هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "السالتو دياريو" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن سعي إسرائيل منذ عقود طويلة إلى مزيد من التوسع والاستحواذ على الأراضي الفلسطينية.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن وقف إطلاق النار الذي فرضته الولايات المتحدة بعد أسبوعين مكثفين من القصف الجوي ونيران المدفعية على قطاع غزة، فشل في محو ذكرى أكثر من 200 قتيل في الذاكرة الجماعية لسكان غزة. كما لا تزال الأنقاض تتناثر في الشوارع والدمار يخترق كل مكان في واحدة من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في العالم.
من ناحية أخرى، شهد حي الشيخ جراح، الذي كان مصدر تصعيد العنف في الأيام الأخيرة، هدوءا متوترا منذ ذلك الحين علما أن الخطة الإسرائيلية لاستيلاء المستوطنين اليهود عليه لا تزال معلقة على الأقل مؤقتا. وفي هذا الشأن، جعل الموقع الجغرافي الذي يحتله هذا الحي الصغير في القدس منه هدفا محوريا لتلبية طموحات التوسع الإقليمي الإسرائيلي حيث يقع في أقصى الشمال أي لا تزال الأمم المتحدة تعترف به على أنه القدس الشرقية، وبالتالي تابع للأراضي الفلسطينية.
ويمثّل الحي العقبة الأخيرة أمام توحيد جبل المشارف الرمزي بشكل نهائي مع غرب القدس، وبالتالي، إغلاق الحصار على المركز التاريخي وترسيخ المواقف الإسرائيلية في المدينة التي اعترف ترامب سنة 2020 بأنها عاصمة إسرائيل، علاوة على ذلك، قد تبدو الحجة التي يريد الجهاز الإسرائيلي تركيز النقاش حولها، وهي ملكية العقارات المعنية منذ عهد الإمبراطورية العثمانية، تافهة. مع ذلك، تشكّل الاستراتيجية الأساس ذاته الذي قامت عليه دولة إسرائيل سنة 1948.
قبل حدوث النكبة، توافدت أعداد كبيرة من اليهود إلى فلسطين برعاية بريطانية. وبحلول هذا الوقت، أصبح الوضع بالفعل غير مقبول. نُظم المستوطنون الصهاينة حول شبكة شبه حكومية حقيقية بموافقة القوة الاستعمارية البريطانية، بينما كان السكان الأصليون لفلسطين عمليا مستبعدين من التحديث والتقدم التقني الذي أحدثه وصول البريطانيين إلى البلاد. من ناحية أخرى، منذ أوائل عشرينيات القرن الماضي، وقع إرساء ميليشيات شبه عسكرية حقيقية توغّلت، بوتيرة متزايدة، في المناطق الجبلية في مناطق مثل الضفة الغربية.
اقرأ أيضا: اقتحام خيمة نشطاء بسلوان.. وحملة تضامنية ضد التهجير
وتقع أحداث النكبة في الذاكرة الجماعية للفلسطينيين بين عامي 1947 و1949. بعد ذلك، عاش الشعب خلال تلك الفترة سنوات مروعة حقا، حيث لقي حوالي 13 ألف فلسطيني حتفه، وفرّ ما بين 700 و750 ألف شخص من البلاد أو طُردوا من منازلهم، كما دُمّرت حوالي 400 قرية أو وقع احتلالها من قبل المستوطنين اليهود.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المعطيات وردت في إحصاء قام به المؤرخ إيان بلاك. وقد تواصلت هذه الوضعية المأساوية في صمت لسنوات، في عملية سمحت لليهود الأوروبيين بالوصول إلى أرض الميعاد والتفرق شيئا فشيئا من خلالها ومضاعفة عددهم في تقدم هندسي بفضل مناورات مشابهة للغاية لما جرى في حي الشيخ جراح.
وبعد تواتر أعمال العنف، كانت خطط التقسيم في الثلاثينات مؤشرا على أن المجتمع الدولي أو على الأقل القوة الأوروبية المرجعية، على استعداد لبلورة أي تقدم في الاستعمار بغض النظر عما إذا كان قائما على الشراء أو الاغتصاب أو النهب. جاء التأكيد النهائي بالموافقة على القرار 181 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي وضع خطة التقسيم التي قامت مرة أخرى بتحديث أراضي الدولتين اليهودية والعربية وفقا لأحدث التطورات في الاستعمار في الولايات المتحدة.
من ناحية أخرى، تعمّد الاحتلال الإسرائيلي تضييق سبل الحياة على الشعب الفلسطيني حيث تحولت المستشفيات ووسائل الإعلام والمدارس والمكتبات إلى أنقاض، حيث يعدّ حيّ الشيخ جراح أحدث دليل على ذلك. ولعلّ عواقب هذا التضييق بشكل يومي يتجلى في انهيار الغذاء وتقييد الحركة والبطالة والظروف غير الصحية والفقر بالإضافة إلى الاكتظاظ السكاني وانعدام الأمن القانوني ناهيك عن التجريد من الملكية والتعذيب والإذلال المستمر.
وأوردت الصحيفة أنه في مواجهة الحجج المتعلّقة بالإطار المرجعي للشرعية، يمكن أن نتساءل عن الشعور الذي يمكن أن نشعر به إذا أقام جميع الإنجليز الذين يعيشون على ساحلنا بين عشية وضحاها، دولة خاصة تمتلك ملكيّة منازلهم. في الحقيقة، ينبغي أن تكون إدانة المجتمع الدولي لطموحات إسرائيل التوسعية، حازمة. حينها، سنشاهد جميعا المجرى الذي ستتّخذه قضية الشيخ جراح. وفي الوقت الراهن على الأقل، هناك ستّ عائلات من منطقة صغيرة في القدس لا يزالون ينامون في أسرتهم داخل منازلهم ومناطقهم.