هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى"، الأحد، عن توقعاته للمكاسب المالية التي ستجنيها إيران في حال عادت إلى "خطة العمل الشاملة المشتركة" (الاسم الرسمي لاتفاق النووي الموقع عام 2015).
وقال المعهد الأمريكي في تقرير لكاثرين باور، وباتريك كلاوسون: "في الوقت الذي كانت تتأرجح فيه المفاوضات لإعادة تفعيل "خطة العمل الشاملة المشتركة" الموقعة عام 2015، بين الانهيار والنجاح، فمن الجدير تقييم ما يمكن أن تعنيه النتيجة بالنسبة لإيران من الناحية المالية".
وأشار إلى أنهم "سيعتمدون لإتمام هذا التقييم على فرضية سماح الاتفاق المجدّد باستئناف رفع العقوبات بالكامل على غرار ما تم تنفيذه في أوائل عام 2016، عندما جرى رفع عقوبات مكافحة الإرهاب عن جهات فاعلة اقتصادية رئيسية أو تعليقها أو الإعفاء منها خلال رئاسة ترامب بموجب تراخيص".
وأضاف: "في ظل هذه الظروف، ستكتسب إيران قدرة معيّنة على الاستفادة من أصول "مجمدة"، والنفاذ إلى النظام المالي العالمي، وبيع النفط، والاستفادة من الإيرادات المحققة، لكن السؤال الرئيسي الذي يطرح نفسه هنا هو: كم سيبلغ حجم الفائدة التي ستعود على إيران؟".
وأكد أن "المبالغ الكبيرة من الاحتياطيات الإيرانية التي لا يمكن التصرف بها حاليا لأسباب مختلفة، لن يتمكن النظام الإيراني من استعمالها بالكامل"، مشيرا إلى أن "التوقعات الاقتصادية الإقليمية الحديثة، التي أصدرها "صندوق النقد الدولي" أكدت أن الاحتياطيات التي يمكن لإيران استخدامها تبلغ 12.2 مليار دولار بالمقارنة مع الاحتياطيات المعلنة بقيمة 115.4 مليار"، ومنوهة إلى أن "إعادة إحياء الاتفاق النووي، من شأنه تحرير بعض هذه الأموال فقط".
وأفاد بأن "بعض احتياطيات إيران بالعملة الأجنبية ليست "مجمدة" بفعل العقوبات، وقبل التوقيع على "خطة العمل الشاملة المشتركة"، عندما كانت هذه الاحتياطيات الأجنبية تقدّر بأكثر من 100 مليار دولار، صرّح مسؤولو "المصرف المركزي الإيراني"، بأن التوقيع على اتفاق نووي لن يحرر سوى 29 مليار دولار، مشيرا إلى أنهم "يعتبرون أن الجزء الأكبر من الأموال المتبقية هي إما أموال مودّعة في مصارف صينية كضمان لتمويل مشاريع خاصة بأنشطة التجارة والاستثمار التي تجريها الصين في إيران (22 مليار دولار)، أو استثمار غير سائل لـ "المصرف المركزي" في الشركة السويسرية "نفط إيران للتجارة الدولية" التابعة لشركة "النفط الوطنية الإيرانية" (25 مليار دولار)، أو أصول عائدة لـ "المصرف المركزي الإيراني" في المصارف الإيرانية (10 مليارات دولار)".
ولفت إلى أن العقوبات التي فرضها ترامب على إيران عام 2018، بعد انسحابه من "خطة العمل الشاملة المشتركة"، حُظر بموجبها، أصولا بقيمة 40 مليار دولار تقريبا، والتي تقترب من إجمالي الأموال المحتجزة، والتي وفقا لبعض التقارير متواجدة في الصين (20) مليار دولار وكوريا الجنوبية (7) مليارات دولار، والهند (7) مليارات دولار، والعراق (6) مليارات دولار، واليابان (3) مليارات دولار وأوروبا (3- 5) مليارات دولار.
