هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ذا كونفرزيشن" مقالا للكاتب يحيى حسن الزبير، قال فيه إن قطع العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب في آب/ أغسطس هو نتاج تاريخ طويل من التوتر.
وأضاف الزبير في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، أنه لم يسبق للبلدين فترات طويلة من الصداقة، على الرغم من العوامل العديدة التي تجمعهما. في الواقع، ينتمون إلى نفس المنطقة المغاربية، ويشتركون في نفس الدين (الإسلام السني والمذهب المالكي) والهوية، ويتحدثون لهجة مماثلة. كما أن البلدين يشتركان في حدود طولها 1550 كيلومترا.
وفي الواقع، يقول الكاتب إن الشعبين الجزائري والمغربي قريبان جدا، لدرجة أنه من الصعب التمييز بينهما. لكن الاختلافات التاريخية والسياسية والأيديولوجية منذ استقلال كل منهما لها تأثير كبير في العلاقات بين هاتين الدولتين "الشقيقتين".
ويرجع الكاتب الخلاف إلى الطبيعة المختلفة لنضال البلدين ضد الاستعمار، وأنظمتهما السياسية المتباينة، والتوجهات الأيديولوجية المعاكسة.
ورأى الزبير أن علاقة البلدين المضطربة كانت عائقا أمام تكامل المنطقة، الأمر الذي يمكن أن يجلب فوائد كبيرة لكليهما، لكن الاختلافات في السنوات الأخيرة يمكن أن تهدد استقرار منطقة شمال أفريقيا بأكملها.
تزايد التوترات
وفي التسعينيات، مرت الجزائر بأزمة أكبر من أي وقت مضى. دمر البلد حرب أهلية بين الدولة والجماعات الإسلامية المسلحة. وفي عام 1994، في خضم تلك الأزمة، اتهمت السلطات المغربية المخابرات الجزائرية بالوقوف وراء الهجمات الإرهابية القاتلة في فندق أسني في مراكش.
اقرأ أيضا: ناشط مغربي لـ "عربي21": التطبيع لعنة دفع العدالة والتنمية ثمنها
فرض المغرب تأشيرات دخول على الجزائريين، بمن فيهم أولئك الذين يحملون جنسية أخرى. وردت الجزائر بفرض التأشيرات، وأغلقت حدودها البرية مع المغرب.
وفي أواخر عام 1995، جمد المغرب مؤسسات اتحاد المغرب العربي؛ بسبب دعم الجزائر للجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.
ويبدو أن تحولا في العلاقات قد حدث عندما أصبح عبد العزيز بوتفليقة رئيسا للجزائر في نيسان/ أبريل عام 1999. وكان يعتزم لقاء الملك الحسن الثاني لحل الخلافات. لكن الملك توفي في تموز/ يوليو من ذلك العام. ولم يظهر خليفته محمد السادس أي ميل لحل الصحراء الغربية بموجب شروط الأمم المتحدة، بحسب الزبير.
ولم يتجاهل بوتفليقة، خلال فترة رئاسته، مسألة الصحراء الغربية فحسب، بل أصدر تعليماته للمسؤولين بعدم الرد على أي أعمال عدائية مغربية، وبعد إقالته قسرا في نيسان/ أبريل 2019، كررت الجزائر دعمها لمبدأ تقرير المصير.
من جانبها، كانت المملكة المغربية تضغط على الاتحاد الأفريقي وأوروبا وأمريكا لدعم مزاعمها بالسيادة على الصحراء الغربية. أدى حدثان في الأشهر العشرة الماضية إلى تصعيد التوترات؛ الأول كان هجوما على المتظاهرين الصحراويين في الكركورات، المنطقة العازلة في جنوب الصحراء الغربية، من قبل القوات المغربية. ثم كانت هناك تغريدة من الرئيس دونالد ترامب يعلن فيها اعتراف أمريكا بالسيادة المغربية في الصحراء الغربية.
وشكّل ذلك سببا جزئيا لقرار الجزائر بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب.
نفذ الصبر الجزائري تجاه الأعمال التي تعتبرها معادية إلى في منتصف تموز/ يوليو، عندما وزع سفير المغرب لدى الأمم المتحدة مذكرة يعبر عن دعمه لمجموعة تقاتل من أجل انفصال منطقة القبائل الساحلية في الجزائر. الجماعة مدرجة على أنها جماعة إرهابية من قبل الجزائر.
تداعيات قطع العلاقات
ويقول الزبير، إن التفكك قد يؤيد إلى إعادة ترتيب جيوسياسية. لكن كل هذا يتوقف على ما إذا كانت المغرب ستصعد التوترات وتستخدم الورقة الإسرائيلية (التطبيع) ضد الجزائر، أو ما إذا كانت ستسعى إلى تخفيف التوتر.
اقرأ أيضا: هل تنجح الوساطات بين الجزائر والمغرب قبل قمة العرب؟
بدأت الجزائر بالفعل في تعزيز سيطرتها على الحدود الجزائرية المغربية، كما يمكنها أن تخلق مشاكل خطيرة للمغرب إذا قررت طرد عشرات الآلاف من المغاربة (وكثير منهم مهاجرون غير شرعيين) من الجزائر.
وهناك تداعيات أوسع أيضا، فانقطاع العلاقات يهدد بالموت لاتحاد المغرب العربي، الذي كان خامدا بالفعل. وسوف تعني العلاقات المتوترة إما أن يبقى التجمع الإقليمي في طريق مسدود أو قد يظهر تجمع جديد.
ومن المتوقع أن تتصاعد الخصومات بين الجزائر والمغرب في الاتحاد الأفريقي حول وضع إسرائيل كمراقب في الاتحاد الأفريقي، وحول الصحراء الغربية.
في المجال الاقتصادي، أعلن وزير الطاقة الجزائري في أواخر آب/ أغسطس أن عقد خط أنابيب الغاز المغاربي - الأوروبي، الذي يمر عبر المغرب، لن يتم تجديده بعد انتهاء صلاحيته في 31 أكتوبر 2021. ويذهب خط الأنابيب مباشرة من شمال غرب الجزائر، ثم يعبر البحر الأبيض المتوسط.
وبدلا من ذلك، ستوزع الجزائر الغاز الطبيعي إلى إسبانيا والبرتغال عبر خط الأنابيب MEDGAZ.
وخيتم الزبير بالقول، إنه لا يمكن التنبؤ بأثر هذا التفكك على المدى الطويل، ولكن ما هو مؤكد هو أن التنافس الجزائري المغربي سوف يشتد.