ما زالت أصداء قرار وزير حرب الاحتلال يسرائيل كاتس
بوقف سياسة
الاعتقالات الإدارية ضد
المستوطنين اليهود بالضفة الغربية تتردد في
الأوساط الإسرائيلية، باعتبار أن القرار من شأنه المسّ بأمن الاحتلال ذاته، ما
يجعل منه خطوة خاطئة، لأنه سيؤدي حتماً لسفك الدماء بين اليهود أنفسهم، وليس بين
الفلسطينيين فقط.
دفير كاريب، المسؤول الميداني السابق في جهاز الأمن
العام- الشاباك، والمكلف بملف "فتيان التلال"، وهم عصابة المستوطنين في
الضفة الغربية، أكد أن "قرار كاتس المفاجئ هو إثبات جديد لمن اتهمه بأنه لا
يفهم الأمن، وكان من الخطورة استبداله بالوزير المقال يوآف غالانت، ذي الخبرة
الأمنية الطويلة، لأنه لم يمر أسبوع واحد على تعيينه، حتى أثبت كاتس فعلا أن
المخاوف من تعيينه كانت مبررة، لا سيما عقب إعلانه عن انتهاء الاعتقالات الإدارية
للمستوطنين اليهود في الضفة الغربية".
وأضاف في مقال نشره
موقع واللا، وترجمته
"
عربي21" أن "ترجمة قرار كاتس العملية تعني أن يقول لا للشاباك
الذي اعتمد سياسة الاعتقال الإداري ضد المستوطنين العنيفين باعتبارها أداة ردع،
وليس عقابا، بل أداة لمنع الإرهاب اليهودي، مع العلم أن الشاباك كثيراً ما يستخدم
هذه الأداة ضد الفلسطينيين، حيث يتم اعتقال الآلاف منهم إدارياً كل عام، رغم أنه
يجب تجنب استخدام هذه الأداة القاسية قدر الإمكان ضدهم، لأنها تنتهك حقوق الإنسان،
وتمنع الإجراءات القانونية الواجبة".
وأوضح أنه "يتم استخدام الاعتقال الإداري ضد
المستوطنين العنيفين بأعداد صغيرة للغاية، فبين عامي 2016 و2022، وقعت حالة اعتقال
إداري واحدة كل عام فقط، وبين عامي 2022 و2024 زادت الأعداد إلى 5 و13 و16 على
التوالي، وفي بعض الأحيان يتم استخدامه في ظل شرطين: الأول فحص البدائل المحتملة
الأخرى، والثاني مدى عدم غموض المواد الاستخباراتية، وبعبارة أخرى، ما إذا كان
المستوطن المحتجز يستأنف، والمحكمة العليا تدرس بعمق بناءً على المواد
الاستخباراتية، فهل ستوافق على الاعتقال أم تأمر بالإفراج عنه".
اظهار أخبار متعلقة
وأكد أن "سياسة الاعتقال الإداري ضد المستوطنين
تتعلق بفئة متطرفة منهم لا تنام أبداً، ما يستدعي من الشاباك تنفيذ هذه
الاعتقالات بحقهم بغرض الردع، مع احتمال كبير أن تكون منعت تنفيذ سلسلة من عمليات
الإرهاب اليهودي، لأن التجربة تظهر أن مثل هذه العمليات تؤدي في النهاية إلى سفك الدم
اليهودي، وهي معلومات يحوزها الشاباك، والوقائع تثبت ذلك".
وأشار إلى أن "سبب الزيادة في عدد الاعتقالات
الإدارية ضد المستوطنين اليهود يعود للتحسن في نوعية استخبارات الشاباك، ما يؤدي إلى معلومات أكثر جودة، وتؤدي إلى إجراءات مضادة، وتدعم الأساس الاستخباراتي لإعداد
المواد الخاصة بملفات الاعتقال الإداري، مع العلم أن الحرب الدائرة في غزة دفعت
"فتيان التلال" إلى زيادة معدل إرهابهم الذي يخططون له ضد الفلسطينيين،
ورغم ذلك فإن حقيقة أن الحكومة الحالية يمينية صرفة فإنها ستعمل على عدم التعرض
لهم".
وحذر من أن "قرار كاتس إلغاء الاعتقالات الإدارية
بحق المستوطنين العنيفين يعني تشجيع المزيد منهم، وإعطائهم حافزاً للتصرف بعنف،
اعتقاداً منهم بأنهم لن يعاملوا بقسوة، ما يجعل من هذا الإعلان غير مسؤول وخطير
على أمن الاحتلال ذاته، لا سيما أنه اتخذ بدون طلب من الشاباك لفهم المعطيات
والبدائل بشكل معمق، ومن غير المرجح أنه في مثل هذا الوقت القصير منذ تعيينه قد
تمكن من النظر في البيانات بجدية".
وجزم بالقول إنه "من المؤكد أن دوافع كاتس لم
تكن أمنية، وقد تكون نتيجة هذه الخطوة المتسرعة بعيدة المدى، حيث لا يشعر
"فتيان التلال" بالاستياء من قادة معسكرهم الذين لا يدينون أعمالهم
الإرهابية، بل إنهم يعرفون الآن أنه إذا تم القبض عليهم للاستجواب، وظلوا صامتين
في التحقيق، فسيتم إطلاق سراحهم، ولن يتم احتجازهم، وبالتالي فسيبقى حراً
لإلحاق الأذى بالدولة ذاتها، أي إننا سندفع بالدماء اليهودية ثمن الخطأ الذي
ارتكبه كاتس، وليس بالدماء الفلسطينية فقط".