وتابع: "قد تكون الأرصدة الحالية حتى أقل من ذلك، فعلى سبيل المثال، أفادت بعض التقارير بأن إيران سحبت أموالا في الهند مقابل واردات الأرز والسكر والشاي، متذرعةً بإعفاء العقوبات على التجارة في السلع الزراعية".
ونوه إلى أن مشكلة الأكبر هي قابلية تحويل الأصول، حيث إن معظم الأصول المحظورة "المجمدة" بسبب العقوبات تكون مقوّمة على الأرجح بالعملات المحلية، مشيرة إلى أنه "عندما سمحت الولايات المتحدة لدول معيّنة بشراء النفط الإيراني، فرضت عليها إيداع إيرادات طهران من عمليات البيع في حسابات ضمان بالعملة المحلية التي لا يمكن استخدامها إلا لتمويل التجارة الثنائية".
اقرأ أيضا: تقديرات إسرائيلية: وتيرة الهجمات الإيرانية ستتصاعد
ونبه المعهد الأمريكي إلى أن "قيمة النفط الذي صدّرته إيران كان أكبر من قيمة وارداتها من هذه الدول، ما أدى إلى تراكم أرصدة كبيرة في حسابات الضمان المجمدة"، مضيفة أنه "خلال الفترة التي رُفعت فيها العقوبات المتعلقة بـ"خطة العمل الشاملة المشتركة"، عندما كان يحق للدول تحرير هذه الأرصدة، فقد واجهت إيران صعوبات لنقل هذه الأموال"، منوهة إلى أن معظم الأسواق الدولية تستخدم الدولار الأمريكي لتحويل الأموال على الأقل كخطوة وسيطة، وهو ما حظرته الأنظمة الأمريكية في هذه الحالة.
وأفاد بأنه "كي تتمكن إيران من النفاذ إلى كافة الأصول المحررة أو الإيرادات النفطية، فسيتعين عليها إعادة العلاقات المصرفية وغيرها من أنظمة تدفق الأموال التي تُمكّن البلدان من نقل هذه الأموال بسهولة"، لافتا إلى أن "طهران واجهت صعوبات للقيام بذلك بعد تنفيذ "خطة العمل الشاملة المشتركة" للمرة الأولى، على الرغم من الجهود الأمريكية لتوضيح العقوبات وتسهيل إعادة بناء العلاقات المصرفية".
وأضاف: "حتى لو رفعت واشنطن العقوبات غير النووية التي فرضتها إدارة ترامب (على سبيل المثال، تصنيف الحرس الثوري الإسلامي الإيراني كـ"منظمة إرهابية أجنبية")، فقد تكون المصارف غير راغبة في التعامل مع العقوبات المستمرة المتعلقة بقضايا الإرهاب وحقوق الإنسان والصواريخ، وعلى نحو مماثل، قد يبقى "الحرس الثوري الإيراني" على قائمة الإرهاب بموجب سلطات عقوبات أخرى حتى لو جرى حذف تصنيفه كمنظمة إرهابية أجنبية".
وشدد على أنه سيتعين على أي شركة تقرر تحمل التكاليف الهائلة المرافقة للتوصل إلى وسيلة تتيح مزاولة الأعمال مع إيران، دراسة احتمال عودة رئيس جمهوري إلى البيت الأبيض في عام 2025، ما قد يؤدي إلى إعادة فرض عقوبات مالية واسعة النطاق.
وقال: "في حال منح إيران النفاذ إلى النظام المالي الأمريكي، وهو أمر غير مرجح، فيجب على المرء أن يضع في اعتباره أن ضحايا الإرهاب حققوا مليارات الدولارات من أحكام صدرت بحق طهران بسبب دعمها المادي للإرهاب، لذلك فلن يتوانى محامو أولئك الضحايا عن محاولة الحصول على أي مبالغ مالية تنتقل عبر المصارف الأمريكية".
وأكد أنه "في حالة نجاح محادثات "خطة العمل الشاملة المشتركة"، فستكون إيران في وضع جيد يُمكنها من مضاعفة حجم صادراتها من النفط وبشكل سريع".
