هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
طرحت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، تساؤلات
بشأن إصرار الأردن على إجراء الانتخابات النيابية، في ظل التفشي الحاد لفيروس
كورونا، وعدم طرح خيارات أمام الأردنيين لتلافي المخاطر مثل التصويت عن بعد أو
بشكل مبكر.
ولفتت الصحيفة في تقرير ترجمته
"عربي21" إلى أن الكثيرين تساؤلوا في الأردن، عن ما إذا "كان
التصويت يستحق المخاطرة، وكان الانقسام واضحا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وانتشرت
عبارات من قبيل، قاطع الانتخابات من أجل صحتك، والتي راجت في البلاد".
وشددت على أن الوباء تسبب بأكثر من تعريض
حياة الناخبين للخطر، بل أنه قوض نزاهة الانتخابات، وكان واضحا انخفاض نسبة
المشاركة من 36 بالمئة في الانتخابات السابقة، إلى 29 بالمئة هذه المرة، والناخبون
لم يكونوا على يقين بإجراء الانتخابات، وهو ما انعكس على حملاتهم الانتخابية، وهو
ما خلق فرصا للفساد والتلاعب بها، وبالمحصلة كانت هذه أقل الانتخابات ديمقراطية في
تاريخ الأردن الحديث.
وأشارت الصحيفة إلى قيام 60 دولة حول العالم
بتأجيل انتخاباتها، بدلا من إرسال الناس للتصويت في الوباء، ولم تقدم الحكومة
الأردنية تفسيرا لماذا لم تفعل الشيء ذاته، وقال رئيس لجنة الانتخابات المستقلة،
إنه نظرا لأن فيروس كورونا لن يختفي قريبا" فلا فائدة من تأخيرها".
وأضافت: "لكن بالنظر إلى حالة عدم
اليقين الاقتصادي والتأثيرا المحتملة على الثقة بالحكومة، ربما رأى النظام أنه
بحاجة إلى إظهار فعاليته في تعزيز احترام مؤسسات الدولة واستقرارها، ودللت
بتصريحات وزير الداخلية أن إجراء الانتخابات في موعدها سيثبت للجميع قوة
الدولة".
وقالت الصحيفة
إن المجلس النيابي لا يتمتع بسلطة اتخاذ القرارات الرئيسية في الواقع، والحكومة
اتخذت كل قراراتها بشأن فيروس كورونا دون استشارته، ويهتم النواب بدلا من ذلك
بالموارد والموقع الذي يأتي مع المقعد النيابي، وهو ما يمكنهم من إقامة علاقات
والحفاظ عليها، وتأمين عقود عامة مربحة لأصدقائهم، أو توجيه مشاريع التنمية
المحلية إلى الجمهور.
ولفتت إلى أن
الدوائر الانتخابية العشائرية الموالية للنظام الملكي "ممثلة بصورة كبيرة، ودائما
ما تتمتع مناطقها بأعلى نسبة إقبال على التصويت" وشبهتها الصحيفة بـ"لعبة
الكراسي الموسيقية، التي قد تكون محفوفة بالمخاطر سياسياً على النظام".
ورغم إبقاء
الأردن الوضع الوبائي تحت السيطرة لأشهر، عبر فرض عدد من الإجراءات الأكثر صرامة
في العالم، وكان حينها 1200 حالة إصابة بالفيروس في كل البلاد، قدمت لجنة
الانتخابات تدابير صحية عديدة، مثل الاقنعة والقفازات وقيود التباعد.
لكن بحلول
موعد الانتخابات، كانت الإصابات قفزت إلى 104658، وكان السلطات تتأرجح بين مجموعة
مربكة من الإجراءات "هل نسمح بالعمل كالمعتاد، أم نفرض حظر تجول أم إغلاقا
كاملا".
وقالت الصحيفة إن انتشار شائعات قبل
الانتخابات بشأن تأجيلها، وعدم تأكيد الحكومة عقدها في موعدها، دفع المرشحين
للشكوى من عدم معرفتهم هل ينفقون المال من أجل الحملات أم ينتظرون، لذلك لم تنطلق
بعض الحملات رسميا إلا قبل أيام من التصويت.
وفرض الواقع الجديد بسبب الوباء، إلى انطلاق
حملات عبر الإنترنت، وتفاقمت المشاكل القائمة بالأساس، مع الطريقة التي سينتخب
فيها البرلمان، في بيئة تتسم بالانقسامات المختلفة والمتداخلة، مثل الموالون
للنظام مقابل المعارضة، والشرق الأردني مقابل الأردنيين من أصول فلسطينية،
الإسلاميون مقابل العلمانيين، ومئات القبائل والعشائر، مع الفئات الأخرى مثل
المسحيين والشركس.
وأشارت الصحيفة إلى أن النظام الانتخابي
الغامض، للقائمة المفتوحة، يعزز الانقسامات، ما يفرغ البرلمان من الكتل السياسية
الموحدة، ويوجب على المرشحين الدخول في قوائم مشتركة بحد أدنى 3 مرشحين على ورقة
الاقتراع، ثم يختار الناخبون من يفضلون من بينهم.
وقالت إن انتخابات 2016، "أظهرت أن هذا
النظام، يجعل من الصعب على أي قائمة الفوز بأكثر من مقعد واحد لكل دائرة، بسبب أن
المرشح المتوقع فوزه هو الأعلى فقط، لذلك فإن أعضاء القائمة لديهم حوافز لثني
ناخبيهم عن دعم حلفائهم في القائمة".
وأدى تدخل الحكومة وفقا للصحيفة، في إضعاف
القوائم، وربما بسبب قلة المراقبين الدوليين الذين حضروا الانتخابات، خلافا لما
قبل الجائحة والذين كانوا بالمئات، فإنهم لم ينشروا تقارير معمقة.
اقرأ أيضا: هل ينجح مجلس نواب الأردن الجديد بمواجهة أعباء كبيرة تنتظره؟