تعالت أصوات
فلسطينية مستقلة وأخرى من بعض الفصائل بالدعوة لانتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني، وترى بذلك حلا للخروج من الجمود والانقسام الراهن. ويأتي هذا في سياق الرد على دعوات محمود عباس
لحوار فصائلي لإنهاء الانقسام.
و
هذه الدعوة برأيي غير عملية وهي أقرب لفائدة دولة مستقلة وذات سيادة على أرضها وشعبها، وكل ما تعانيه هو مجرد خلافات وانقسامات سياسية يمكن تجاوزها بانتخابات شاملة.
لكن نحن هنا أمام مجلس وطني من المفترض به أن يكون ممثلا لجميع الفلسطينيين حول العالم داخل فلسطين وخارجها، وهو مجلس لم ينعقد منذ مدة طويلة، فضلا عن القدرة على انتخاب أعضائه بشكل شفاف ونزيه وعملي في العالم، وبالذات في الدول التي يتواجد فيها عدد كبير من الفلسطينيين وفي مقدمتها الأردن، والذي يرفض إجراء انتخابات فلسطينية على أرضه بأي شكل.
نحن هنا أمام مجلس وطني من المفترض به أن يكون ممثلا لجميع الفلسطينيين حول العالم داخل فلسطين وخارجها، وهو مجلس لم ينعقد منذ مدة طويلة، فضلا عن القدرة على انتخاب أعضائه بشكل شفاف ونزيه وعملي في العالم
الحديث هنا عن شعب فلسطيني تحت
الاحتلال، لا يمتلكُ جزء كبيرٌ منه أي وثائق تثبت هويته الفلسطينية، وتنقسم مواجهته للاحتلال عمليا بين تيارين لهما قاعدتين كبيرتين على الأرض، أحدهما يؤمن بالمقاومة بكل أشكالها لطرد الاحتلال، والعنوان في غزة تحديدا، والآخر يبحث عن حلول "واقعية" - من وجهة نظره- تقبل بالتعايش مع الاحتلال، كما هو حال السلطة الفلسطينية في رام الله حاليا.
أما مجرد الدخول في موضة انتقاد الفصائل جميعها والحديث بنغمة مفادها أن الشعب الفلسطيني يئس من هذه الفصائل جميعها ويريد حلولا تتجاوزها، فهو كلام يخلط الأوراق وإن كان جزء منه صحيحا، فحماس وفتح تدفعان ثمن تصديهما للأعمال الخدمية والبلدية المباشرة مع الناس، وهذه بلا شك لها تحدياتها الكبيرة والتي تفقد أي تيار مهما كان حضوره قويا؛ شعبيته أو شيئا منها.
مجرد الدخول في موضة انتقاد الفصائل جميعها والحديث بنغمة مفادها أن الشعب الفلسطيني يئس من هذه الفصائل جميعها ويريد حلولا تتجاوزها، فهو كلام يخلط الأوراق
ولكن النخب التي تتحدث عن بديل، يبقى حديثها مجرد أحلام في ظل عدم وجود حاضنة شعبية لها، ليس هذا فحسب، بل هي بحاجة لحضور مقاوم على الأرض.
الشرعية في مواجهة الاحتلال هي للمقاومة بكل أشكالها، وهي للسعي الجاد للتحرر الشامل ولمخاطبة المحتل باللغة التي يفهمها.
ولو صرف البعض جزءا من الوقت الذي يبذلونه في الحديث عن
الإصلاح الفلسطيني الداخلي وإنهاء الانقسام؛ لتعرية الاحتلال الغاصب وبيان جرائمه لكان أنفع.
إنهاء الانقسام أو الحد منه - إن جاز التعبير - هو بيد القيادة الحالية لمنظمة التحرير، حين تفتح الباب لضم ممثلين عن حماس والجهاد الإسلامي. فحماس والجهاد، الفصيلان الفلسطينيان الكبيران، غير ممثلين في قيادة المنظمة حتى الآن.
الدخول هو على شكل من المحاصصة والتفاهمات التي يتوافق عليها الجميع، إذا كان هدفهم توحيد الصف الفلسطيني وتقويته، وغير ذلك غير ممكن عمليا والشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، أو مبعثر حول العالم في دول الشتات
والدخول هو على شكل من المحاصصة والتفاهمات التي يتوافق عليها الجميع، إذا كان هدفهم توحيد الصف الفلسطيني وتقويته، وغير ذلك غير ممكن عمليا والشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، أو مبعثر حول العالم في دول الشتات.
يُخشى من الحديث عن الانتخابات للمجلس الوطني بمواجهة الدعوة للمحاصصة الفصائلية التي تعكس الحضور العملي على الأرض، مع التقدير البالغ للمدافعين عنه ولحسن نواياهم، أن يصب في صالح محمود عباس وفريقه الذي يحاول تجنب مشاركة حماس والجهاد في المنظمة، ويمكن في هذه الحالة أن يقول: شاهدوا يا جماعة حتى بعض النخب المثقفة والشخصيات الفلسطينية المستقلة لا تريد مشاركة حماس والجهاد وإنما تريد انتخابات، وهذه الانتخابات غير ممكنة حاليا.
الانتخابات غير الممكنة حاليا هي غير ممكنة غدا وغير ممكنة بعد غد، وغير ممكنة حتى لسنوات طويلة جدا إذا بقيت المعادلة على الأرض كما هي: سلطة وطنية في رام الله متشبثة بالمناصب وتعمل على حراسة الاحتلال أكثر من الاحتلال، ومقاومة تخشى إذا فقدت السيطرة الإدارية على غزة أن ينعكس ذلك على إمكاناتها في المقاومة العسكرية فوق وتحت الأرض.
لا شك أن التنظير السياسي مهم ومطلوب في الحالة الفلسطينية، ولكن الحاجة حاليا أكبر لانتفاضة داخل حركة فتح نفسها لإصلاح قيادتها وتنظيفها من الداخل، لتكون قادرة على مواجهة الاحتلال بدلا من حراسته.
لا زال الأمل معقودا بشعبنا الفلسطيني أن يقف صفا واحدا خلف من يرفع لواء مقاومة المحتل وطرده من كل فلسطين المحتلة، ومن ثم يمكن الدعوة لانتخابات مستقلة يشارك بها الجميع لاختيار شكل وطبيعة القيادة التي يريد.