لم يعد مقبولاً في العرف الوطني -بعد سبعة عقود على نكبة الشعب
الفلسطيني- أن تبقى الكتلة الفلسطينية الأكبر من اللاجئين خارج فلسطين على مقاعد المتفرجين، والاكتفاء بالنظر لما يجري داخل الأراضي المحتلة، في ظل ما تشهده القضية الفلسطينية من تحولاتٍ دراماتيكية واستراتيجية ليس آخرها معركة "سيف القدس"، ولن تنتهي بالقرار الفردي الذي اتخذه محمود عباس بإلحاق
منظمة التحرير الفلسطينية بـ"السُلطة" لتصبح دائرة من دوائرها، وليس العكس!
المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، ما هو إلا محاولة جادة لدفع فلسطينيي الخارج إلى قلب المشروع الفلسطيني. فنحن اليوم بحاجة ماسة للعمل بصورةٍ جادة، كجناح ثانٍ للطائر الفلسطيني ما بين الداخل والخارج، حتى نستطيع أن نحلق بالقضية الفلسطينية نحو الآفاق والتحرير، لا سيما وأنه لم يعد هناك متسعٌ من الوقت لمزيد من التفكير.
لا شك أن الإجماع الفلسطيني بات صوته أعلى من أن منظمة التحرير الفلسطينية التي أصبحت مختطفة، ولم يعد الحديث عن إعادة بنائها مجدياً أو ممكناً، والوقائع والتحولات المتسارعة على الأرض تؤكد كل ذلك وتصدقه. فالمنظمة الفلسطينية أصبحت ضعيفة، ومعطَلة، وفاقدة للتوازن الوطني المطلوب.
المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج الذي أنهى انتخاب كافة هيئاته القيادية قبل أيام في مدينة إسطنبول التركية؛ يهدف في عنوانه العريض لتشكيل إطار وطني فلسطيني جامع، ولملمة
الشتات الفلسطيني، وإيجاد رصيد وطني نضالي يكون داعماً لكافة الأطر
المقاومة في الداخل الفلسطيني، لا سيما في القدس المحتلة والضفة الغربية.
حركة فتح تحدث عدد من قياداتها، في تعليقهم على عقد المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، بأنهم يرفضون "استحواذ جهة أو تيار ما بالقضية الفلسطينية وحده مهما كان ثقله وزنه"، وهو تصريحٌ يثير الضحك حد السخرية، فحديثهم هذا لا يعدو عن كونه خواء سياسيا وتهريجا إعلاميا؛ فمن الذي يستفرد بالمشهد الفلسطيني منذ عقود؟ ومن الذي ذهب بالشعب الفلسطيني إلى الهاوية بعد توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993 دون إجماع وطني، الأمر الذي جر على القضية الفلسطينية الويلات، والنتيجة أن الاحتلال تنصل من بنود هذا الاتفاق، إلا بما يخدم مصالحه الأمنية والاقتصادية فقط؟
ختاماً، يبقى واحد من أهم الأهداف الأساسية للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، هو الحفاظ على وحدة الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، فالفلسطينيون يتبنون خيار المقاومة، وهم بالضرورة يقفون في وجه الاحتلال وأدواته الخبيثة بما يمتلكون من رصيد شعبي عربياً ودولياً عبر الاستفادة من الهيئات النقابية والشعبية والقانونية، وإطلاق المبادرات المختلفة لتفعيل عملهم السياسي والجماهيري والإعلامي في خدمة قضيتهم.