هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شنت صحيفة "واشنطن بوست" في افتتاحيتها التي ترجمتها "عربي21" هجوما على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، محذرة من أنه يواصل الكذب ويدمر الحقيقة من أجل الفوز بفترة رئاسية ثانية.
وقالت الصحيفة: "لو هزم
الرئيس ترامب في تشرين الثاني/نوفمبر فهناك إمكانية لتصحيح الضرر الذي أحدثه على
النظام السياسي وتحالفات الولايات المتحدة الدولية".
ويمكن للمرشح
الديمقراطي جو بايدن "إعادة الأعراف السابقة والسلوك الرئاسي ويقوم بإحياء
العلاقات مع حلفاء الولايات المتحدة التقليديين"، إلا أن جزءا من "إرث ترامب
السام" الذي سيستمر بعده هو "إهانته للحقيقة في الحياة العامة".
وأشارت إلى أن
الديمقراطيات لا يمكنها العمل عندما تتفاقم الخلافات الأيديولوجية عبر نشر نظريات
المؤامرة والبيانات الكاذبة، لأن الحقائق المؤكدة هي أساس صناعة السياسة
والتسويات التشريعية.
وقالت إن ترامب
سرع في الانحراف داخل الحزب الجمهوري ورفضه للعلم والتقارير الموثوقة، موضحة أن "كذب ترامب المتواصل، من تضخيم عدد الحشود في يوم تنصيبه إلى كذبه حول فيروس
كورونا، أدى بعدد كبير من أنصاره للاعتقاد بأن ما يقال عنها خطأ أو أنها نتاج
عمليات تضليل يقوم بها أعداء الرئيس".
وفي الوقت نفسه
شن ترامب حملة لا ترحم للتقليل من مصداقية المؤسسات التي تحاول نشر الحقيقة والكشف
عن زيف القصص الكاذبة.
وركز ترامب على استهداف الأجهزة الاستخباراتية ومؤسسات الإعلام التي تحدثت عن التدخل الروسي في السياسة
الأمريكية، بما في ذلك الحملة الرئاسية الحالية. ووصفها بـ "الخدعة" الناجمة
عن شعوذة "الدولة العميقة".
وما يقوم به
الإعلام من كشف الفساد والمخالفات في إدارة ترامب، يروج له على أنه "أخبار
كاذبة".
وتقول الصحيفة
إن الرؤساء من قبله كذبوا وتلاعبوا بالحقيقة، لكن تشويه ترامب جاء على "قاعدة
ملحمية".
وحتى
تموز/ يوليو سجلت "واشنطن بوست" 20 ألف كذبة أو تصريح مضلل له منذ ثلاث سنوات ونصف من حكمه، منها ألف كذبة حول فيروس كورونا".
اقرأ أيضا: هذا ما ستتناوله المناظرة الأولى بين ترامب وبايدن
وتقول الصحيفة
إن كذب ترامب يتزايد بشكل كبير، ففي الوقت الذي جمع فيه ترامب أول 10 آلاف كذبة في827
يوما إلا أنه ضاعفها في 440 يوما فقط".
ومن الأكاذيب
الشائعة التي يروج لها ترامب هي أنه قام بإدارة أفضل اقتصاد لأمريكا في تاريخها ومرر
أضخم قانون للضريبة في تاريخها.
وفي أثناء
محاكمة الكونغرس له بالفضيحة الأوكرانية أطلق ألفا و200 كذبة، بما فيها إشارات
للنظرية الزائفة التي روجت لها المخابرات الروسية وهي محاولة أوكرانيا التأثير على
حملته الانتخابية عام 2016.
وتعرضت
المؤسسات الإعلامية التي حاولت الكشف عن التدخل الروسي ومحاولاته ابتزاز أوكرانيا
للكشف عن معلومات مضرة ضد منافسه بايدن مقابل الدعم العسكري، إلى هجوم مستمر من
الرئيس. أما مؤسسات الاستخبارات فقد تعرضت لعمليات تطهير سياسي لأنها حاولت
التحقيق بالموضوع.
وكانت النتيجة
هي الحد من قدرة الكونغرس على الاطلاع على إيجازات مكتوبة فيها إشارة لروسيا وصادرة عن
إدارة الاستخبارات القومية التي يترأسها الآن موال لترامب.
وعندما وصل
ترامب إلى البيت الأبيض كان مصطلح "أخبار زائفة" يعني تلك القصص
المنتشرة على الإنترنت ومصدرها روسيا ولاعبون معادون لأمريكا. لكن ترامب حول
المصطلح نحو المؤسسات الإعلامية الموثوقة.
