هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ينعكس اختلاف فكر الأجيال واهتماماتهم، وتطور مناحي الحياة المختلفة، على مستوى تمسك فئات كبيرة من المجتمع الأردني بأطباق شعبية وتراثية ورثوها عن الآباء والأجداد، وصلت حد النسيان، وبات حضورها على موائدهم أمرا نادرا في كثير من الأحيان.
"أيقونة" الأطباق الشعبية الأردنية فريال الكوفحي أم محمد، أصبحت عنوانا لكثير من مواطنيها وزوار بلادها الراغبين في تناول أقدم الأكلات الشعبية، من خلال مطبخ خاص أنشأته لهذه الغاية.
بالثوب التراثي الأردني المطرز باليد، "الشرش" استقبلت أم محمد (57 عاما) مراسل الأناضول في مطبخها الخاص بمحافظة إربد (شمال)، وتحدثت عن فكرة مشروعها ومنبعه، وسبب تمسكها بتحضير وجبات شعبية مرغوبة للعامة، لا يتقنها الكثيرون.
وفي مطلع حديثها قالت الكوفحي: "بدأت الفكرة منذ عام 1993 في منزل زوجي بمنطقة حور (تابعة لمحافظة إربد)، ثم قررت بعد ذلك الانتقال إلى المدينة في 2015".
وأضافت: "منذ طفولتي أعشق الأكلات الشعبية الصحية بمكوناتها الطبيعية، وقد لاحظت ذلك على جدة أمي التي عاشت 114 عاما، دون أن تعاني من أية أمراض مزمنة بفضل تناولها لها".
واعتبرت الكوفحي، وهي أم لخمسة أولاد وثلاث بنات، أنها استمدت القوة والعزيمة من زوجها وأبنائها، لافتة إلى أنها اصطدمت في البداية بنظرة المجتمع القروي والريفي لعملها، لكن وقوف عائلتها إلى جانبها بدد كل المخاوف.
وتابعت: "معظم الأكلات التي أعدّها يدخل زيت الزيتون الأصلي في تحضيرها، وهو ما يجعلها مرغوبة ويزيد من الإقبال عليها".
"مكمورة" و"كشك" و"لزاقيات" و"المطابق بأنواعه" و"الكباب" وغيرها من الأطباق الأخرى، أكلات شعبية دائمة الحضور في مطبخ الكوفحي، ولها زبائنها من مختلف أنحاء المملكة وخارجها.
وأوضحت بأنه من شدة الإقبال على مأكولاتها خلال مشاركاتها في المعارض الشعبية، فإنها تكون الوجهة الأولى لزوارها.
كما أنها تكون الأولى في المعارض رغم وجود ما يزيد على 30 فرنا (إشارة إلى عدد المشاركين الكبير وتفوقها عليهم)؛ وأن أرقى مطاعم المملكة يطلبون مأكولاتها لتقديمها، على حد قولها.
المكمورة هي من أشهر الأكلات الشعبية الأردنية والأكثر طلبا من الكوفحي، وهي عبارة عن أطباق من عجين القمح والدجاج، يرش عليه الملح والفلفل، وزيت الزيتون.
وتعد الكوفحي أطباقها بحسب الطلب، وتبدأ أسعار بعضها من 35 قرشا (49 سنتا)، وتصل في حدها الأعلى إلى 270 دينارا (380 دولارا).
تداعيات أزمة كورونا طالت أم محمد كما غيرها من القطاعات الأخرى، فقد بينت بأنه يعمل معها 8 موظفين من أصل 18 (قبل الأزمة الوبائية)، إضافة لنحو 60 امرأة يعملن من منازلهن.
وهي ترق عجين خبز العيد على قالبها الخشبي، أعربت الكوفحي عن فخرها لما وصلت إليه من سمعة، حيث قالت بأن أطباقها وصلت إلى خارج المملكة، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية.
قالوا إن "الأم لا تقول هل تريد، بل تعطي"، فقد استطاعت السيدة الأردنية أن تحقق حلمها من خلال عملها بإلحاق أبنائها بالجامعات، وحصلوا على شهادات في تخصصات الطب والهندسة والتمريض والصيدلة.
وبكل اعتزاز بما صنعت لأولادها، قالت الكوفحي: "الله يرضى عليهم، لو بدي (أريد) قصر من ذهب يبنوه لي، حتى الطبيب يأتي من المستشفى ليساعدني مثل بقية إخوته".
أما زوجها أحمد دحادحة (62 عاما)، فقال إن "البداية كانت صعبة؛ لأن مجتمعاتنا قروية ولا تقبل عمل المرأة".
واستدرك: "عندما رأيت الإقبال الكبير على منتجاتها لم ألتفت لكلام الناس وشجعتها حتى أصبحت معروفة لدى الجميع بأطباقها الشهية".