هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت "الأوبزيرفر" تقريرا، أعده مارتن شولوف عن الأوضاع في لبنان بعد عام على تفجير مرفأ بيروت، اعتبر فيه أن لبنان أظهر منذ ذلك الحين التحول مجددا إلى دولة فاشلة.
وقال شولوف في تقريره الذي ترجمته "عربي21": "عند نقطة الصفر في قيامة لبنان، تنبعث رائحة الجرذان من أكوام الحبوب المتعفنة، والصوامع المحطمة التي تتأرجح فوقها، وتمزقت جوانبها بفعل التفجير الكارثي الذي مزق قلب بيروت أيضا، وكان من المفترض أن تطعم الأمة، لكنها لا تزال ملقاة على الأرض المدمرة فيما تبقى من الميناء".
فقبل عام، تسبب واحد من الحوادث الصناعية الخطيرة بواحدة من أكبر التفجيرات في العالم، حيث اهتزت المدنية التي كانت تقف بالفعل على حافة الهاوية، وانتشرت صور سحب الدخان التي ارتفعت فوق العاصمة اللبنانية في 4 آب/ أغسطس 2020، ومعها الصدمة الزلزالية القوية التي اجتاحت بيوتها ومحلاتها التجارية حول العالم وبرعب عالي الوضوح.
وفي وسط فوضى البلد الذي سمح بحدوث هذا على شعبه، فقد كانت لحظة الحساب، لكنها لم تحدث، فبعد مرور عام على الذكرى الأولى للكارثة، لا يزال لبنان مشلولا ويعيش حالة ذعر، ولا يزال التحقيق في الانفجار غير واضح، ولم يعاقب مرتكبوه، بل وبعيدين عن الحساب أكثر من أي وقت مضى.
والأسوأ من هذا، بحسب الكاتب، أن معظم الدعم الدولي الذي تم التعهد به في أعقاب الدمار لا يزال متروكا؛ لأن حكام البلد يفضلون الامتيازات الضيقة التي تدفقت إليهم وشلت النظام على الخطة الدولية للإنقاذ، التي كانت ستنقذ بلدهم.
ومقابل 11 مليار دولار في حزمة مساعدات، طالبت فرنسا بإصلاحات بنيوية في نظام الحكم وشفافية في مجال الإنفاق، وعلى كل المستويات.
وتم التعهد بمليارات أخرى من أوروبا، لكنها مشروطة بمراجعة نظام بنك لبنان الغامض، الذي كان حيويا في حركة الثروة في لبنان.
وبعد عام، لا تزال بيروت تجمع القطع المتناثرة من الانفجار، فقد انهارت العملة اللبنانية 15 مرّة، وزاد التضخم المرتفع جدا من أسعار المواد الغذائية، والتي لم تعد متاحة لمعظم السكان.
اقرأ أيضا: عام على انفجار مرفأ بيروت.. أجوبة غائبة ولم يحاسب أحد
أما الأدوية الحيوية، فهي غير متوفرة. وفي يوم الجمعة، توفيت فتاة عمرها 4 أعوام، بعد لدغة عقرب، ولأن الدواء المضاد للسموم لم يكن متوفرا في الصيدلية.
ولا يوجد وقود كاف لتلبية الاحتياجات الضرورية لتشغيل قطاع الكهرباء، فيما تسد مافيا المولدات الخاصة الفجوة، وتحصل على أسعار باهظة مقابل هذا.
وبدلا من أن يؤسس الانفجار لعصر الخلاص، كشف عن الخلل الوظيفي في الدولة التي فشلت في كل المقاصد والأغراض.
ولم تتفق طبقتها السياسية على تشكيل حكومة بعد، ولا تزال تتشاحن فيما بينها حول توزيع الوزارات كجوائز تعزز من اقطاعياتها، وفق وصف الكاتب.
أما مؤسسات الدولة، فقد أصبحت تابعة للفصائل المتمترسة. وانخفضت احتياطات البنك المركزي من العملة الصعبة إلى مستوى أقل من المطلوب، ما يعني نهاية دعم المواد الأساسية التي كانت تؤمن حياة الطبقة المتوسطة.
وانضم اللبنانيون إلى السوريين وغيرهم من سكان المنطقة المنبوذة، وركبوا البحر هربا من ظروفهم، ومهما كانت المخاطر.
ولا حل في الأفق، بحسب الكاتب، باستثناء المساعدة الدولية، ما يعني زيادة الوضع سوءا، وتعميق الأزمات المستمرة بالفعل منذ نهاية الحرب الأهلية قبل 30 عاما.
وتقول نورا بستاني، المحاضرة في الصحافة بالجامعة الأمريكية ببيروت: "بعد الطائف، حصل أمراء الحرب على جوائز ترضية بدلا من معاقبتهم على استمرار الحرب كما فعلوا"، و"نزلوا إلى المدينة، وكانت بالنسبة لهم منجم ثراء، وعرف السوريون أن هذا يحدث، وأرادوا أن تكون لهم حصة أيضا، ومن أجل استمرار السلام تم التعايش مع الوضع، بشكل خلق ثقافة الإفلات من العقاب، وتحول إلى أمر عادي".
وتضيف: "مضى رفيق الحريري في عملية إعادة الإعمار"، وبنى ثروة طائلة منها، وكان السعوديون والسوريون جزءا رئيسيا فيها، وأقام البلدان شبكات رعاية وتأثير حصلت على حصة في شؤون البلاد، مقابل منح الرعاة يدا حرة في السيطرة على شؤونها وثرواتها.
وقالت: "كانت هناك ثروة وسخاء وحياة راقية في بيروت.. هذا التعايش كان من أجل الحفاظ على السلام، وركزوا كلهم على الحصول على المال، وتقاسموا المساعدات من الأموال الكبيرة، واستمروا بالسرقة، وكانت هناك أموال ضخمة لبناء المؤسسات، ولم تحصل هذه إلا على القليل".