وأضاف: "قدرت شركة "كبلر" أنه لدى إيران 87 مليون برميل مخزنة في البحر، بينما توقعت شركة "فاكتس غلوبال إنيرجي" أن يكون مخزونها البري عند 85 مليون برميل، بما فيها 25 مليونا في الصين، وبفضل هذه الكميات المخزنة ستتمكن إيران من زيادة صادراتها في غضون أسابيع بعد التوصل إلى اتفاق، كما أنها ستتمكن خلال الأشهر التالية، من التوسع بشكل أسرع مما كانت عليه في عام 2016، حتى عندما زادت إنتاجها بمقدار 300 ألف برميل في اليوم في غضون ثلاثة أشهر تقريبا وبواقع 700 ألف برميل في اليوم في غضون عام أو أقل".
وتابع: "أما شركة "أس أند بي غلوبال"، فقد توقعت ارتفاع الصادرات بمقدار 1.5 مليون برميل يوميا في غضون 9 أشهر من تاريخ توقيع الاتفاق، رغم أن هذا الرقم يمثل الحد الأقصى للتقديرات"، منوها إلى أن إيران ستتمكن من زيادة دخلها اليومي من النفط بثلاثة أضعاف بالمقارنة مع مستويات عام 2021، والتي كانت أساسا أعلى بكثير من مستويات عام 2020.
وشدد على أن الاقتصاد الإيراني مهيأ لتحقيق نمو كبير، خلال الأشهر المقبلة، بغض النظر عما يحدث بشأن محادثات "خطة العمل الشاملة المشتركة"، مشيرا إلى أن "صندوق النقد الدولي"، وقبل حدوث التغيرات الأخيرة في ظروف النفط العالمية، فإنه توقّع نمو "الناتج المحلي الإجمالي" الإيراني لعام 2022 بنسبة 2 في المائة.
وقال: "إذا تم جمع هذه النسبة مع متوسط نمو بلغ 3 في المائة خلال العامين الماضيين، تكون طهران قد سجلت نسبة 95 في المائة من المعدل التي كانت عليه قبل أن تتسبب حملة "الضغط الأقصى" التي شنتها إدارة ترامب بركود بين 2018 و2019 ما أدّى إلى تراجع الاقتصاد الإيراني بنسبة 12.4 في المائة".
وأضاف: "من المفترض أن ترتفع تقديرات النمو لهذا العام مع ارتفاع دخل النفط، على الرغم من أن أي نمو مستدام يتجاوز الـ3% من المحتمل أن يكون مقيدا بدون الوصول إلى الأسواق العالمية".
وأكد أن "الولاية الحالية للرئيس ابراهيم رئيسي ستشهد نموا أسرع لـ "الناتج المحلي الإجمالي" الفعلي من المعدل السنوي الذي بلغ 1.2 في المائة والمسجل خلال عهد سلفه"، منوها إلى أن ولاية الرئيس السابق حسن روحاني بدأت وانتهت بفترات ركود حاد نجمت عن العقوبات، ما أبطل إلى حد كبير طفرة النمو البالغة 13.8 في المائة التي حدثت في الاقتصاد الإيراني 201-2017 بعد دخول "خطة العمل الشاملة المشتركة" حيز التنفيذ.
وأفاد بأنه من غير المرجح أن تتلاشى حدة الصعوبات التي واجهها عامة الناس في إجراء عمليات شراء من الخارج ودفع أسعار أعلى لقاء سلع أجنبية محدودة، طالما أن نفاذ البلاد إلى النظام المالي العالمي يبقى محدودا.
وختم المعهد الأمريكي التقرير، قائلا: "لا يزال بالإمكان سماع أولئك الإيرانيين الذين يريدون علاقات أفضل مع الغرب، لكنهم سيجدون حاليا صعوبة أكبر في استخدام "خطة العمل الشاملة المشتركة" كدليل على أن التعاون يحقق فوائد اقتصادية أكثر من المواجهة".