هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد مكتب رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، مساء الثلاثاء، "إعادة" الأخير وقرينته، لمقر إقامتهما بالخرطوم، "تحت حراسة مشددة"، مع بقاء وزراء وقادة سياسيين "قيد الاعتقال".
جاء ذلك في بيان لمكتب حمدوك نشر عبر صفحته الموثقة بفيسبوك، بعد وقت قصير من إعلان إعلام محلي سوداني عودته إلى منزله بالخرطوم مع "انتشار عسكري كثيف حوله لحمايته".
وأفاد المكتب في البيان ذاته، بأنه "تمت مساء الثلاثاء إعادة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك وقرينته إلى مقر إقامتهما بالخرطوم تحت الحراسة المشددة"، دون تقديم تفاصيل عن حالته أو وضعه منذ اعتقاله,
وأضاف: يؤكد مكتب رئيس الوزراء أن عدداً من الوزراء والقادة السياسيين لا يزالون قيد الاعتقال في أماكن مجهولة".
وأكد مصدر عسكري سوداني، أن "حمدوك وصل إلى منزله في الخرطوم " في أعقاب الإفراج عنه.
وأضاف المصدر لـ"أ ف ب" رافضا الكشف عن هويته أنه "تمت إعادة عبد الله حمدوك الى منزله في كافوري واتخاذ إجراءات أمنية حول المنزل". ورفض المسؤول الرد على سؤال عما إذا كان ذلك يعني الإفراج عنه أم وضعه تحت الإقامة الجبرية.
وذكرت وسائل إعلامية، أن قوة أمنية اعتقلت فائز السليك المستشار السابق لرئيس الوزراء السوداني.
وفي وقت سابق من نهار الثلاثاء، رد مكتب حمدوك، على "دعاوى رأس الانقلاب"، رئيس المجلس السيادي، عبد الفتاح البرهان، التي برر فيها الإجراءات التي اتخذها في البلاد، وذلك بالتزامن مع تواصل الاحتجاجات الرافضة للانقلاب وسط دعوات لعصيان مدني.
وقال بيان للمكتب إن "دعاوى رأس الانقلاب بأن ما يفعله حماية للثورة لن تنطلي على السودانيين والعالم"، داعيا لإطلاق سراح حمدوك بشكل فوري، وذلك قبل أن يطلق سراحه بالفعل مساء الثلاثاء.
وقال البرهان، خلال مؤتمر صحفي بالخرطوم، إن حمدوك "معي في منزلي للحفاظ على سلامته ويمارس حياته بشكل طبيعي وسيعود إلى منزله"، مردفا أن "ما قمنا به ليس انقلابا عسكريا وإنما هو تصحيح لمسار الثورة".
وأضاف مكتب رئيس الحكومة الانتقالية، إن "على الانقلابيين أن يطلقوا سراح رئيس الوزراء وجميع من معه فورا وعليهم أن يعلموا أن رئيس الوزراء يحميه شعبه الذي قاد ثورة سلمية طويلة الأجل دون أن تراق قطرة دم واحدة".
اقرأ أيضا: البرهان: حمدوك في منزلي.. وهجوم على قوى سياسية (فيديو)
وأضاف: "رأى العالم كيف تدير الأرتال العسكرية والمليشيات وكتائب ظل النظام البائد صراعاتها مع الشعب السوداني مستخدمة العنف والقتل في تكرار للمآسي الإنسانية التي جُبلت عليها".
وتابع: "لن تنطلي على الشعب السوداني وعلى العالم دعاوي رأس الانقلاب بأن ما يقوم به هو حماية للثورة ولرئيس وزرائها".
وكان البرهان ظهر الثلاثاء خلال مؤتمر صحفي، لاستعراض الأسباب التي دفعته، لحل مجلسي السيادة والوزراء واتخاذ خطوات وصفتها القوى السياسية بالانقلاب العسكري، قائلا، إنه كان بالأمس برفقة حمدوك وزاره عدد من قيادات القوات المسلحة، وهو ليس معتقلا، لكن خوفا من تعرضه لمخاطر وتعقيدات تم نقله إلى منزله.
وشدد على أن حمدوك، سيعود إلى منزله، فور استقرار الأوضاع وعودة الهدوء مرة أخرى في البلاد.
وقال إنه "يمكن اختيار بعض الصحفيين لمقابلة رئيس الوزراء والاستماع إليه"، وأردف أن "ما قمنا به ليس انقلابا عسكريا وإنما هو تصحيح لمسار الثورة".
وأضاف، أن مجلس السيادة قدم ثلاثة خيارات لحمدوك من أجل حل الأزمة في البلاد، إبان توتر القوى السياسية، مضيفا أن "قوى الحرية والتغيير رفضت الاستماع لوجهة نظرنا ورفضت كل اقتراحات الحلول المقدمة".
