هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
على أنغام اليرغول والدبكة الشعبية والدحية زف الآلاف من الفلسطينيين العريس فادي ثابت الذي أصر على أن يكون عرسه عرسا بدويا كي يحيي هذا التراث والفلكلور الفلسطيني مجددا.
ويحرص الفلسطينيون في قطاع غزة ومنذ سنوات على أن تكون أفراحهم أعراسا بدوية وذلك لإحياء "العُرس البدوي" التراثي الذي اشتهرت به القبائل البدوية على مدار التاريخ حتى لغير أبناء القبائل البدوية ليتحول إلى ثقافة سائدة.
فادي ثابت واحد من آلاف العرسان الذين تم زفافهم خلال السنوات الماضية من خلال "العرس البدوي"، والذي أصبح أمنية كل عريس جديد قبل الإجراءات الجبرية التي فرضتها جائحة كورونا، قبل نحو عام.
ويُقام العرس البدوي بحسب محمد الرواغ قائد فرقة نشامة البادية "الشاويش" لإحياء التراث الشعبي الفلسطيني، في ساحة كبيرة يتم تجهيزها ببيوت الشَعر (الخيام) التي كانت تعتبر بيوتا للقبائل البدوية سابقا والخيول والجمال وكل ما يلزم لإقامة هذا العرس البدوي.
وأوضح الرواغ والذي يُكنى بـ"أبي شهاب" في حديثه لـ "عربي21" أنه قبل جائحة كورونا كانوا كل يوم يحيون عرسا بدويا في قطاع غزة، منوها إلى أن لديه 5 فرق فنية لهذا الغرض تجوب قطاع غزة من شماله إلى جنوبه.
وأشار إلى أنهم يبدؤون بالتحضير للعرس البدوي منذ ساعات الظهر بنصب بيوت الشَعر وإحضار الخيول والجمال ومعدات الدحية والدبكة الشعبية، وكل متطلبات العرس البدوي.
وأوضح أنهم مع غروب الشمس يبدأون الطقوس البدوية للعرس، من دحية ودبكة شعبية وأهازيج بدوية قديمة، وتجهيز القهوة العربية التي توقد لها النار، وتقام زفة العريس مع دخوله إلى العرس محمولا على الجمال ومن ثم تستكمل كل فقرات العرس حتى منتصف الليل.
وقال أبو شهاب: "إن رسالتنا من خلال إحياء العرس البدوي هي إحياء التراث الشعبي الفلسطيني والبدوي والثقافي، وتكريس الهوية الفلسطينية وتعزيز التراث الفلسطيني الذي توارثناه من أبنائنا وأجدادنا وسنورثه لأبنائنا وأحفادنا بعد مماتنا".
وأضاف: "أن الوعي الذي بات موجودا لدى الشباب الفلسطيني حول أهمية العرس البدوي سيكون له ما بعده على مدار السنوات القادمة، وقد لا تجد غير العرس البدوي في قطاع غزة لزف العرسان".
وأوضح أبو شهاب أن الأهازيج البدوية تكون عبر اليرغول والتصفيق، مشيرا إلى انه تم إدخال بعض المؤثرات الموسيقية عليها حيثُ مُزجت قوالب الغناء مع بعضها البعض وأدخلت عليها المؤثرات الموسيقية.
وشدد على أن هذا العرس يقدم قالبا فنيا جميلا وأصيلا والكلمات التي تتضمنها الأغاني تحكي قصة البداوة.
وأشار إلى أن مضامين الأغاني التي يتم الصدح بها في العرس البدوي تصف ما يجول في خواطر البدو، وتتحدث عن منازلهم وحياتهم ومشاعرهم وطقوسهم اليومية والعادات والتقاليد للقبائل البدوية التي يرجع أصلها إلى مدينة بئر السبع في الأراضي المحتلة عام 1948م.
ومن جهته أكد الدكتور إياد حمدان أستاذ الإعلام في الجامعات الفلسطينية، أن العُرس البدوي هو تقليد فلسطيني قديم تميزت به القبائل البدوية وأصبح جزءا من التراث والفولكلور الفلسطيني.
وقال حمدان لـ "عربي21": "من الملاحظ خلال السنوات الماضية انتشار كبير لإقامة العُرس البدوي وتسابق لدى العرسان الشبان على أن تكون أعراسهم بدوية".
وأضاف: "حتى العرسان الذين لا يقيمون الأعراس البدوية فإن فقرة الدحية التي هي من أساسيات العرس البدوي تكون حاضرة في كل هذه الأعراس".
وأشار الأكاديمي الفلسطيني إلى وجود وعي كبير لدى الشبان الفلسطينيين رغم كل المحاولات الغربية لتدجينهم وإبعادهم عن تراثهم وثقافتهم.
وأشار إلى أنه أصبح هناك العديد من فرق التراث الشعبي المختصة في إقامة الأعراس البدوية، ما يدلل على الزيادة في طلب إقامة هذه الأعراس.
وأكد حمدان أنه يحرص على حضور هذه الأعراس البدوية لتعزيز التراث الفلسطيني ويقوم باصطحاب ابنه البكر محمد.
وشدد العريس فادي ثابت في حديثه لـ "عربي21" على أن إقامته للعرس البدوي هي إحياء للفلكلور الفلسطيني وتمسكه بالثقافة التي كانت سائدة خلال السنوات الماضية.
وقال: "لا يمكن فصل هذا العرس البدوي الذي أقيم عن حياة البداوة التي ما زلنا نعيشها لنؤكد تمسكنا بتراثنا مهما كانت المغريات".
وأضاف: "السعادة التي عشتها حينما أقمت العرس البدوي في قرة جحر الديك وسط قطاع غزة بمناسبة زفافي لا تضاهيها أي سعادة، فيكفي حضور الآلاف من المواطنين لهذا العرس وتجسيد العادات والتقاليد التي تربينا عليها".
ونصح الشبان المقدمين على الزواج بضرورة إقامة العرس البدوي في زفافهم وذلك إحياءً للتراث الفلسطيني.
ولم يختلف رأي العريس صالح السماعنة عن رأي ومشاعر العريس فادي، حيث أقام الآخر عرسا بدويا شمال قطاع غزة يعتبر واحدا من أكبر الأعراس التي شهدها القطاع سواء بعدد الحضور أو فقرات هذا العرس الكبير.
وقال السماعنة لـ "عربي21": "العرس البدوي هو موروث أصيل وجزء من تراثنا، ورثناه عن آبائنا وأجدادنا وما زلنا محافظين عليه حتى يومنا هذا".
وأضاف: "حرصت على إقامة العرس البدوي لتجديد ترسيخ تراثنا في عقول الأجيال القادمة".
وأوضح السماعنة أن العرس البدوي في فلسطين عامة وفي غزة خاصة لاقى إعجاب الكثيرين من أبناء القبائل البدوية وجميع أطياف وفئات الشعب الفلسطيني لأنه يشعرهم بالانتماء للأرض والوطن ولاحتوائه على فقرات تراثية مثل الدحية واليرغول وإقامة بيوت الشعر وسباق الخيل.