قضايا وآراء

نظرية التحرر الكامل من الاستبداد

إبراهيم الديب
1300x600
1300x600
الحق أحق أن يتبع، ولا يصح إلا الصحيح.. وهكذا هي منظومة التحرر والنهوض لا يمكن اجتزاؤها أو تفكيكها، حيث تبدأ بنظرية عمل تترجم إلى استراتيجية وسياسات وبرامج عمل تنفيذية.

لماذا النظرية وليس النموذج؟ بها نبدأ ونناقش ونمهد:

النموذج هو: فكر منظم لما يجب أن يكون، صورة صحيحة ومثال سابق لما ينبغى أن يكون، ويعد بمنزلة مرجع يقاس عليه، مما يعني أنه معلوم ومحدد سلفا، كما أنه نموذج عام يصلح لكل الحالات.

النظرية هي: منهج معرفي متكامل الأركان العلمية، فوق الرأي والتحليل والفرضية، موجه لفهم ظاهرة معينة، وكيفية التعامل العلمي المنهجي معها. يصممها الباحث المفكر وفق منهج علمي رصين ثم يحكّمها علميا، وميدانيا إن استطاع، لتصبح جاهزة للتسليم إلى المخطط الاستراتيجي لتصميم وصناعة استراتيجية ومشاريع تنفيذها ميدانيا، مما يعني أنها خاصة وموجهة لظاهرة معينة بعينها، كما أنها غالبا ما تكون جديدة وغير مسبوقة.

وفي حالتنا الخاصة بالتحرر من الاستبداد، فإننا نستخدم النظرية الخاصة الجديدة وليس النموذج المكرر، لعدد من الأسباب:

1- الخبرات المتراكمة التي تشكلت لدى النظم الاستبدادية حول الثورات العالمية السابقة على مدار التاريخ الإنساني وأسباب نجاح ما نجح منها، وأسباب إخفاق ما أخفق منها، مما أكسبها رصيدا وافرا من خبرات وسيناريوهات التعامل مع أي ثورات تقليدية متوقعة، واستيعابها والالتفاف عليها والقضاء عليها، مما يتطلب صناعة نظرية جديدة يمكن أن تكون معلنة، بيد أن أجزاء منها يجب أن تكون غير معلنة ومفاجئة للمستبد الخصم.

2- اختلاف نظام الاستبداد في كل دولة من الدولة، وكذلك اختلاف طبيعة المجتمع في كل حالة. كما أن الحالة المصرية لها الكثير من خصوصيتها التي تتعلق بقدم نظام وثقافة الاستبداد في مصر منذ نشأة الدولة النظامية على يد الفراعنة وحتى وقتنا هذا، مما ترك آثارا خاصة على طبيعة الشعب المصري، مما يتطلب نظرية خاصة تستوعب المعطيات الخاصة بمقومات الاستبداد، وتتعامل مع كل منها بشكل واقعي وعملي خاص لضمان القدرة على حصار نظام الاستبداد وهزيمته.

3- أهم المفردات الخاصة في الحالة المصرية التي تتطلب نظرية خاصة بها للتحرر من الاستبداد.

- المكانة الجغرافية والتاريخية لمصر في النظام الإقليمي والدولي، ومصالح النظام الدولي المتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعمل على وجود نظام حكم شديد الولاء للجيش الأمريكي ومصالحة في المنطقة، الذي رسخ لهذا الوضع منذ اتفاقية السلام 1977م.

- طبيعة النظام العسكري الاستبدادي وقِدمه ورسوخه وتمكنه من مفاصل الدولة في مصر.

- ارتفاع نسبة الأمية في مصر لما يبلغ 40 في المئة، مما ساعد النظام على تغييب وعي الشعب.

النظرية:

استعادة وعي ولحمة الشعب وجيشه وأمنه لتفكيك وتقويض أركان الاستبداد، وحصار عصابة الانقلاب، والتخلص الناعم منها بأقل تكلفة ممكنة، وإحلالها بهوية ومشروع وطني وقيادات وطنية بديلة، والتحول إلى بناء نظام ديمقراطي حقيقي متكامل الأركان الثقافية والقانونية والمؤسسية.

عناصر النظرية:

1- تنمية الوعي المجتمعى لشرائح المجتمع كافة، وفي مقدمتها أبناء الجيش والأمن.

2- تقويض البنية التحتية للاستبداد.

3- حصار الجنرال المنقلب وفريقه الأساسي.

4- الصراع المدني الأكثر ذكاء ومرونة لخفض تكلفة الصراع بشريا وماديا.

5- الإحلال الشامل للنظام، كأفكار وأشخاص ومؤسسات ومنهج عمل.