وأشار إلى أنه تم اختطاف مبادرة رئيس الوزراء من قبل قوى سياسية، وكان هناك وزير في الحكومة، يدعو للفتنة في السودان ويتحدث بروح لا ترقى لروح رجال الدولة.
وقال البرهان إن المحاصصة أدخلت السودان في مرحلة تشظ سياسي، والفترة الانتقالية مرت بكل تجاذباتها حتى وصلت إلى أمور استدعت التوقف مرارا مع رئيس الوزراء.
— قناة الجزيرة (@AJArabic) October 26, 2021
احتجاجات متواصلة
تواصلت الاحتجاجات في السودان، الثلاثاء، تنديدا بقرارات البرهان، فيما جددت أحزاب ومنظمات وتجمعات نقابية دعواتها إلى العصيان المدني والتظاهر رفضًا لخطوة قائد الجيش، وللمطالبة باستعادة الحكومة الانتقالية المدنية، وتحقيق مطالب الثورة الشعبية.
ونقلت صفحات نشطاء ووسائل إعلام سودانية على مواقع التواصل الاجتماعي، عبر تقنية البث المباشر، مشاهد لتظاهر مئات السودانيين في أنحاء متفرقة من العاصمة الخرطوم وبقية ولايات البلاد.
ورفع المتظاهرون العلم السوداني، ورددوا هتافات تطالب بالحكم المدني، وإلغاء قرارات قائد الجيش الأخيرة، وعودة حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
وكان لافتا المشاركة بأعداد كبيرة للنساء والأطفال في الاحتجاجات التي خرجت في الخرطوم بوقت مبكر من صباح الثلاثاء.
— TRT عربي (@TRTArabi) October 26, 2021
وكانت النساء تطلقن الزغاريد مع كل دفعة من المتظاهرين تنضم للاحتجاجات، كما رددن أناشيد وأغاني وطنية تدعو كلماتها إلى "إشعال ثورة".
وقطع المتظاهرون بالمتاريس (حواجز) شوارع رئيسية في الخرطوم ومدن أخرى بالسودان، لمنع مركبات قوات الجيش من عبور هذه الشوارع.
ونقل حساب "تجمع المهنيين السودانيين" على "تويتر" جانبا من تظاهرات الخرطوم، وكتب في تغريدة: "جماهير الشعب السوداني ترفض وتقاوم الانقلاب العسكري. تظاهرات وإغلاق الشوارع الرئيسية بالمتاريس والدعوة للعصيان المدني الشامل".
— البيه 𓂆 (@MohamedBeckHmd) October 26, 2021
من جانبه، دعا "حزب الأمة" القومي الشعب السوداني، إلى "الخروج للشوارع دفاعا عن الديمقراطية".
وقال رئيس القطاع الاقتصادي للحزب، إبراهيم البدوي، عبر صفحة الحزب على فيسبوك، إننا "ندين الانقلاب العسكري وندعو الجماهير للخروج إلى الشوارع دفاعا عن الديمقراطية مع الالتزام بالسلمية".
وجدد الحزب الشيوعي السوداني رفضه لـ"الانقلاب العسكري"، مطالبا السودانيين بـ "الخروج للشوارع وكسر قانون الطوارئ".
وقال الحزب، في بيان على تويتر، إن "هذا الانقلاب مرفوض تماما من قبل جماهير الشعب السوداني التي قالت كلمتها ولقد نزلت تلقائيًا إلى الشوارع منذ الصباح الباكر".
وأضاف: "إننا في الحزب الشيوعي السوداني نناشد جميع جماهير الشعب السوداني وقوى الثورة الخروج إلى الشارع وكسر قانون الطوارئ".
في السياق ذاته، أعلن تجمع العاملين في قطاع النفط، عن "العصيان المدني في كافة قطاعات النفط والغاز".
اقرأ أيضا: تقرير حقوقي: الانقلاب ينسف أحلام السودانيين بالديمقراطية
وقال التجمع، في بيان: "نعلن عن عصياننا المدني في كافة قطاعات النفط والغاز حتى تعود الأمور إلى نصابها ويتم تسليم مقاليد الحكم والدولة للمكون المدني".
وأكمل: "تابعنا جميعا بغضب واستنكار تداعيات الأحداث في الساعات الماضية وما آلت إليه الأمور بالتفاف وانقلاب قيادات المكون العسكري الحالي ومن وراءهم على مكتسبات الثورة السودانية الشعبية".
وأضاف البيان: "نحن هنا في تجمع العاملين في قطاع النفط نعلن إدانتنا ورفضنا القاطع لهذا الانقلاب الصريح على الدولة المدنية ودولة القانون".
