هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
روى صحفي إسرائيلي مذكراته القاسية عن مجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين بلبنان في ذكراها الثامنة والثلاثين، حين "حمل المتطوعون جثث الفلسطينيين على نقالات إلى حفر جديدة، وقاموا بترتيبها في صف واحد، وارتدى شبان فلسطينيون أقنعة بيضاء حماية من الرائحة الكريهة، وحفروا حفراً إضافية بجنون، بينما تجول مئات المدنيين حولها، وهنا وهناك تطل يد أو قدم من بين بقايا المنازل المهدمة".
وأضاف أفراهام رابينوفيتش مؤلف كتب "حرب يوم الغفران، معركة القدس، القدس على الأرض"، بمقال لموقع زمن إسرائيل، ترجمته "عربي21" أن "هذه الذكريات هي الحلقة المروعة لمغامرة إسرائيل ببيروت عام 1982، وشهدنا فيه العديد من الأحداث الهامة: انسحاب سيناء، إخلاء المستوطنات، وغزو لبنان، الذي تخلله وصول أنباء مقلقة عن مذبحة بمخيم لاجئين نفذتها مليشيات مسيحية، وبدأ رئيس الوزراء مناحيم بيغن يتلقى التقارير المشوشة التي نقلها مساعدوه".
وأوضح أن "بيروت الغربية، ومعظمها من المسلمين، حيث توجد مخيمات اللاجئين، أصبح وصولها متاحًا فقط بعد إبعاد ياسر عرفات ومقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية في 30 أغسطس.. وقفت مع صحفيين آخرين على السطح المطل على الميناء، أراقبهم وهم يستقلون عبارة بيضاء نقلتهم للمنفى في تونس، وبات سهلا الاعتراف بأن وزير الحرب أريئيل شارون، الذي بادر بالغزو، أنشأ نظامًا جديدًا في لبنان".
ونقل عن "أحد الجنود الإسرائيليين اعترافه بأن وحدات من الكتيبة انتشرت بالمنطقة، وسمعت طلقات نارية متقطعة ليلة المجزرة، في حين استخدم منفذو المجزرة السكاكين لقتل الفلسطينيين لتجنب الطلقات النارية التي قد تكون مسموعة، وحين دخلنا المخيم بعد ثلاثة أيام ما زالت الجثث مبعثرة في الشوارع والأزقة، وتراوح عدد القتلى بين 800 و3000، وانتشرت العشرات من الجثث مغطاة بالبطانيات، وملقاة بالقرب من مدخل المخيم".
اقرأ أيضا : مجزرة "صبرا وشاتيلا".. ألم متجدد رغم بعد الزمان (إنفوغراف)
وأكد أن "الجانب الأكثر إثارة للقلق في المجزرة، هو مسألة ما إذا كانت هناك مؤامرة إسرائيلية هنا، لأن الوحدات العسكرية الإسرائيلية تمركزت بالفعل عند مفترق طرق غربي مخيمي صبرا وشاتيلا، والمظليون الإسرائيليون عرفوا أن الكتائب اللبنانية المسيحية على وشك دخول المعسكرات لتطهيرها من مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية الذين تركهم عرفات خلفه، وهذه رواية تدحض ما قاله رئيس الأركان رفائيل إيتان".
وأضاف أن "الجنرالين إيتان وشارون اجتهدا في محاولة التنصل من المسؤولية عن المجزرة، رغم أن دخول الكتائب اللبنانية المسيحية للمخيمات تم بالتنسيق الكامل مع الجيش الإسرائيلي، صحيح أنه لم يخطر ببال الكثير من الجنود والضباط الإسرائيليين أن يؤدي هذا إلى مجزرة، لكن بقاء الاحتلال الإسرائيلي في لبنان مفسدة".
وأشار إلى أن "جميع الجنود الإسرائيليين خافوا أن تتلطخ سمعتهم بسبب المجازر التي ارتكبها حلفاؤهم ضد أعدائهم اللدودين، وتشويه صورة إسرائيل، التي باتت الرواية ضدها على أنها أرسلت الكتائب إلى مخيمات اللاجئين، وحين وصلت أضاءوا مسرح القتل لهم، ما يجعل إسرائيل تتحمل مسؤولية أخلاقية لأنها وضعت القتلة في الباب الأمامي، ولم تتخذ أي خطوات لمنع ما حدث".
وأوضح أنه "بعد عشرة أيام من مجزرة صبرا وشاتيلا، عينت الحكومة الإسرائيلية لجنة تحقيق ضمت رئيس المحكمة العليا يتسحاق كوهين والقاضي أهارون باراك والجنرال يونا إفرات، وفي نهاية تحقيق استمر أربعة أشهر، قررت أن دخول المخيمات تم دون اعتبار لخطر أن صانعي القرار اضطروا للتنبؤ به على أنه محتمل، وأوصت باستقالة شارون، وبعد رفضه الاستقالة، أقيل من وزارة الحرب، لكنه ظل في الحكومة وزيرا بلا حقيبة".