هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تحدث جنرال إسرائيلي بارز، عن بعض الفروقات الكامنة بين تطبيعي الإمارات الغنية والسودان الفقيرة مع "إسرائيل"، التي ترى في تطبيع الخرطوم، أهمية كامنة في الزخم الدبلوماسي الإسرائيلي مع العالم العربي.
ورأى رئيس معهد بحوث الأمن القومي
الإسرائيلي والرئيس السابق لشعبة الاستخبارات، جنرال احتياط عاموس يدلين، في مقاله
الافتتاحي لصحيفة "يديعوت أحرنوت"، أن "الأهمية الأساسية للتطبيع مع
السودان، هي في تواصل الزخم الإيجابي الناشئ؛ فهذا هو الاتفاق الثالث للتطبيع في
الأشهر الأخيرة، فهو لا يعزز الفهم القائم في العالم العربي والإسلامي؛ بأن الفيتو
الفلسطيني على إقامة علاقات مع إسرائيل لم يعد قائما".
ومع ذلك، فإن "مراجعة واعية
للإعلان المشترك، توضح أن هذا ليس اتفاق سلام شامل ونوعي مثل الاتفاق مع
الإمارات"، بحسب الجنرال الذي أشار إلى وجود "5 مناظير للفرق بين هذين السياقين".
الأول: "السلام مقابل
اللاحرب"
وأوضح أن "الإنجاز الدبلوماسي
والاستراتيجي المبهر في تطبيع الإمارات يجد تعبيره في أنه السلام المطلق، سلام حار
بين الزعماء وبين الشعوب، سلام يتعلق في كل مجالات الحياة"، بحسب زعمه.
وفي المقابل، فإنه "في السودان سجلت
منذ الآن خلافات على مجرد الإعلان عن التطبيع مع إسرائيل، بين المجلس العسكري
المؤيد للتطبيع، وبين الحكومة المدنية التي تتحفظ منه، فيما تحرق أعلام إسرائيل في
ساحات الخرطوم وتطلق أصوات سياسية تتحدث ضد التطبيع".
الثاني: "اللاحرب التاريخي
مقابل الحساب التاريخي السلبي"
وقال يدلين: "يتصدر زعماء
الإمارات فكرا معتدلا وحديثا، ولم يسبق أن قاتلوا ضد إسرائيل، أما مع السودان، فتوجد لإسرائيل حسابات غير بسيطة؛ من حرب 1973، التي شاركت فيها قوات سودانية، إلى الدعم النشط للحركات الفلسطينية".
اقرأ أيضا: نقيب صحفيي السودان لعربي21: تراجع مخيف لحرية الإعلام
ونبه إلى أن "السودان سمح لإيران
بأن تقيم بنية تحتية لإنتاج الوسائل القتالية وشبكة تهريب لحماس والجهاد في
غزة"، معتبرا أن "الخرطوم هي ندبة في علاقات تل أبيب مع العالم العربي؛
فهناك تقررت اللاءات الثلاث في 1967، وإضافة إلى ذلك، فإنه في الخرطوم قتل السفير الأمريكي
بأمر من ياسر عرفات في 1973، كما أن زعماء السودان ارتكبوا جرائم حرب في إقليم
دارفور"، بحسب قوله.
الثالث: "مال إسرائيلي مقابل
مال أمريكي"
وزعم الجنرال، أن "التطبيع مع
الإمارات بادرت إليه واشنطن، والمقابل دفعته إسرائيل؛ بوقف الضم (السفير الأمريكي
لدى تل أبيب أكد أنه تعليق وليس إلغاء) والمس بتفوقها النوعي في المجال العسكري،
أما المسيرة مع السودان فبادرت اليها تل أبيب، والثمن دفعته واشنطن، بإخراج
السودان من قائمة الإرهاب، وبالمساعدة المالية للدولة التي تعيش أزمة اقتصادية
عميقة، وهكذا بخلاف الإمارات التي وصلت إلى العرس الدبلوماسي ببهجة وبفرح، يجر
السودانيون الأرجل على طول الطريق إلى الاحتفال".
الرابع: "التطبيع السريع مقابل
التطبيع الزاحف"
وبيّن أن "التطبيع مع أبوظبي
تحقق بسرعة كبيرة؛ الإعلان في آب والتوقيع في أيلول، إضافة لتوقيع سريع على
اتفاقات تعاون، ورحلات جوية متبادلة وعلاقات أكاديمية وتجارية واقتصادية، وحدها
جائحة كورونا تعيق السياح وتبادل الطلاب".
اقرأ أيضا: ندوة "عربي21": شعب السودان يرفض التطبيع والسلطة تخدعه
وبالنسبة للخرطوم، فإن "إسرائيل
بانتظار مسيرة طويلة من المصادقات، الاحتفال بعيد والشارع في الخرطوم لن يرد مثلما
رد الشارع في أبوظبي"، مؤكدا أن "الدعم الشعبي للفلسطينيين، إضافة إلى الوضع
السياسي الهش في السودان، تعدّ أثقالا هامة على التطبيع".
الخامس: "دولة صغيرة غنية مقابل
دولة كبيرة فقيرة"
ولفت يدلين إلى أن "الإمارات
دولة صغيرة مع اقتصاد متطور ومقدرات كثيرة، والسودان دولة كبيرة، لكنها مع اقتصاد
غير متطور"، منوها إلى أن "هناك طلبا في أبوظبي على القدرات الإسرائيلية
المتطورة؛ تكنولوجيا، طب، تكنولوجيا عليا وزراعة، أما قدرة السودانيين على شراء ما
يمكن أن تعرض إسرائيل، فهي متواضعة أكثر بكثير".
واعتبر أن أهمية "التطبيع
المتحقق بين إسرائيل والسودان، تكمن أساسا في الزخم الدبلوماسي لإسرائيل مع العالم
العربي والإسلامي وفي تعزيز قطع السودان عن إيران، وبقدر أقل في الإمكانية الكامنة
الأمنية والاقتصادية الفورية له".
وأما على "المدى البعيد؛ فموقع
السودان كجسر بين شمال أفريقيا العربي وجنوب أفريقيا، يمكن أن يحقق إنجازات كبيرة؛
سياسية وأمنية واقتصادية، وفي حال تمكنا من توجيه التطبيع إلى سلام حار أكثر، فإننا نطفئ
المواجهة مع الفلسطينيين ونثبت للسودانيين أن ثمار التطبيع تساهم في خروجهم من
الأزمة التي يعيشونها".
وأضاف: "لعله في المدى البعيد يتحقق نموذج للسلام الحار مع الإمارات في السودان أيضا".