الإيرانية للإمارات، تستفيد من الصفقة، حيث أن طهران وأنقرة يقتربان أكثر فأكثر من بعضهما البعض.
ونتيجة لذلك، وعلى المدى القصير، لا يمكن لأي قدر من التطمينات الإماراتية أن يبدد ما لدى إيران من شكوك وتخوفات بشأن التوجه الذي اختارته أبوظبي انسجاماً مع المخططات التي رسمتها واشنطن وتل أبيب للمنطقة.
يبدو أن العلاقات بين إيران والإمارات العربية المتحدة مقدر لها أن تسوء كثيرا قبل أن تبدأ في استعادة عافيتها.