سياسة تركية

قمة تركية أفريقية ثالثة.. هل توسع أنقرة نفوذها بالقارة؟

 أردوغان قال إن بلاده وسعت وجودها في كافة أنحاء أفريقيا عبر مؤسسات- الأناضول
أردوغان قال إن بلاده وسعت وجودها في كافة أنحاء أفريقيا عبر مؤسسات- الأناضول

عقدت في مدينة إسطنبول، أعمال القمة الثالثة للشراكة التركية-الأفريقية، تحت شعار "تعزيز الشراكة من أجل التنمية والازدهار المشترك"، والتي بدأت الخميس الماضي وتنتهي اليوم السبت.

 

ويشارك في القمة 16 زعيما أفريقيا، و102 من الوزراء، بينهم 26 وزير خارجية في "الاجتماع التاريخي" -كما تصفه أنقرة- الذي يعقد للمرة الثالثة خلال 13 عاما.

 

ويرى مراقبون أن تركيا توسع نفوذها في القارة الأفريقية في مجالات عدة لا سيما الاستثمارية والعسكرية.

 

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن حجم التجارة التركية إلى أفريقيا بلغ 30 مليار دولار في الأشهر الـ11 الأولى من العام الجاري، لافتا إلى أن حجم التبادل التجاري مع القارة بلغ 25.3 مليار دولار عام 2020.

 

وتطمح أنقرة إلى زيادة هذا الرقم إلى 50 مليار دولار في المرحلة الأولى ثم إلى 75 مليار دولار سنويا كما أكد الرئيس التركي الذي أشار في تصريحات سابقة إلى أن الاستثمارات التركية في القارة الأفريقية تجاوزت الـ6 مليارات دولار.

 

وفي ختام القمة السبت، سوف تعتمد تركيا خطة عمل في السنوات الخمس المقبلة تحت خمسة بنود، في مجالات: التنمية والتجارة والصناعة، والتعليم والمعلوماتية، والمرأة والشباب، والبنية التحتية، والزراعة والصحة.. كما أوضح وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو.

 

اقرأ أيضا: MEE: تركيا عبر "مسيّراتها" تغير قواعد اللعبة في أفريقيا
 

ورفعت تركيا عدد سفاراتها في عموم القارة الأفريقية من 12 في 2002 إلى 43 بالإضافة إلى 19 ملحقا عسكريا في الوقت الراهن، كما أن سفارات الدول الأفريقية في أنقرة ارتفع عددها من 10 في 2008 إلى 37 حاليا، فيما أجرى الرئيس التركي نحو 30 جولة بالقارة شملت توقيع اتفاقيات مع دول أفريقية.

 

وقد زادت وجهات طيران الخطوط الجوية التركية لتشمل 61 نقطة في دول القارة الأفريقية، وبلغ عدد مكاتب وكالة التعاون والتنسيق التركية "تيكا" 22 مكتبا، كما أن مؤسسة المعارف الوقفية التركية تلعب دورا مهما في دعم جهود المساعدات الإنسانية في القارة، وتمتلك 175 مؤسسة تعليمية في 26 دولة أفريقية، وتقدم رئاسة أتراك المهجر ومجتمعات ذوي القربى التركية "YTB" دعما لأكثر من 5 آلاف طالب أفريقي في التعليم العالي.

 

وقال أردوغان، إن بلاده وسعت وجودها في كافة أنحاء أفريقيا عبر مؤسسات مثل: "تيكا"، ومعهد يونس إيمره، ووقف المعارف، ووكالة الأناضول، والخطوط التركية، والهلال الأحمر.

 

الكاتب التركي برهان الدين دوران، قال في تقرير على صحيفة "صباح" إن رؤية تركيا في أفريقيا تكتسب زخما عاما بعد عام، والقمة الثالثة تبين النقطة العظيمة التي تم بلوغها في العلاقات بين أنقرة والقارة الأفريقية والتي اكتسبت بعدا استراتيجيا.

 

وأضاف أن أفريقيا المعروفة بالفقر والصراع الداخلي والهجرة في الماضي، تعد إحدى المناطق الصاعدة في القرن الحادي والعشرين، و7 من 10 دول في العالم سجلت أسرع نمو في عام 2020 هي في أفريقيا، وهذا يفسر الاهتمام المتزايد للدول الرائدة بالقارة.

 

وبالإضافة إلى تركيا، تبرز دول الاتحاد الأوروبي، لاسيما فرنسا، إلى جانب الصين وروسيا والإمارات والسعودية والهند، وتقدم أنقرة نهدا بديلا للسياسات الحالية للقوى الاستعمارية القديمة والجديدة للقارة الأفريقية، بحسب رئيس مركز الدراسات السياسية والاقتصادية "سيتا".

 

وقال الرئيس التركي، إنه زار برفقة زوجته أمينة، الصومال عام 2011 في الوقت الذي أغمض فيه العالم أعينه عنها، مؤكدا أن بلاده لم تدر ظهرها للشعوب الأفريقية.

 

وأضاف أردوغان في كلمة له في القمة: "حاولنا لفت انتباه الرأي العام العالمي إلى الأزمة الإنسانية في الصومال، ولم تغير تلك الزيارة مصير الصومال وحدها، بل وشرق أفريقيا أيضا. لقد أظهرنا أنه يمكن لدولة ما أن تولد من جديد من تحت أنقاضها عندما يتم توفير الدعم اللازم لها.. نسعى جاهدين للربح والتطور والتنمية معا".

 

الكاتب التركي دوران، أوضح أنه يتم انتقاد الدول الغربية لاستمرارها في نهجها الاستعماري السابق، لاسيما فرنسا التي لا تستطيع التخلص من عبء الماضي المخزي، كما أن الصين تلعب بالقارة دورا يخلق التبعية لها من خلال "فخ الديون" عبر التنمية، كما أن دور روسيا كـ"مزود أمني" هو مصدر قلق لانتشار "فاغنر" هناك.

 

وتابع بأن رؤية تركيا بالقارة بدأت بالمساعدات الإنسانية، وتستند على مبدأ "المساواة والمنفعة المتبادلة"، لتجذب المزيد من الاهتمام من الدول الأفريقية.

 

وأوضح أن هذه الرؤية تستند إلى مفهوم التعامل مع أفريقيا بمنظور الأفريقيين والتنمية المشتركة، وتتراوح الشراكة بين تركيا وأفريقيا بين المساعدات التنموية والبنية التحتية والزراعة والصحة والاتصالات والدفاع.

 

وتشمل كذلك: تقاسم التكنولوجيا، والتمويل، وتحديث الجيوش. كما أن أداء المسيرات التركية في ليبيا وروسيا وناغورو قره باغ، يثير إعجاب القادة الأفارقة. وبعد المغرب وتونس تهتم إثيوبيا وأنغولا باقتناء المسيّرات التركية.

 

اقرأ أيضا: MEE: نفوذ تركيا يزداد في غرب أفريقيا.. ما تأثيره على فرنسا؟
  

وأضاف دوران، أن تركيا تعمل في الميدان في مجالات تنموية وأمنية من جهة وفي أخرى لبناء علاقات قائمة على الصداقة الإنسانية والثقافية، مشيرا إلى أن أنقرة تسعى لتفكيك الأدوار التنموية والأمنية التي تضطلع بها الجهات الفاعلة المؤثرة في القارة.

 

وحول الحجم التجاري مع أفريقيا، فقد أشار دوران إلى أن القارة لديها حجم تجارة يبلغ 190 مليار دولار مع الصين، و50 مليار دولار مع ألمانيا، وإن الطريق ما زال طويلا لتقطعه تركيا في الشراكة مع دول القارة، والأمر يحتاج إلى استثمارات شاملة جديدة.

التعليقات (0)