تقارير

كفر كنا.. عروس الجليل رمز التآلف المسيحي الإسلامي

يعيش سكان قرية كفر كنا الفلسطينية في جو من الأخوة بين المسلمين والمسيحيين يمتد إلى مئات السنين
يعيش سكان قرية كفر كنا الفلسطينية في جو من الأخوة بين المسلمين والمسيحيين يمتد إلى مئات السنين

ذكرت القرية في الإنجيل باسم "قانا الجليل"، حيث قام السيد المسيح بأول عجائبه وهي تحويل الماء إلى خمر بحسب الإنجيل. ويرى بعض الباحثين أنها تقوم في مكان قرية "قانا الجليل" المذكورة في "العهد الجديد"، ويوجد فيها مقام النبي يونس عليه السلام، بحسب روايات متعددة.

يشتهر سكان بلدة "كفر كنا" الواقعة في أراضي فلسطين المحتلة عام 1948، بالحفاظ على العادات والتقاليد الفلسطينية القديمة، كما تشتهر البلدة بانتشار المساجد والكنائس، وكثرة السياح الوافدين إليها.

ويعيش سكانها في جو من الأخوة بين المسلمين والمسيحيين يمتد إلى مئات السنين، بعيدا عن العنصرية والفئوية والطائفية. وتلقب بعروس الجليل لأنها من أجمل الأماكن في فلسطين.

"كفر كنا" قرية عربية تقع في منطقة الجليل الأسفل شمال فلسطين، على مقربة من بحيرة طبريا وشرق مدينة الناصرة. وتسمى أيضا " قانا الجليل" لتميزها عن قرية "قانا" جنوب لبنان.

 

                      صورة قديمة لـ"قانا الجليل" تعود إلى عام 1898

اشتهرت قديما ببساتين الرمان التي قضي على معظمها بسبب تفاقم الضائقة السكانية لأهل القرية. كما تشتهر بكروم الزيتون، حيث يعتبر زيت الزيتون في "كفر كنا" أحد أجود أنواع الزيت في منطقة الجليل.

وتحتوي القرية على آثار كنسية من العصور الوسطى وقطع معمارية وأعمدة ومدفن منقور في الصخر، وبقايا بناء دير، كما تحيط بها "خربة كنا" التي تقوم على قرية كاريس الرومانية، وتضم أساسات وصهاريج منقورة في الصخر.

وكشفت الحفريات الأثرية عن بقايا تعود إلى العصر الحجري الحديث وإلى العصرين المملوكي. وعثر على أدلة على إقامة مستوطنة كبيرة في العصر البرونزي المتاخم لنبع "كانا المعمر".

ذكرت القرية في رسائل تل العمارنة، وكانت معروفة في زمن المؤرخ اليهودي الروماني يوسيفوس فلافيوس.
 
في حوالي عام 1300، وصفت "كفر كنا" بأنها قرية كبيرة، يعيش فيها رؤساء القبائل المختلفة.
 
وتحت حكم الدولة العثمانية، ازدهرت القرية في القرن السادس عشر، حيث كانت تقع على الطريق التجاري الغربي بين مصر وسوريا. وفرضت عليها ضرائب عالية من أنواع مختلفة في السوق التجاري المزدحم، كما فرضت الضرائب على الحمامات العامة والأفران.

وكانت القرية تتاجر في الملابس التي كانت تنتج في منطقة الجليل للاستهلاك الدولي.

 

                         صورة للقرية تعود إلى عام 1935

ولا تزال البلدة مزدهرة إذ يوجد في "كفر كنا" اليوم منطقة صناعية، كما يوجد فيها مصنع من أهم المصانع في الشمال وهو مصنع لإنتاج السخانات الشمسية والكهربائية، وتحولت في السنوات الأخيرة إلى مركز تجاري هام في قضاء الناصرة.
 
على صعيد السكان فقد أظهرت خريطة من غزو نابليون بونابرت عام 1799 موقعا أطلق عليه اسم "قانا". ومر بها المستشرق بوركهات عام 1812 وقال إن معظم سكانها من المسيحيين الكاثوليك. وفي مسح سكاني في عام 1881، وصفت "قانا" بأنها قرية مبنية بالحجارة، تحتوي على 200 نسمة من المسيحيين وحوالي 200 نسمة من المسلمين.

وفي تعداد فلسطين لعام 1922 الذي أجرته سلطات الانتداب البريطاني، بلغ عدد سكان كفر كنا 1,175 نسمة. كان منهم حوالي 672 من المسلمين وحوالي 503 من المسيحيين.

وفي إحصائيات عام 1945، كان عدد السكان 1,930؛ وتوزعوا بين 1,320 من المسلمين وحوالي 610 من المسيحيين.

ويبلغ تعداد سكانها حاليا نحو 30 ألف نسمة، واعتبارا من عام 2014، شكل المسلمون حوالي 70% من السكان وشكل المسيحيون حوالي 30%.

 


                كنيسة القديس جريس الأرثوذكسية في كفر كنا


وخلال الوجود البريطاني في فلسطين هاجمت العصابات الصهيونية "كفر كنا" في كانون الثاني/ يناير عام 1948، لكن مجاهدي البلدة صدوهم وطاردوهم حتى مستعمرة الشجرة الواقعة على بعد 6 كم شرقي البلدة.

وما لبثت أن احتلت القرية من قبل وحدات من اللواء الصهيوني السابع، وفي 22 تموز/ يوليو من عام 1948 استسلم رئيس البلدية لقوات "الهاغاناه" الصهيونية، حفاظا على السكان وضمان عدم تهجير سكان القرية، وظلت كفر كنا تحت قانون الأحكام العرفية الإسرائيلي حتى عام 1966.

كان للقرية دور كبير ومحوري في أحداث 30 آذار/ مارس من عام 1976، وكان محمد يوسف طه، وهو من سكان كفر كنا، أحد الأشخاص الستة الذين استشهدوا على يد الجيش الإسرائيلي خلال مظاهرات يوم الأرض في ذلك اليوم الذي يصادف هذه الأيام.

 

الشيخ كمال الخطيب نائب رئيس الحركة الإسلامية في في فلسطين عام 48 بعد اقتحام بيته في بلدة كفر كنا.
 
كما ساهمت " كفر كنا" مثل غيرها من المدن والبلدات الفلسطينية في أراضي 1948 في الهبة الشعبية التي عرفت بـ"هبة الكرامة" في أيار/ مايو 202 أبان العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، واعتقل العشرات من أبناء البلدة وحكم على الكثيرين منهم بالسجن.

ولم يمر أي حدث فلسطيني دون أن تكون "كفر كنا" في مركز الحدث وضمن القطاعات الفاعلة والمؤثرة بهذه الأحداث.

المصادر

ـ الموسوعة الفلسطينية، كفر كنا (بلدة)، 2014.
ـ أنيس صايغ: بلدانية فلسطين المحتلة (1948-1967)، 1968.
ـ مصطفى مراد الدباغ: بلادنا فلسطين، ج7، ق2، 1974. 
ـ موقع فلسطين في الذاكرة، قضاء الناصرة ( كفر كنا)، ألبوم صور.
ـ وكالة وطن للأنباء، محكمة الاحتلال تحكم على شاب بالسجن 28 شهرا على خلفية "هبة الكرامة"، 4/10/2021.
ـ عادات وتقاليد فلسطينية متجذرة في "كفر كنا"، شبكة راية الإعلامية، 16/8/2018.


التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم