تراقب الأوساط
الإسرائيلية عن كثب ما تعتبره
تطبيعا من قبل بعض الدول العربية مع النظام السوري، سواء لاعتبارات اقتصادية أو
سياسية، في حين ترى إسرائيل أن مصالحها تجعل من الصعب عليها القبول والاعتراف
بالأسد زعيما لسوريا، مشترطة ذلك بمدى قدرته على التخلص من التواجد الإيراني هناك.
في الوقت ذاته، تتحدث المحافل الإسرائيلية عن أن
الأسد يبدو مرتاحا في الرئاسة، فبعد عقد من الحرب العنيدة، وحالة النبذ التي
عاناها من العالم العربي، فقد أطلقت دول المنطقة في الأشهر الأخيرة سلسلة من التحركات
والزيارات التي تهدف لإعادة الرئيس السوري إلى أحضان العالم العربي.
كرميت فالنسي خبيرة الشأن السوري في
معهد
دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، ذكرت في القناة 12، أن "معالم التطبيع
العربي مع الأسد تمثلت بزيارة وزير الخارجية الإماراتي إلى دمشق، مرورا بافتتاح
السفارة البحرينية هناك، وإجراء حوار مع ملك الأردن، حول تجديد العلاقات
الاقتصادية، مع تحرك إقليمي للترويج لصفقة نقل الغاز المصري من الأردن عبر
سوريا
إلى لبنان، والدعوات المتزايدة لإعادة سوريا لجامعة الدول العربية".
وأضافت بمقال ترجمته "عربي21" أنه
"رغم امتناع الدول العربية صراحة عن مناقشة التنازلات التي تطلبها سوريا
صراحة، لكن من الواضح للجميع أن المطلب هو تقليص التدخل الإيراني في أراضيها،
ناهيك عن الانفصال عن التحالف مع إيران، وكشف النقاب عن خطة أردنية تطالب الدول
العربية بتطبيع العلاقات مع الأسد، وتشمل فتح بعثات دبلوماسية، وزيادة الاستثمار التجاري
والاقتصادي لإعادة إعمار سوريا، مقابل إصلاحات سياسية، وتقييد النشاط الإيراني
بها".
وتتحدث المحافل الإسرائيلية عن أن المرحلة الأكثر
تقدما في خطة التطبيع العربي مع سوريا تتمثل بانسحاب القوات الأجنبية منها،
باستثناء القوات الروسية بالطبع، مع العلم أن استمرار تراجع النفوذ الأمريكي في
الشرق الأوسط، يعزز مكانة روسيا، حليفة الأسد، وأخيراً "اعتبار الدول المطبعة
مع سوريا لإيران عدوا مشتركا يجب إضعافه، ومثل هذا الفهم قد يجعل الأسد أقرب
إلى مثلث الدول العربية المعتدلة، وصولا للولايات المتحدة، وربما في المستقبل حتى
من إسرائيل".
وفي الوقت ذاته، ورغم أن التطبيع بين سوريا
وإسرائيل ليس مطروحًا على جدول الأعمال في الوقت الحالي، لكن الخطوة الإقليمية
الجارية تتطلب من إسرائيل إعادة تقييم سياستها تجاه سوريا، لأنه يمكن لاتفاق
إقليمي واسع متعدد الأطراف أن يجعل إسرائيل شريكًا هادئًا يقبل قواعد اللعبة، أي
الاعتراف بالأسد، والالتزام بالامتناع عن الأعمال التي قد تقوض وضع نظامه، مقابل
إخراج سوريا من المحور الإيراني، وطرد إيران ومليشياتها منها.
اللافت أن الأوساط الإسرائيلية تتحدث عن ضرورة
أن تتصرف إسرائيل بمسؤولية، وعدم التسرع في تيار التطبيع نحو الاعتراف بالرئيس
السوري، بزعم أنه هو من مكّن إيران من المكوث على المدى الطويل في سوريا، وبالتالي
خلق أخطر تهديد أمني مباشر لإسرائيل من حدودها الشمالية، كما أن عائلة الأسد لديها
التزام طويل الأمد تجاه إيران، خاصة بعد الاستثمار الإيراني غير المسبوق لإنقاذ
الأسد من مصير القادة الآخرين الذين سقطوا في ثورات الربيع العربي.
وقالت إنه لا أحد يملك معلومات دقيقة، باستثناء
إسرائيل، حول ما إذا كانت ستنضم للتسوية الإقليمية تجاه سوريا، وفي هذه الحالة،
فقد تفعل ذلك بحذر، وتضع مطالبها الخاصة بطبيعة ومدى تقليص وجود إيران ومبعوثيها
في سوريا، مع ضمان القدرة على مراقبة ورصد هذه التغييرات، والحفاظ على حرية عمل
طيرانها في الأجواء السورية.