6- جاهزية المشروع الوطني البديل (المشروع الثقافي لمصر) والمكون من "الهوية الوطنية الواحدة + المشروع الاقتصادي + المشروع السياسي".

7- القيادات البديلة لقيادة الدولة وإدارتها، والمحافظة على استقرارها.

8- التفكيك المنظم لأركان الدولة العميقة ومفاصلها.

9- التأسيس الثقافي والبشري والقانوني والمؤسسي لمجتمع ديمقراطي حقيقي، يؤمن بالديمقراطية، ويقدم النموذج العملي في تطبيقها والمحافظة عليها.

10- مشروع ثوري متكامل الأركان (حركة تحرر وطني مؤسسية + هوية ثورية وطنية واحدة جامعة وحاشدة + قيادة ذكية + مشروع وطني بديل + قيادات بديلة + خريطة طريق بمسار زمني محدد).

أهداف النظرية:

1- التخلص الدائم من ثقافة ونظام الاستبداد، التي تجذرت في الشعب المصري لعقود طويلة.

2- تفكيك أركان وقواعد ومفاصل الدولة العميقة بشكل جذري، وتهيئة الثقافة والبنية التنظيمة لمجتمع دولة العلم والقانون والمؤسسات

3- إعادة تحرير وتنظيم علاقة الدولة بالدين والجيش والأمن، في إطار الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، التي تؤمن بالحرية والتعدد، والتداول السلمي للسطة، والتفاني في خدمة المواطنين.

4- بناء وتعزيز وتمكين ثقافة الحرية والديمقراطية وسيادة الشعب، كحصن أول لحماية الديمقراطية، ومكاسب ومقدرات الشعب.

5- بناء وتعزيز وتمكين ثقافة الاكتفاء الذاتي، والتنافس الحضاري.

6- تبني الشعب لمشروع مصر الحديثة وتحمل مسؤولية تحقيقه وإنجازه.

7- إعادة رسم علاقة مصر بالنظام الإقليمي والعالم على أساس الاعتراف بقوانين النظام العالمي في ظل موازين القوة الحالية، مع التفاعل معه وإقامة التحالفات اللازمة لتحقيق أكبر قدر من المصالح للشعب المصري.

المبادئ العامة للنظرية:

1- وضوح المعركة والخصم والمراحل والتركيز الشديد.

2- اللاعنف وتجنب الصدام، والاستنزاف والإرهاق بالكر والفر.

3- قوة التواصل الميداني التفصيل (التوجيه 42).

4- تقوية الذات وإضعاف الخصم.

5- الفصل بين النظام والدولة، وبين النظام والمنقلب وعصابته.

6- عزل المنقلب ودائرته الضيقة.

7- الشمول بالعسكريين والأمنين والإعلاميين ورجال الأعمال (رد المسروقات الكبيرة).

8- الابتكار وتجنب التقليد، وتحقيق المفاجأة.

9- تنظيم الأهداف والأفكار.

10- حرية وطلاقة الإبداع الفردي في الوصول للأهداف.

11- الثقة الكاملة في النجاح.

12- تكامل العناصر الأفكار مع الخطط والمشاريع والبرامج التفصلية، والبرامج وأدوات التنفيذ.

13- استيعاب المهمشين وإعادة توجيههم.

السيناريوهات المتوقعة

1- ثورة منظمة، وضغط ممنهج لحركة التحرر الوطني، يتبعه انقلاب عسكري داخلي لمحاولة تدارك الموقف، وتقديم وجه عسكري جديد، واستيعابه ثوريا نحو التحول الديمقراطي المنشود.

2- ثورة منظمة، وضغط ممنهج لحركة التحرر الوطني وتجاوب العسكر لاستيعاب المشهد والمشاركة في إدارة المشهد، وصولا إلى التحول الديمقراطي المنشود.

3- ثورة منظمة، وضغط ممنهج لحركة التحرر الوطني، وتجاوز وتحييد العسكر، والتحول الديمقراطي المنشود.

4- ثورة منظمة، وضغط ممنهج لحركة التحرر الوطني وتجاوز وتحييد العسكر، ثم إشعال وإرباك المشهد من قبل الجيش والأمن والدولة العميقة والدعم الإقليمي، وإطالة المدة حتى استعادة الاستقرار والتحول الديمقراطي المنشود.

خصائص النظرية وميزاتها:

1- الارتباط بواقع الأزمة (منها وبها ولحلها).

2- الشمولية والموضوعية والعملية.

3- الاستناد إلى قدرات وموارد محلية متاحة.

4- البناء التراكمي على التجارب الإصلاحية السابقة.

5- القابلية الكبيرة للتطبيق المحكم والنجاح المؤكد إن شاء الله.
التعليقات (0)