وفي رد ترامب على سؤال من مراسل شبكة "سي
أن أن" في كانون الثاني/ يناير 2017 مهاجما إياه، قال: "أنتم أخباركم مزيفة".
ومنذ ذلك الوقت استخدم ترامب مصطلح (أنتم أخباركم زائفة) أكثر من
500 مرة على تويتر وحده. وبدأ بالإشارة إلى منظمات إعلامية مثل "سي أن أن" و"واشنطن
بوست" و"نيويورك تايمز" بأنها "عدوة الشعب" وهي عبارة رددها عشرات المرات.
وفشل ترامب في التقليل من مصداقية هذه المؤسسات باستثناء قاعدة أنصاره.
وفي دراسة نشرتها مجلة
"إيكونوميست" ومؤسسة استطلاعات "يوغف" فقد زادت الثقة العامة
بواشنطن بوست ونيويورك تايمز في الفترة ما بين 2016 و2018 فيما تراجعت الثقة
بالمؤسسات الموالية لترامب مثل فوكس نيوز وبريتبارت.
وكشفت مؤسسة
استطلاعات "بيو" عن نتائج مماثلة في كانون الثاني/ يناير الماضي. إلا أن
هجوم وصرخات ترامب عن "الأخبار الزائفة" تركت أثرا بعيد المدى عالميا.
واستخدمتها الديكتوريات وبعض الديمقراطيات لإسكات المعارضين.
اقرأ أيضا: NYT: منتج تلفزيوني صنع ترامب.. و"العرض" يقترب من نهايته
وبحسب
"فريدم هاوس" ففي الفترة ما بين كانون الثاني/ يناير وأيار/ مايو 2019
قامت 26 دولة على الأقل بتشريع أو إصدار تنظيمات تجرم وتحاكم أي شخص يتهم بنشر
"الأخبار الزائفة".
وانضمت دول
أخرى إلى القائمة، وكلها تبعت ترامب مثل: مصر وبولندا وهنغاريا وتركيا وكوريا
الجنوبية والفلبين. وتبع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ترامب في
استهدافه "سي أن أن".
وساعد ترامب
على زيادة حالة الاستقطاب في ما كان يعرف بـ"المجال العام للمعلومات"داخل أمريكا.
وفي استطلاع "بيو"
كشف أن الجمهوريين فقدوا الثقة بالإعلام الرئيسي، خاصة تلك المؤسسات التي هاجمها
ترامب. ويعيش معظمهم الآن في عالم مواز تبدو فيه التغيرات المناخية أسطورة وأن
الولايات المتحدة تقود العالم في مكافحة فيروس كورونا.
وترى الصحيفة
أن حملة ترامب لهزيمة بايدن تقوم على أكاذيب. ففي تجمعاته قام مع أنصاره بتكرار
الأكاذيب ومنها: أن بايدن يريد قطع التمويل عن الشرطة، وأنه يشجع الشغب في المدن
الأمريكية، وأنه وابنه قاما بتعاملات فاسدة مع أوكرانيا والصين. ولو خسر،
فسيخبر ترامب أتباعه بأنه هزم بسبب "التزوير" وسيصدقونه.
وتضيف أنه "حتى لو غادر
ترامب البيت الأبيض في كانون الثاني/ يناير فستظل البلاد تعاني من انفصام الحقيقة
عن الكذب. ولو انتصر فمن المؤكد زيادة حربه ضد الحقيقة. ففي فترة رئاسته الأولى
اتخذ خطوات لتدمير الصحافة والإعلام الذي يمثل التيار الرسمي في أمريكا".
وحاول ترامب منع دمج "إي تي أند تي" مع "تايم وورنر" التي تملك "سي أن أن". وحاول أكثر من مرة التسبب بضرر لشركة أمازون، التي يملك
صاحبها جيف بيزوس صحيفة "واشنطن بوست".
وفي حال فوزه في الفترة الرئاسية الثانية سيقوم ترامب بزيادة الهجمات، وربما أجبر مؤسسات صحافية على البيع لمؤسسات موالية له.
وسيقوم بتعيين
موالين له بدلا من رجال الاستخبارات المهنيين، وربما حَوّل مؤسسات إعلامية مثل
"صوت أمريكا" إلى بوق دعائي له. وسيكون هدفه جعل روايته عن الواقع تتسيد
الخطاب السياسي بدون أي اعتبار للحقيقة.