هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعد أسبوعين من تطبيق قرار التعويم الجزئي للجنيه السوداني أمام الدولار، يظهر تساؤل مهم حول تأثير هذا القرار على الشارع، عقب الفجوة الكبيرة التي عاشتها البلاد على مدار الشهور الماضية، بين التداول الرسمي وأسعار السوق الموازية.
وفي 21 شباط/ فبراير الماضي، قرر المركزي السوداني توحيد
سعر صرف عملته المحلية الجنيه (تعويم جزئي) أمام الدولار والنقد الأجنبي، في محاولة
للقضاء على الاختلالات الاقتصادية والنقدية.
يقصد بالقرار، أن البنك المركزي سيكون له كامل الصلاحيات
في التدخل بأسعار الصرف في حال تجاوزها سقفا محددا من قبله.
وخفض المركزي السوداني السعر التأشيري لعملته من 55 جنيها
للدولار إلى 375 جنيها في أول أيام القرار، وبعد أسبوعين من التطبيق يستقر سعر الصرف
عند متوسط 390 جنيها.
اقرأ أيضا: لماذا خفض بنك السودان المركزي قيمة الجنيه 582 بالمئة؟
وعلى الرغم من المخاوف التي أثارها القرار قبل تطبيقه
داخل الحكومة الانتقالية، فقد استقبل السودانيون القرار بتدافع لدى المنافذ الرسمية لتحويل
مدخراتهم من النقد الأجنبي، في ظاهرة بدت غريبة طيلة السنوات الماضية.
ووجد قرار التعويم الجزئي للجنيه أمام العملات الأجنبية
تفاعلا مجتمعيا كبيرا وسط مبادرات فردية وجماعية لتحويل العملات الأجنبية عبر المصارف
والصرافات، بدلا من الأسواق الموازية (غير الرسمية).
الأسبوع الماضي، كشف محافظ المركزي السوداني الفاتح زين
العابدين، أن حصيلة مشتريات البنوك من النقد الأجنبي خلال الأيام الخمسة الأولى من
القرار، بلغت 25.4 مليون دولار والمبيعات 20.4 مليون دولار.
وبحسب تجار عملة، فإن الفجوة بين الأسعار الرسمية والأسعار
الموازية كادت تنتهي بعد أسبوعين من تطبيق القرار، وسط توقعات باختفاء السوق الموازية،
في حال عودة ضخ النقد الأجنبي عبر القنوات الرسمية.
اقرأ أيضا: تقرير يستعرض أسباب تدهور الجنيه السوداني (شاهد)
وأكد تاجر عملة بالسوق الموازية وسط العاصمة السودانية، الخرطوم، وفضل حجب هويته، وجود تقارب كبير بين أسعار الدولار في الأسواق الموازية والأسعار في المصارف والصرافات.
وأوضح في حديثه مع الأناضول، أن سعر شراء الدولار في
تداولات الثلاثاء سجلت 379 جنيها فيما بلغت أسعار البيع 381 جنيها، في تقارب كبير مع
السوق الرسمية.
وتأرجحت الأسعار في الأسواق الموازية قبل قرار التعويم في حدود الـ 300- 400 جنيه، مقابل 55 جنيها لدى المركزي السوداني.
بينما رهن الخبير الاقتصادي محمد الناير، نجاح قرار التعويم الجزئي للجنيه السوداني، بتوفر احتياطيات مقدرة من النقد الأجنبي لا تقل عن 5 مليارات دولار.
وأفاد الناير للأناضول، بأن استقرار أسعار صرف الجنيه
السوداني أمام الدولار في الأسواق الموازية، مرده أن الأخيرة تختبر قدرة الدولة على
ضخ أموال مقدرة من النقد الأجنبي، في حال زيادة الطلب.
"من
المهم أن تستغل الحكومة الانتقالية التفاعل المجتمعي مع القرار، في جذب مدخرات المواطنين
في الداخل والخارج عبر منحهم التسهيلات اللازمة وزيادة ساعات عمل المصارف، وفتح مزيد
من الصرافات"، بحسب الخبير الاقتصادي.
اقرأ أيضا: تنفيذ حوالة بنكية من الخرطوم لواشنطن لأول مرة منذ 24 عاما
فيما يرى الصحفي المتخصص في الشؤون الاقتصادية، عبد الوهاب
جمعة، أن قرار التعويم الجزئي هو من القرارات التي تأخرت حكومة الرئيس السابق عمر البشير
في تطبيقها منذ 2013 خوفا من كُلفتها السياسية.
وقرار التعويم وتوحيد سعر الصرف، هو جزء من اشتراطات
صندوق النقد الدولي التي وضعها للحكومة الانتقالية في برنامج المراقبة الذي وقعته الخرطوم
في حزيران/ يونيو الماضي، بحسب حديث جمعة مع الأناضول.
وزاد: "هناك عدد من الشروط التي وضعها صندوق النقد
الدولي في برنامج المراقبة، من بينها تحرير سعر الصرف ورفع الدعم عن الوقود والكهرباء
الذي طبقته الحكومة في أكتوبر ويناير الماضيين على التوالي".
ويعاني السودان من أزمات متجددة في الخبز والطحين والوقود
وغاز الطهي، إضافة إلى تدهور مستمر في عملته الوطنية، وارتفاع مطرد في معدلات التضخم.
وقفز معدل التضخم السنوي بالسودان إلى 304.33 بالمئة
في كانون الثاني/ يناير الماضي من 269.33 بالمئة في كانون الأول/ ديسمبر السابق له،
وفقا لإحصائيات حكومية.