مع
مرور نصف عام على اندلاع العدوان
الإسرائيلي الأخير على
غزة في أيار/مايو الماضي،
بات واضحا، وفق الاعترافات الإسرائيلية، أن الاستخبارات العسكرية
التابعة لجيش الاحتلال لم تتوقع خطط حماس، بدليل أن العملية المسماة "مترو
حماس" لم تسفر عن قتل العديد من مسلحي الحركة داخل الأنفاق.
ورغم
أن تلك
الحرب حافظت خلال الأشهر الستة الماضية على حالة من الهدوء النسبي في قطاع
غزة، لكن القناعة الإسرائيلية تفيد بأن العد التنازلي قد بدأ بالفعل لجولة أخرى.
وفي
الوقت ذاته، فإن انقضاء نصف عام كامل هذا الأسبوع على عدوان الاحتلال، يعتبر فترة
زمنية كافية للنظر إلى الوراء، وصياغة ملخص مؤقت لمدة 12 يوما من القتال، وما
حققه الجانبان بعضهما ضد بعض، إسرائيل وحماس، وما فاتهما، وما التحديات التي يواجهها
الجانبان.
يوسي
يهوشاع الخبير العسكري الإسرائيلي، ذكر في مقاله بصحيفة
يديعوت أحرونوت، ترجمته
"عربي21"، أنه "من وجهة نظر عملياتية، كان من الواضح أنه كان بإمكان
الجيش تحقيق المزيد من الأهداف في الحرب ضد حماس، لكن عملية مترو الأنفاق فشلت
ميدانيا؛ لأن عشرة فقط من مقاتلي الحركة قتلوا في العملية، وبصورة إجمالية قُتل
أقل من 100 مسلح من حماس والجهاد الإسلامي في الحرب برمتها".
وأضاف
أن "المخابرات الإسرائيلية لم تنجح بتقييم نوايا حماس التي فتحت الجولة
بإطلاق صواريخ على القدس، ثم انطلقت أعمال العنف في المدن العربية المختلطة، ومع
ذلك، فخلال هذه الفترة الحالية التي انقضت بعد انتهاء الحرب حتى اليوم، تم إطلاق
خمسة صواريخ فقط في إسرائيل، وهذا أقل عدد مقارنة بالعمليات الأخرى".
تتحدث
الإحصائيات الإسرائيلية أنه خلال الأشهر الستة التي تلت العدوان الأول على غزة
المسمى الرصاص المصبوب (2009-2008)، تم إطلاق 200 صاروخ على إسرائيل، وبعد الحرب
الثانية المسماة عامود السحاب (2012) أطلق في الشهور الستة الأولى بعد انتهائها 70
صاروخا، وبعد الحرب الثالثة المسماة الجرف الصامد (2014) أطلق 200 صاروخ، مع أنه
بعد حرب غزة ذات الـ50 يوما، ساد صمت طويل نسبيا، حتى عام 2018 عندما بدأت مسيرات
العودة.
مع
ذلك، ما زال الإسرائيليون يتذكرون أن الجبهة الداخلية، بما في ذلك تل أبيب وغوش
دان، تعرضت لهجوم شديد قبل حرب غزة الرابعة المسماة "حارس الأسوار"
2021، مع أنه كان بإمكان الاحتلال تجنب وقوع الحرب، دون التسبب في تصعيد عسكري في
قطاع غزة لو منع المستوطنين من تنفيذ مسيرة الأعلام في قلب المسجد الأقصى، لكنه لم
يفعل ذلك لحسابات انتخابية داخلية.
ويرصد
الإسرائيليون عدة أسباب للهدوء الجاري على جبهة غزة: "أهمها عدم رغبة
الجانبين، إسرائيل وحماس بالذهاب إلى حرب جديدة؛ والتخفيف الإنساني الجاري في غزة،
والتفاؤل بأن الوضع سيتحسن في المستقبل؛ ورغبة المنظمات المسلحة، وعلى رأسها حماس،
في إعادة بناء القوة للصراع المقبل، ولذلك تبدي الحركة مؤقتا اهتماما بإنجاز
التهدئة".
وقال:
"صحيح أن الطرفين لهما مصلحة في الهدوء الحالي، لكن إسرائيل ترصد جهود حماس
لإعادة بناء قوتها العسكرية، ومحاولة إنتاج صواريخ تم تحويل مسارها من مستودعاتها،
وتسعى أساسا لإيجاد خطط هجومية جديدة، بعد الجهود المضادة التي أقامتها إسرائيل ضد
مشاريع الحركة العسكرية مثل الأنفاق، والطائرات بدون طيار، والصواريخ عبر البحر،
والقذائف المضادة للدبابات، ورغم كل ذلك، فإن الجانبين يدركان أكثر من غيرهما، أن
المواجهة القادمة ليست سوى مسألة وقت".