هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يتأهب آلاف المصريين في شهر رمضان من كل عام لأداء "عمرة رمضان"، في وقت يمثل موسما سنويا للشركات المصرية العاملة في قطاع السياحة الدينية، لكن القرار السعودي باستمرار تعليق أداء العمرة للمصريين أصابهم بالإحباط.
وكانت وزارة الداخلية السعودية في شباط/ فبراير الماضي، أصدرت قرارا بمنع استقبال القادمين إلى البلاد من 20 دولة من بينها مصر بشكل مؤقت، ولكنها منذ ذلك التاريخ لم تجر أي تعديل على القائمة.
وقالت الوزارة حينها في بيان، إنه "نظرا لأهمية المحافظة على الوضع الوبائي والصحة العامة في المملكة تود وزارة الداخلية أن تعلن أنه تقرر تعليق السماح بدخول المملكة مؤقتًا، للقادمين من 20 دولة" من بينها مصر.
يستمر حظر دولة مصر من أداء العمرة رغم ظهور لقاحات معتمدة من منظمة الصحة العالمية ضد فيروس كورونا المستجد، وبدء السلطات المصرية في تطعيم مواطنيها ضد الفيروس من خلال مجموعة من اللقاحات التي استوردتها من الخارج.
مصر من أكبر الدول الموفدة للمعتمرين
وقبل أسبوعين، أعلنت السلطات السعودية، أنها ستسمح بأداء مناسك العمرة والصلاة في المسجد الحرام في مكة المكرمة خلال شهر رمضان لكل شخص "محصّن حاصل على جرعتين من لقاح فيروس كورونا، أو محصّن أمضى 14 يوما بعد تلقيه الجرعة الأولى من اللقاح، أو محصن متعاف من الإصابة".
وشكل استمرار تعليق أداء العمرة في مصر انتكاسة لشركات السياحة الدينية للعام الثاني على التوالي، حيث تعد مصر من أكثر الدول التي توفد معتمرين بنحو 500 ألف معتمر سنويا حيث احتلت المرتبة الأولى عربيا والرابعة عالميا في عام 2019 بعد باكستان وإندونيسيا والهند.
وباءت محاولات أصحاب شركات السياحة من أجل استئناف موسم العمرة للعام الحالي بالفشل، وكانوا قد دشنوا في شباط/ فبراير الماضي هاشتاغ "افتحوا العمرة لإنقاذ شركات السياحة" عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، دون جدوى.
السعودية تملك القرار
وقالت مساعدة وزير السياحة المصري غادة شلبي إن "فتح باب العمرة في شهر رمضان منوط بسماح السلطات السعودية للمصريين بأداء العمرة، وهو ما لم يحدث حتى الآن".
وأضافت: "لم تصدر أي تعليمات أو توجيهات جديدة من قبل السلطات السعودية"، مشيرة إلى أن "وزارة السياحة المصرية على تواصل مستمر مع السعودية في هذا الصدد".
ووصف عضو الجمعية العمومية لغرفة شركات السياحة، أحمد البكري، استمرار تعليق العمرة في مصر بالقرار "الكارثي على شركات السياحة في مصر".
وقال في تصريحات صحفية: "إن الآثار المترتبة على إلغاء العمرة للعام الثاني ستكون كارثية على شركات السياحة"، معربا عن خوفه من "عجزها عن الوفاء بالتزاماتها تجاه الدولة وعدم قدرتها على الحفاظ على العمالة الموجودة لديها".
إفلاس وإغلاق
بدوره، أعرب أحد وكلاء شركات السياحة المصرية في محافظة الجيزة عن تخوفه من "استمرار قرار الحظر السعودي وامتداده حتى موسم الحج المقبل؛ لأن تداعياته على ما تبقى من الشركات سيئة للغاية، ولا يمكن احتمالها لأكثر من ذلك".
وقال السعيد مصطفى لـ"عربي21": "نواجه خسائر كبيرة للعام الثاني، ولا يوجد دعم كاف من الدولة لكل العاملين في القطاع سواء العاملين بشكل رسمي أو غير رسمي، وهذا ينذر بخراب وإفلاس الكثير من الشركات بما فيها شركتنا".
ووصف ما يجري في قطاع السياحة "بالانهيار الكامل لواحد من أهم قطاعات العملة الصعبة في البلد، وهناك الكثيرون، أعني مئات الآلاف الذين اعتزلوا العمل في السياحة بشكل عام، والكثير من الشركات سرحت موظفيها ومندوبيها وألغت تصاريح وتراخيص وكلائها".
فاتورة الإهمال الصحي
توقع الخبير الاقتصادي أحمد ذكر الله، أن يؤدي استمرار تعليق تأشيرات العمرة لمصر "إلى خسائر كبيرة على الاقتصاد المصري سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، فهناك مئات شركات ومكاتب السياحة التي تضررت بقوة وفقدت أرباحها ولم يعد لها أي موارد أخرى وبالتالي سرحت موظفيها أو أغلقت فروعها ومقراتها".
وأشار في حديثه لـ"عربي21" إلى أن "قطاع السياحة في مصر يعاني من ضربة قوية للغاية بسبب تداعيات فيروس كورونا والإغلاقات العالمية التي عطلت حركة السياحة بصفة عامة بعد أن كانت السياحة قد بدأت تتعافى في عام 2019 وحققت نحو 12 مليار دولار لكنها انتكست في 2020 وتراجع الرقم إلى مليار دولار أغلبها جاء من الربع الأول قبل الإغلاق العالمي".
وأضاف أن "في الشق الثاني هناك خسائر غير مباشرة متعلقة بشركات الطيران جراء توقف رحلات العمرة والحج، وقبل أيام أعلنت الشركة أنها تحتاج من 7 إلى 9 مليارات جنيه (الدولار يساوي 15.75 جنيها) لتعويض خسائرها، خاصة أن القطاع كان يعاني من قبل كورونا بسبب حظر الطيران لمصر في أعقاب حادث تفجير طائرة ركاب روسية فوق سيناء عام 2015".
وألقى ذكر الله باللوم على السلطات المصرية في استمرار قرار التعليق، قائلا: "استمرار تعليق التأشيرات سوف يستمر لأنه لا يوجد أي إنجاز حقيقي في مصر يتعلق بتوزيع اللقاحات في ظل تقاعس الدولة عن توفيره للمواطنين، وبعض التقارير تقول إن مصر تحتاج إلى أعوام لا عاما لتحصين كل الشعب من فيروس كورونا في ظل البيانات الرسمية المتداولة عن عدد الذين تلقوا اللقاح".