كالعادة، بدأت فعاليات مهرجان الجونة السينمائي الذي يمتلكه رجل الأعمال والملياردير نجيب ساويرس. انتهى المهرجان بعواصف من النقد والشجب والسخرية؛ بسبب الفساتين العارية والأجساد المكشوفة لضيوف المهرجان.
ركز
الإعلام المصري بكل قنواته المقروءة والمرئية على فساتين الفنانات؛ وكأن مهرجان الجونة مهرجان للأزياء وليس مهرجانا لعرض الأفلام، وكأنه ليس نافذه مهمة للاحتكاك والتواصل والتفاعل والانفتاح على الآخر من خلال
السينما.
في كل
مهرجانات السينما وكذلك في مسابقات الأوسكار، هناك اهتمام إعلامي بأزياء وإكسسوارات النجمات، ولكن أيضا في المقابل هناك اهتمام بالغ الأهمية ببرنامج المهرجان وبأقسامه السينمائية المختلفة؛ حيث يتم تناولها بالتحليل والنقد وإجراء مقابلات مع صناع الأفلام من ضيوف المهرجان. ويتم أحيانا إجراء المقابلات من خلال وسائل التكنولوجيا للتواصل في حالة تعذر مجيء البعض لظروف خاصة.
وأذكر أن مهرجان "كان" قد أجرى مقابلة عبر السكايب مع، جان لوك جودار، في الندوة الخاصة بفيلمه؛ لتعذر وجوده في المهرجان. وبالتالي أتيحت الفرصة لكل محبي السينما من كل أنحاء العالم، أن يتواصلوا ويتعرفوا عن كثب، بآراء هذا الفنان المهم. هكذا يكون الاهتمام بفعاليات المهرجان؛ تغطية جدية بالمتابعة والتحليل والنقد والعرض والريبورتاجات.. إلخ.
ولكن أن يتوقف الإعلام فقط أمام فساتين الممثلات، فهذا بنظري من عجائب الانحدار والتردي. والذي زاد من الطين بلة هذه السنة هي مقاطعة عريضة من الوسط السينمائي مع الشجب والاتهام؛ بسبب تكريم الممثل الفرنسي جيرارد بارديو.
لقد تركز السبب على ما قيل عن تعاطفه ومناصرته لإسرائيل. هذه المقاطعة جاءت من وجهة نظرهم بأنها محاولة ناعمه للتطبيع من القائمين على المهرجان. كما أضيف اتهام آخر للمثل الفرنسي مفاده أن هناك تحقيقا معه في واقعة اغتصاب بفرنسا، ولم يبت بالتحقيق؛ ولكنه لم يُدن على أية حال إلى الآن.
يظل السؤال قائما: لِمَ أصبح الكلام عن المهرجان مقتصرا على إما التركيز فقط على الجانب الشكلي وإهمال جوهر المهرجان والهدف الذي أقيم من أجله، أو الاعتراض والشجب والمقاطعة، وإن اختلفت الأسباب؟ بعبارة أدق وأكثر قسوة، لقد تحول الاهتمام بمهرجانات السينما كالاهتمام بالأفراح البلدي؛ أجساد عارية وخناقات على المشاريب أو ما شابه. أبدا ليست هناك إشارة واحدة تلقي الضوء على البرنامج؛ وهو بالمناسبة يحتوي على أفلام هامة ومتنوعة. ولكن خناقة المشاريب والمنتدى أهم وأحلى.. أليس كذلك؟