قضايا وآراء

محمد علي وزمن المعجزات

أسامة جاويش
1300x600
1300x600
عزيزي القارئ لو أنك تؤمن بأن المقاول المصري محمد علي لديه عصا سحرية يستطيع أن يخرج بها الملايين في الشوارع ضد السيسي، فهذا المقال ليس لك بالتأكيد، ولكن إن كنت تؤمن بحتمية التغيير التراكمي عبر موجات احتجاجية مستمرة، فهذا المقال بالتأكيد يخاطبك أنت.

ما الذي حدث في العشرين من أيلول/ سبتمبر من العام الجاري؟ هل هي ثورة حقا؟ وهل نزل خمسة ملايين إلى الشوارع كما قال محمد علي؟ وهل تحركت كل المحافظات المصرية إلى الميادين والشوارع الرئيسية؟ والسؤال الأهم هل رحل السيسي؟

للإجابة على تلك الأسئلة يجب أن نتوقف قليلا عند التوقعات وحقيقة المشهد المصري في الداخل والخارج، قبل أن نقيّم ونحلل ما جرى.

حقيقة الأمر، أنه ومنذ دعوة محمد علي المصريين للنزول في هذه المرة والتفاعل معه لم يكن كما كان في العام الماضي، هناك من شكك في الرجل، ولماذا يدعو الناس مرة ثانية إلى النزول، وهناك من هاجمه واتهمه بأنه يحرض الناس على مواجهة الموت والاعتقال وهو مقيم في الخارج، وهناك من جزم بأنه لا داعي لمثل هذه الدعوات فلن ينزل أحد أو يشارك، وهناك من ذهب لأبعد من ذلك؛ بأن اتهم محمد علي بأنه مدفوع من أجهزة مقربة للسيسي، بغرض تسليم النشطاء وكل من يشارك في تلك التظاهرات.

في ظل هذه الأجواء المعتمة وحالة اليأس المنتشرة، بدأ يوم العشرين من أيلول/ سبتمبر هادئا ساكنا، فلا توجد حركة أو تظاهرات في الشوارع، ما دفع الأذرع الإعلامية للتغريد عبر هاشتاج ساخر بعنوان #ابوس_ايديكوا_انزلوا، ولكن مع حلول الظلام تم التقاط فيديوهات وصور من 17 مكانا مختلفا في محافظات مصر خرجت فيها مظاهرات ضد عبد الفتاح السيسي ونظامه، مع ترديد هتافات مناوئة للنظام وحدوث بعض الاشتباكات مع الشرطة في الإسكندرية وغيرها، ليختفي الهاشتاج الساخر وليحل بدلا منه هاشتاج #الثورة_بدأت، وهاشتاج #يسقط_يسقط_حكم_العسكر، ويتصدرا التريند في موقع التغريدات المصغرة تويتر بآلاف التغريدات الداعمة للمتظاهرين في الشوارع.

سبع سنوات من القمع والتنكيل وزرع الخوف ولا زال هناك من يقوى على النزول ضد السيسي. هذا ما رأيته بالأمس، فهناك قطاع من المصريين ولو كان قليلا قرر كسر حواجز الخوف مرة واحدة والنزول إلى الشارع، غير عابئ لا بشرطة أو جيش أو حتى اعتقال، ولهؤلاء نرفع القبعة احتراما وتبجيلا.

من شككوا في النزول وفي أصل الدعوة وجدواها حركتهم هتافات الناس في الشوارع وشجعتهم الفيديوهات التي كانت تأتي تباعا من هذه المحافظة أو تلك، فكتبوا وشجعوا وأعادوا تغريد فيديوهات انسحاب المدرعات ومواجهة الصعايدة لقوات الأمن والشرطة.

أكثر مشهد لفت انتباهي هو مناشدة محمد علي الغاضبة لقنوات المعارضة أن تتحدث وتنقل ما يجري في الشوارع، للدرجة التي دفعته للهجوم عليهم واتهامهم بالخيانة. في الحقيقة قناتا مكملين والشرق كانتا في الموعد حتى قبل مناشدات محمد علي، فكانت مكملين بمذيعها محمد ناصر وببرنامجها الرئيس "مصر النهاردة" تنقل مشاهد التظاهرات لحظة بلحظة، في تبنٍ واضح لما يحدث على الأرض، وبدورها كانت قناة الشرق بمذيعها معتز مطر ووبرنامجها الرئيس "مع معتز" أيضا في الموعد بنقل مباشر لحظة بلحظة لكل الفعاليات التي تجري على الأرض، ثم استضافت محمد علي على الهواء مباشرة في تبنٍ واضح أيضا للتظاهرات على الأرض.

ما لفت انتباهي هنا هو أن محمد علي عندما احتاج مخاطبة المعارضة لم يخاطب النخب السياسية أو رموز المعارضة المصرية في الخارج أو الداخل، وإنما خاطب القنوات المعارضة، وهو يعطي مؤشرا كبيرا على تحول تلك القنوات من مجرد أدوات إعلامية إلى مشروع حقيقي يتم الاعتماد عليه في مثل تلك الأوقات، ولكنه أيضا يطرح تساؤلات كثيرة عن الوضع المزري الذي باتت تعيشه قوى المعارضة المصرية ورموزها في الخارج والداخل.