كما أعلنت اللجنة التسييرية لنقابة العاملين بضرائب ولاية الخرطوم، في بيان، الدخول في "إضراب وعصيان مدني اعتبارا من اليوم الثلاثاء، وحتى إشعار آخر رفضا للانقلاب العسكري وتقويض الفترة الانتقالية".
موظفو بنك السودان المركزي أعلنوا كذلك، في منشور عبر حساب وزارة الإعلام بالحكومة السودانية المحلولة، "الدخول الفوري في إضراب وعصيان مدني، رفضا للانقلاب العسكري وتقويض الفترة الانتقالية".
وقبل إعلان قائد الجيش عن حل مجلسي السيادة والوزراء وإعلان حالة الطوارئ، الإثنين، نفذت السلطات سلسلة اعتقالات شملت رئيس الحكومة الانتقالية عبد الله حمدوك، ووزراء ومسؤولين وقيادات حزبية.
وأدانت دول ومنظمات إقليمية ودولية قرارات البرهان، ودعت إلى الهدوء وعدم التصعيد والالتزام بخارطة المرحلة الانتقالية.
مطالب دولية
في سياق متصل، تواصلت الردود الدولية على ما جرى في السودان، كان أبرزها تكرار إدانة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش للانقلاب، ومطالبته بالإفراج الفوري عن حمدوك.
وقال غوتيريش: "أدين الانقلاب العسكري المستمر في السودان، ولا بد من إطلاق سراح رئيس الوزراء حمدوك، وجميع المسؤولين الآخرين على الفور".
رسائل من خارجية الحكومة الانتقالية
أبلغت وزارة الخارجية في الحكومة السودانية الانتقالية (أعلن الجيش حلها)، الثلاثاء، نظيراتها حول العالم، بـ"احتجاز رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وأعضاء بالحكومة، في مكان غير معلوم".
وقالت وزارة الإعلام السودانية بالحكومة الانتقالية، عبر صفحتها على فيسبوك، إن "وزيرة الخارجية مريم الصادق، بعثت رسائل إلى نظرائها في الدول الأفريقية والعربية والغربية".
وأضافت أن الصادق أبلغت وزراء الخارجية بأن "رئيس الحكومة الشرعي عبد الله حمدوك وأعضاء حكومته في مكان غير معلوم حتى اللحظة".
وأشارت إلى أن وزيرة الخارجية، في الحكومة المحلولة، أكدت إدانتها "الانقلاب العسكري وعدم الاستسلام لإعلاناته غير الدستورية، ومقاومته بكل وسائل المقاومة المدنية".
سفراء سودانيون يدينون الانقلاب
أدان سفراء الخرطوم لدى فرنسا وبلجيكا وسويسرا، الثلاثاء، انقلاب الجيش السوداني ضد الحكومة الانتقالية، وفق ما ذكرته وزارة الإعلام والثقافة.
وحمل البيان الذي نشرته الوزارة عبر صفحتها على "فيسبوك" تواقيع سفراء السودان لدى فرنسا عمر بشير مانيس، وبلجيكا والاتحاد الأوروبي عبد الرحيم أحمد خليل، وسويسرا ومكتب الأمم المتحدة علي بن أبي طالب عبد الرحمن.
وقال السفراء بحسب البيان: "ندين بأشد العبارات الانقلاب العسكري الغاشم على ثورتكم المجيدة، ونرحب بالمواقف الدولية القوية وندعو الدول والشعوب المحبة للسلام إلى رفض الانقلاب".
وأضافوا: "نعلن انحيازنا التام إلى مقاومة شعبنا البطولية التي يتابعها العالم أجمع، ونعلن أن سفارات السودان لدى فرنسا وبلجيكا وسويسرا سفارات للشعب السوداني وثورته".
والإثنين، أعلن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، حالة الطوارئ في البلاد، وحل مجلسي السيادة (الذي كان يرأسه) والوزراء الانتقاليين، وإعفاء الولاة، وتعليق العمل ببعض بنود الوثيقة الدستورية الخاصة بإدارة المرحلة الانتقالية، في خطوة اعتبرتها قوى إعلان الحرية والتغيير وقطاعات سودانية واسعة "انقلابا" على المسار الديمقراطي في البلاد.
وقبل ساعات من هذه القرارات، نفذت السلطات سلسلة اعتقالات شملت رئيس الحكومة الانتقالية، ووزراء ومسؤولين وقيادات حزبية.
وعلى إثر الانقلاب، قتل أربعة أشخاص في الخرطوم الإثنين برصاص قوات الجيش، وأصيب آخرون، خلال تفريق مظاهرات خرجت للتنديد بالانقلاب.