هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشفت صحيفة إسرائيلية، عن إقامة الاحتلال الإسرائيلي لمعسكرات اعتقال سرية في قلب صحراء سيناء قبل خمسين عاما، بهدف تقليل سكان قطاع غزة.
قصة المعسكرات
وأكدت "هآرتس" العبرية في تقرير أعده عوفر أديرت، أنه "في 1971، بعيدا عن عيون الجمهور وتحت غطاء شديد من السرية، أقامت إسرائيل في شبه جزيرة سيناء معسكرات اعتقال لأناس أبرياء، الأول؛ استخدم لأعضاء حركة فتح المتهمين بالنضال، والثاني؛ ضم أطفال ونساء وشباب، تم نقلهم من قطاع غزة من قبل الجيش الإسرائيلي، وتم عزلهم في هذه المعسكرات السرية، وانقطعوا عن حياتهم".
وأضافت: "لقد مكثوا هناك لفترات متغيرة، في ظروف وصفت من قبل الصليب الأحمر بأنها لا تطاق، وبعد مرور أقل من سنة تم إغلاق هذه المعسكرات"، موضحة أن "محاضر النقاشات في موضوع معسكرات الاعتقال تم تصنيفها كسرية طوال 50 عاما".
وذكرت أن تحقيقا شاملا في أرشيف معهد "عكفوت" للتحقيق في النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، والوثائق والصور التي تم العثور عليها في أرشيف الجيش والدولة وأرشيف الصليب الأحمر، تمكن من تتبع إقامة المعسكرين وإغلاقهما فيما بعد؛ وهما معسكر "أبو زنيمة"؛ وأقيم على شاطئ خليج السويس،ةومعسكر "ناحل" أقيم في وسط شبه جزيرة سيناء.
اقرأ أيضا: الاحتلال ينهب أراضي بالضفة والغور لصالح مزارع المستوطنين
ونوهت الصحيفة إلى أنه "بعد احتلال عام 1967، اعتبر قطاع غزة عش دبابير نشط، خرجت منه العمليات ضد جنودنا، وضد الذين اتهموا بالتعاون مع إسرائيل، وفي كانون الثاني/ يناير 1971، تم الوصول لنقطة الغليان عند قتل مستوطن من مستوطنة كريات أونو، ما دفع إسرائيل لاتخاذ قرار بالرد الشديد، وكان أريئيل شارون في حينه قائدا للمنطقة الجنوبية، وتم إرساله لتصفية المناضلين، ونفذت عملية بين 1971 ومنتصف العام 1972 شملت نشاطا لوحدات خاصة لاغتيال المطلوبين الفلسطينيين، وهدم البيوت وفرض حظر التجول والتفتيش، ولكن هذا ليس كل شيء".
وتكشف العديد من الوثائق حول إقامة معسكرات اعتقال سرية، أحدها هو محضر لقاء أجراه المنسق الأول لنشاطات الحكومة في المناطق، الجنرال شلومو غازيت، الذي أصبح بعد ذلك رئيس قسم الاستخبارات، مع قادة كبار من وزارة الخارجية في مكتبه، وفي الوثيقة، تم تفصيل "الخطوات التي اتخذها الجيش لاستئصال العمليات، ضمت إلى جانب الاعتقالات والإغلاق وحظر التجول، إقامة المعسكرات السرية".
تهجير واعتقال
وبينت أن "معسكر "أبو زنيمة" أقيم في 5 كانون الثاني/ يناير 1971، على بعد 300 كيلومتر جنوب مدينة غزة، وهو يحمل اسم البلدة التي أقيم فيها جنوب غرب سيناء، على الشاطئ الشرقي لخليج السويس، وبعد فترة قصيرة نقل إليه 59 من أبناء عائلة فلسطينية واحدة، في الشهر نفسه، عندما التقى ممثلو الصليب الأحمر مع غازيت، عبروا عن قلقهم من تهجير سكان القطاع".