" ليست بالزخم المطلوب ولكنها ليست بالفشل المتوقع".. عبارة أقتبسها من الصحفي المصري سليم عزوز والتي كتبها على صفحته بالأمس معلقا على مشاهد التظاهرات، وهي عبارة معبرة للغاية عن مجريات الأحداث. نعم لم تكن بالزخم المطلوب فلم يخرج ملايين المصريين إلى الشوارع، ولكنها لم تكن بالفشل المتوقع بعدم خروج أي شخص إلى الشوارع.

خروج المصريين ولو بالعشرات إلى الشوارع يعطي دلالة بأن الأمل قائم والثورة كامنة في النفوس وشرارة التغيير حاضرة، وأن موجات الغضب تعلو يوما بعد الآخر لتغرق هذا النظام العسكري في ظلمه يوما ما، لعله يكون قريبا.

twitter.com/osgaweesh
التعليقات (2)
هيثم محمد حسان
الأربعاء، 23-09-2020 06:54 ص
كلام محترم من إنسان محترم تسلم
الكاتب المقدام
الثلاثاء، 22-09-2020 03:04 ص
... من يختزل الثورة في كونها خروج الملايين ضد السيسي، إما واهم أو مخدوع أو مخادع، فالسيسي ضابط سلاح المشاه كما كان خلال غالبية مدة خدمته العسكرية ليس إلا واجهة، وليس في شخصيته ولا قدراته ولا خبراته ولا ثقافته ما يستحق أي تقدير، فقد حكى عن نفسه علناً أن قائده قال له مين الضابط النتن اللي حط الدبوس في الاستيكة؟ فرد عليه بطاعة وخنوع ودونية: أنا يا فندم الضابط النتن. السيسي صنيعة صليبية صهيونية، بدأت طقوس صناعته في حارة اليهود في مطلع حياته، واستكملت أثناء تدريبه في أميركا، ولمن يظن أن مصطلح الصليبية هو مصطلح لواهمي نظريات المؤامرة، فإن بوش الابن رئيس امريكا في مطلع القرن هو الذي استخدم المصطلح علناً، ووصف حرب الغرب بأنها هي الحرب الصليبية، وقد قال ترامب عن السيسي أنه دنئ ومجرم ولكنه ديكتاتورنا، كما حضرت آشتون مفوضة الاتحاد الأوروبي إلى مصر عقب الانقلاب لإكساب جنرالهم المنقلب الشرعية بمحاولة إقناع الشهيد مرسي بالاستقالة، ليخلوا منصب الرئيس لجنرالهم المنقلب، والسيسي قد صرح بنفسه بأنه كان خلال الشهور السابقة للانقلاب على اتصال يومي يتلقى التعليمات من وزير الدفاع الأميركي، والسيسي مسخ خالي الوفاض، مغيب العقل، ممسوخ العقيدة، وقد قال بأن على المصريين أن يغيروا ما قدسوه عبر القرون، والمصريون لايقدسون إلا قرآنهم وسنة نبيهم، ومن يقول عن نفسه أنه طبيب الفلاسفة مختل العقل والنفس بلا ريب، ولكن وقف وراءه داعمين له في الداخل والخارج لنهب مصر واستذلال أبناءها كابن زايد وبن سلمان، وقد حركته الصهيونية لتدمير سيناء وتهجير أهلها قرباناُ لآلهة بني صهيون، وقد صرح بأنه قد جاء لحماية أمن اسرائيل، وقد وجد فيه العلمانيون ضالتهم المنشودة، فيما ظنوه أنه فرصتهم لتغيير الهوية الإسلامية للمصريين، فجال البرادعي واتباعه أشهراً في مختلف بلاد الأرض قبل الانقلاب لحشد التأييد الدولي للسيسي وانقلابه العسكري، والقائل بأن التغيير يكون عبر "موجات احتجاجية مستمرة" يريد تقزيم الثورة وإفشالها، فالموجات الاحتجاجية السابقة قد ووجهت برصاص قناصة عسكر السيسي، وتناثرت جثث وأشلاء ودماء آلاف المحتجين في الشوارع، كما خنقوهم في سيارات الترحيلات، وحرقوهم في المساجد في وضح النهار، ومن احتج واعترض فقد زجت بهم العصابة الانقلابية في غياهب السجون لتنتهك فيه أعراضهم، بتهم ملفقة من نظام قضائي فاجر، فهي ثورة عربية إسلامية شاملة ضد أنظمة إرهابية مجرمة، وهدف الثورة هو الحفاظ على هوية الأمة وشخصيتها، والحفاظ على كرامة شعوبها، وحمايتهم من الإفقار والاستعباد، ولو كره الكارهون.