هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لم يجد الشاب الأردني محمد المهندس، إلا السفر إلى تركيا للبحث عن مصدر رزق جديد، بعد أن تعثر عمله كدليل سياحي في الأردن منذ بدء جائحة كورونا.
المهندس، واحد من آلاف الأردنيين الذين أتت الجائحة على أرزاقهم بعد أن أوقفت الجائحة العمل بقطاعات حيوية من بينها السياحة التي أدرت على الأردن ما يقارب 4 مليارات دولار في عام 2019 إلا أنها شبه توقفت بسبب الجائحة.
ينتقد الدليل السياحي في حديث لـ "عربي21"، غياب الدعم الحكومي، للعاملين في هذا القطاع، والذين بات مصيرهم "مجهولا" على حد قوله.
المهندس من بين آلاف الأردنيين الذين فقدوا وظائفهم في بلد كان يعاني قبل الجائحة من معدلات بطالة مرتفعة جدا فاقمتها أزمة كورونا لتصل حسب أرقام رسمية إلى 25%.
خسارة آلاف الوظائف
وحسب المرصد العمالي الأردني، خسر الأردن بسبب جائحة كورونا 140 ألف وظيفة خلال عام 2020، بينما يعاني 48 بالمئة من الشباب في الأردن من البطالة.
مدير المرصد العمالي أحمد عوض يقول لـ"عربي21" إن "ذكرى عيد العمال تعود على العمالة الأردنية وهم يرزحون تحت وطأة واحدة من أصعب الأزمات العالمية، إذ تراجعت سبل كسب العيش لعشرات آلاف العاملين والعاملات غير المنظمين - سواء كانوا يعملون في الاقتصاد المنظم أو غير المنظم- وهؤلاء ينتشرون في غالبية القطاعات الاقتصادية".
اقرأ أيضا : في يومهم.. عمال الأردن يحتجون تحت وطأة التدهور الاقتصادي
يقول عوض: "سياسات الاستجابة الحكومية لجائحة كورونا أدت إلى انخفاض أجور مئات آلاف العاملين والعاملات في القطاع الخاص، إذ سمحت بتخفيض أجورهم بنسب متفاوتة استقرت عند 25 بالمئة للعاملين في الأنشطة الاقتصادية الأكثر تضررا وفق تصنيف الحكومة، وهذا ساهم بشكل ملموس في تراجع المستويات المعيشية لعشرات آلاف العاملين والعاملات في هذه الأنشطة الاقتصادية".
وبين أن "الأزمة أثبتت أن هناك قصورا كبيرا في منظومة الحماية الاجتماعية للعاملين في الأردن، حيث أن ما يقارب نصف القوى العاملة غير محمية بأي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية، الأمر الذي أدى إلى حرمان مئات آلاف العاملين من الاستفادة من بعض برامج الحماية التي مولتها الحكومة والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي للمشتركين في الضمان الاجتماعي فقط".
وزارة العمل: نجحنا في حل 90% من الشكاوى
بدورها أكدت وزارة العمل في رد مكتوب خصت به "عربي21" أن الوزارة ومنذ بداية الجائحة استقبلت 86472 شكوى واستفسارا، شملت 21093 منشأة، منها 15679 منشأة ورد بحقها شكاوى تتعلق بتأخير الأجور، و5414 منشأة ورد بحقها شكاوى إنهاء خدمات، وأكثر من 44 ألف شكوى واستفسار حول العمل، وتمكنت فرق الوزارة من الرد وحل 90% من الشكاوى والاستفسارات، والمتبقي منها ما زال قيد الإجراء".
اقرأ أيضا : الأردن يكشف عن قضية فساد بالملايين في وزارة المياه
وحسب الرد "نجحت إجراءات الوزارة بعد متابعة الشكاوى العمالية المتعلقة بإنهاء الخدمات بشكل مخالف لقانون العمل وأوامر الدفاع وبالتعاون مع القطاع الخاص، بإعادة 5716 عاملا إلى عملهم من أصل 9250 عاملا تم إنهاء خدماتهم، منهم 3325 عاملا تم إنهاء خدماتهم بشكل قانوني".
العمالة المهاجرة
وتأثرت العمالة المهاجرة في الأردن بتداعيات جائحة كورونا، فحسب مركز تمكين للمساعدة القانونية، لم تقتصر الأضرار على العمالة الأردنية، وقال المركز في ورقة له بمناسبة عيد العمال إن "العمال غير الأردنيين، تعرضوا لضغوطات اقتصادية ومعيشية صعبة، فبعضهم لا يمتلك قوت يومه، برغم أن الحكومة أقرت برامج لمساعدة العاملين ومنها برامج المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي".
ووفقا للورقة أدت الإجراءات الاحترازية إلى أضرار اقتصادية واجتماعية فادحة إذ كان الأردن من أكثر الدول تشددا بتطبيق حظر التجول الشامل والجزئي، وتعرضت بعض القطاعات مثل قطاع تنظيم المؤتمرات والحفلات لانهيار كامل بسبب إغلاقها لأكثر من عام كامل.
ودعت ورقة الموقف الصادرة بمناسبة يوم العمال العالمي "السماح لغير الأردنيين بالاشتراك الاختياري في الضمان، وتشديد الرقابة على المنشآت والمشاريع التي لا تشمل عمالها به، وتزويد من تقضي طبيعة عمله بالعمل عن بعد، بالتدريبات التقنية والإدارية لإتمام العمل، وتطبيق العمل المرن ضمن أطر واضحة محددة بالقانون".
تهديد الأمن والسلم المجتمعي
وحذر اتحاد النقابات العمالية المستقلة من تداعيات اجتماعية بسبب ارتفاع نسبة البطالة وزيادة نسبة الفقر إلى أرقام غير مسبوقة، وقال رئيس الاتحاد المهندس عزام الصمادي إن ذلك "يهدد الأمن والسلم المجتمعي، لهذا علينا العمل سريعاً لتنظيم سوق العمل وتعديل قانون العمل بشكل كامل وضمان حرية العمل النقابي".
مستغربا "استهداف النقابات الفاعلة بالتهميش أو الإغلاق، ونتيجة غياب الممثلين الحقيقيين للقوى العاملة بدأ ينتابهم خوف وقلق شديد على أموالهم بالضمان الاجتماعي بسبب التعدي الحكومي الصارخ على هذه الأموال وخاصة خلال جائحة كورونا".
وتوقع خبراء أن تتسع جيوب الفقر في الأردن بعد فقدان الآلاف لوظائفهم وتخفيض الأجور إذ تشير إحصائيات رسمية إلى أن 64 % من العاملين المسجلين في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي يحصلون على أجور شهرية تبلغ 500 دينار فما دون وهو تحت خط الفقر.