وأشار غازيت، إلى أنه يوجد في المعسكر معتقلون من عشرين عائلة، وأوضح لهم بأن هذه العائلات تم طردها من غزة بسبب "دعمها للعمليات"، وفي نهاية الشهر زاد عدد العائلات إلى 27، من بينهم أطفال".
في 26 كانون الثاني/ يناير 1971، أبلغ غازيت أعضاء لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست عن هذا الأمر، وعرض عليهم النشاطات التي تنفذها إسرائيل في القطاع؛ حيث شملت حسب قوله وسيلة ثالثة، وهي تهجير أبناء العائلات الفلسطينية".
اقرأ أيضا: دعم عسكري لإقامة مستوطنة بغور الأردن.. ومخاوف أمنية
وزعمت أنه "في شباط/ فبراير 1971 سمحت إسرائيل لأعضاء من الصليب الأحمر بزيارة المعسكر، والتقى أعضاء مع ممثلي 23 عائلة، 140 شخصا بينهم 87 طفلا وجميعهم من سكان القطاع، وأكدت تلك العائلات أنه لا ذنب لهم، فقط هناك من أقربائهم من هو مطلوب للجيش الإسرائيلي".
تقليص عدد السكان
وبناء على طلب معهد "عكفوت"، كشف أرشيف جيش الاحتلال، ملفات مرتبطة بنشاطات معسكر "ناحل" السري، وهذه "المعلومات هامشية في أساسها، لكنها تسمح بإلقاء نظرة رسمية على ما حدث هناك"، بحسب "هآرتس".
وأفادت أن نحو 161 من المحتجزين في هذا المعسكر، هم طلاب أعمارهم ما بين 16-21 عاما، مشيرة إلى أن نائب مدير عام وزارة الخارجية، موشيه ساسون، تطرق للموضوع في مذكرة أعدها، زعم فيها أن "هدف نشاطات إسرائيل هو تعويق نشاطات "المخربين" (المناضلين) في القطاع عن طريق خلق ضغوط مختلفة".
ومن الوسائل التي عدها؛ "الضغط على الكثير من السكان في المخيمات، بهدف تشجيعهم للانتقال إلى الضفة الغربية".
وذكر ساسون، أنه "يتم اعتقال هؤلاء الشباب إداريا رغم عدم وجود أي تهمة ضدهم، ويرسلون للمعسكر في شبه جزيرة سيناء، ومن يظهر الرغبة في الانتقال إلى الضفة يتم تحريره"، مضيفا: "بعد اعتقالهم، يمكنهم إنقاذ أنفسهم من الاعتقال إذا ذهبوا للضفة".
ونبهت الصحيفة، أن "الاطلاع على هذا البند، جعل أعضاء "عكفوت" يشكون أن الأمر يتعلق بشهادة مكتوبة عن استراتيجية إسرائيل في تخفيف عدد سكان قطاع غزة".
وأكد المدير العام للمعهد، ليئور يفني، أنه "منذ احتلال القطاع في 1967، عملت إسرائيل بطرق مختلفة لتقليل عدد اللاجئين في القطاع، وفي الوقت نفسه، المزاج العام في أوساط واضعي السياسات الإسرائيلية، أن القطاع سيتم ضمه في المستقبل لإسرائيل. لذلك، يجب فعل كل شيء لتقليل عدد الفلسطينيين".
ولفت إلى أن "معسكر ناحل تم تخصيصه لمنح الشباب الغزيين تأهيلا مهنيا في مجال البناء، وتشجيعهم على الموافقة على الانتقال إلى الضفة الغربية مقابل إطلاق سراحهم".
وأوضحت "هآرتس"، أنه "تم إغلاق "ناحل" و"أبو زنيمة" في السنة نفسها، وكل المعتقلين في "أبو زنيمة" تمت إعادتهم لقطاع غزة، والمعتقلون في "ناحل" لم يحققوا أمل الإسرائيليين، ولم يظهروا أي اهتمام بالهجرة إلى الضفة الغربية".