كتاب عربي 21

قراءة تركية لنتائج قمة الناتو

إسماعيل ياشا
1300x600
1300x600
شارك رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، الاثنين، في العاصمة البلجيكية بروكسل، في قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو"، كما التقى مع عدد من رؤساء الدول الأعضاء في الحلف على حدة، بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، بالإضافة إلى لقائه المطوَّل مع الرئيس الأمريكي جو بايدن. وكان هذا الأخير أهم اللقاءات التي أجراها أردوغان على هامش القمة، وتناول فيه الرئيسان التركي والأمريكي العلاقات الثنائية بين البلدين، بالإضافة إلى عدد من الملفات. وأظهرت الصور ومقاطع الفيديو التي وصلت إلى وسائل الإعلام من مقر الناتو أن اللقاء جرى في أجواء إيجابية.

الجانب التركي يبدو راضيا عن تنائج اللقاء، رغم استمرار الخلاف في بعض الملفات. وقال أردوغان في تعليقه على اللقاء: "اتفقنا على استخدام قنوات الحوار المباشرة بشكل فعال ومنتظم بما يليق بالحليفين والشريكين الاستراتيجيين"، مضيفا أنه دعا بايدن إلى زيارة تركيا. وما ذكره الرئيس التركي، أيَّده تعليق الرئيس الأمريكي الذي أكد أنه أجرى مع أردوغان "محادثات إيجابية ومثمرة لمناقشة كيفية المضي قدما في عدد من القضايا".
نتائج اللقاء يمكن تلخيصها في أن الجانبين اتفقا على التنسيق والتعاون في عدد من الملفات، مثل أفغانستان وليبيا وسوريا، ومواصلة المباحثات للتوصل إلى حلول في ملفات أخرى، مثل امتلاك تركيا لمنظومة أس-400 الروسية

نتائج اللقاء يمكن تلخيصها في أن الجانبين اتفقا على التنسيق والتعاون في عدد من الملفات، مثل أفغانستان وليبيا وسوريا، ومواصلة المباحثات للتوصل إلى حلول في ملفات أخرى، مثل امتلاك تركيا لمنظومة أس-400 الروسية. ويبدو أن واشنطن لا تحبذ الربط بين الملفات التي قد تتعاون فيها الولايات المتحدة وتركيا، بتلك الملفات التي تسمم العلاقات التركية الأمريكية، إلا أن فصل كافة الملفات عن بعضها البعض ليس ممكنا من الناحية العملية، حتى وإن كانت شروط كل ملف تختلف عن شروط غيره، لأنه لا يتصور أن تنظر واشنطن إلى تركيا في ملفات على أنها شريك وحليف، ثم تعاملها في أخرى وكأنها عدو لدود تجب محاربته.

قمة الناتو أكدت على أهمية الشراكة الأوروبية الأمريكية، وعززت مكانة الحلف في مواجهة روسيا والصين، كما أراد بايدن، إلا أنها في ذات الوقت عززت مكانة تركيا داخل الناتو، وأظهرت مدى أهميتها للحلف.

وكان الجيش التركي يؤدي في الماضي دورا مهما في الناتو كثاني أكبر قوة عسكرية في الحلف بعد الولايات المتحدة. ومن المؤكد أن ذاك الدور أصبح اليوم أهم من ذي قبل، بعد أن حققت تركيا نجاحات باهرة في مجال الصناعات الدفاعية، كما تحولت طبيعة مشاركتها في الناتو من "دولة وظيفية" إلى أخرى ذات استقلالية وحضور في أماكن عدة حول العالم. وكانت تركيا بالأمس ترسل قوات عسكرية خارج حدودها بناء على طلب الناتو، إلا أن تركيا اليوم تقوم وحدها بعمليات عسكرية ناجحة خارج إطار الحلف للدفاع عن حقوقها وحقوق الدول والشعوب الصديقة.

أردوغان بعد مشاركته في قمة الناتو سافر من بروكسل إلى العاصمة الأذربيجانية باكو، وزار مع الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف مدينة شوشا في إقليم قراباغ المحرر من الاحتلال الأرمني. ووقع الرئيسان التركي والأذربيجاني في المدينة التاريخية "إعلان شوشا" الذي يشمل القضايا في جميع المجالات، بما فيها الدفاع المشترك.

وقبيل انعقاد القمة في بروكسل، زار وفد تركي رفيع العاصمة الليبية طرابلس، ليؤكد استمرار وقوف أنقرة إلى جانب الشعب الليبي.
رسائل هامة، تذكِّر الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي بمدى أهمية التعاون والتنسيق مع أنقرة لتحقيق المكاسب في المعادلة الدولية. ويمكن أن يضاف إلى ذلك، ازدياد أهمية تركيا لدى دول أوروبا الشرقية التي تشعر بضرورة تعزيز قدراتها العسكرية

ومن المؤكد أن هذه الزيارات تحمل رسائل هامة، تذكِّر الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي بمدى أهمية التعاون والتنسيق مع أنقرة لتحقيق المكاسب في المعادلة الدولية. ويمكن أن يضاف إلى ذلك، ازدياد أهمية تركيا لدى دول أوروبا الشرقية التي تشعر بضرورة تعزيز قدراتها العسكرية وحماية وحدة ترابها ضد الأطماع الروسية، بعد أن خذل الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو أوكرانيا في قضية جزيرة القرم.

خلاصة القول، إن قمة الناتو لفتت انتباه العالم إلى مكانة تركيا في الحلف، كما أظهرت الصورة الجماعية للرؤساء، وأن لقاء أردوغان وبايدن فتح أمام أنقرة وواشنطن مجالات للتقدم في تحسين العلاقات التركية الأمريكية، من خلال التعاون والتنسيق في قضايا تهم البلدين، وعدم التصعيد في المشاكل والخلافات التي لم يتم حلها حتى الآن. وهذه النتائج كانت متوقعة، كما أنها في نظر الأتراك أقصى ما يمكن تحقيقه في الوقت الراهن. وبالتالي، هناك ارتياح في أنقرة لنتائج قمة الناتو ولقاء الرئيسين التركي والأمريكي، ويتوقع الآن أن تواصل تركيا السير نحو أهدافها بخطى واثقة بعد تجاوز هذه المحطة.

twitter.com/ismail_yasa
التعليقات (0)