هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يتوجه الناخبون الفرنسيون، الأحد 10 نيسان/ أبريل 2022، إلى مراكز الاقتراع في جولة أولى من انتخابات رئاسية لاختيار رئيس جديد يقود البلاد لمدة خمس سنوات.
وعلى المقعد الرئاسي يتنافس 12 مرشحا، هم 8 رجال و4 نساء، لكن استطلاعات الرأي أظهرت أن ستة منهم فقط هم الأبرز في السباق، من ضمنهم الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، الذي يتصدر نوايا التصويت، قبل ثلاثة أيام من فتح باب الاقتراع.
وصادق المجلس الدستوري على ملفات 3 مرشحين عن اليمين المتطرف وهم مارين لوبان (التجمع الوطني)، وإريك زيمور (الاسترداد)، ونيكولاس دوبون إينيون (فرنسا انهض)، فيما ترشحت فاليري بيكريس عن حزب "الجمهوريون" ممثلة لليمين المعتدل.
وسيمثل اليسار المتطرف في الانتخابات الفرنسية كل من ناتالي أرثود (النضال العمالي) وفيليب بوتو (الحزب الجديد المناهض للرأسمالية)، فيما ترشح فابيان روسيل (الحزب الشيوعي الفرنسي) ونجان لوك ميلينشون (فرنسا المتمردة) عن اليسار الراديكالي، وآن هيدالغو (الحزب الاشتراكي) عن اليسار المعتدل.
في المقابل، سيكون يانيك جادوت ممثلا للخضر وجان لاسال (المقاومة) ممثلا للأحزاب التي تعبر عن المزارعين.
ماكرون الأوفر حظا
وتتوقع غالبية استطلاعات الرأي تأهل الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته ماكرون إلى الدور الثاني، الذي سيدور يوم 24 من الشهر الجاري، رفقة مرشحة حزب التجمع الوطني لوبان، في تكرار لسيناريو انتخابات 2017.
وتصدر ماكرون الاستطلاع، الذي أجرته شركة إبسوسSopra Steria / IPSOS لصالح صحيفة "لوموند"، نوايا التصويت، بحصوله على نسبة 26.5 بالمئة من تأييد الناخبين، بينما ستحل لوبان في المركز الثاني بنسبة 21.5 بالمئة.
ولا تزال استطلاعات الرأي حول نوايا التصويت في الدورة الثانية المقررة في 24 نيسان/أبريل تتوقع فوز ماكرون أمام لوبن على غرار ما حصل في الدورة الثانية لانتخابات العام 2017، ولكن بفارق أضيق لا يزيد عن هامش الخطأ في تلك الاستطلاعات. في حين وضعت الاستطلاعات مرشح أقصى اليسار جون لوك ميلنشون في المركز الثالث بنحو 15 إلى 16 بالمئة من نوايا التصويت.
ومع ذلك فإن هناك عاملا غير معروفا قد يكون حاسما في الانتخابات الرئاسية الفرنسية 2022، وهي أصوات المترددين، حيث تقول نسبة غير مسبوقة من الناس -وفق استطلاعات الرأي- إنهم "غير متأكدين" لصالح من سيصوتون أو إنهم "لا يعتزمون" التصويت على الإطلاق،. ولا شك، أن هذا الجانب، يثير حالة من "عدم اليقين" في ضوء انتخابات الرئاسة الفرنسية.
ولا تثير الانتخابات اهتماما لدى الفرنسيين وتخيم نسبة امتناع قياسية عن التصويت على الاقتراع بحسب استطلاعات الرأي التي أشارت إلى أنها قد تبلغ حوالي 30 بالمئة. رغم أن الاهتمام بها تراجع مع الحرب في أوكرانيا، فإن الانتخابات التي تشمل 12 مرشحا ترتدي أهمية كبرى على الصعيدين الوطني والإقليمي بالنسبة لفرنسا، باعتبار أن باريس تترأس الاتحاد الأوروبي حاليا.
4 ملفات
ترتكز الحملات الانتخابات الرئاسية في فرنسا على 4 محاور كبيرة تتمثل في الهجرة والإسلام وأوكرانيا والقدرة الشرائية للفرنسيين، لكن بتفاوت بالنظر إلى التطورات المحلية والإقليمية التي تعيش على وقعها باريس في ظل الغزو الروسي لأوكرانيا وترأسها للاتحاد الأوروبي خلال دورته الحالية.
يقول الكاتب الصحفي والناشط ناشط في حملة "فرنسا الأبيّة" حاتم النفطي إن "المحاور تغيرت كثيرا خلال هذه الحملة الانتخابية مقارنة بما كان عليه الحال في خريف العام الماضي عندما أعلن مرشح أقصى اليمين إيريك زمور ترشحه لأول مرة للانتخابات الرئاسية".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أشار النفطي إلى أن الشارع الفرنسي كان يناقش في ذلك الوقت مسائل الهجرة والإسلام والاندماج، تفاعلا مع مقترحات زمور، الذي طالب بإعادة قانون قديم من عهد نابليون بونابرت يفرض على الأولياء تسمية أبنائهم بأسماء مسيحية".
وتابع: "مع صعود زمور إلى الواجهة في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، طُرحت عديد المواضيع ذات العلاقة بالإسلام والهجرة حيث كان الناس يتفاعلون سلبا وإيجابا مع اقتراحاته، الأمر الذي دفع بمارين لوبان إلى القول بأن زمور متطرف".
وأضاف: "بالمرور الوقت، ظهرت مسألة القدرة الشرائية في الشارع الفرنسي، حيث سجلت فرنسا نسبة تضخم كبيرة بسبب أزمة كورونا بعد سنوات من الاستقرار، ما جعل المرشحين الرئاسيين يتحدثون عن حلول للمشاكل الاقتصادية".
تأثير أوكرانيا
وقال حاتم النفطي: "أما بالنسبة للملف الثالث في الحملات الانتخابية، فهو الحرب الروسية الأوكرانية التي فرضت نفسها بقوة، حيث اتهم عدد من المرشحين الرئاسيين آخرين بأنهم مقربون من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وعلى وجه الخصوص زمور ولوبان اللذان يعتبران قريبان من بوتين إيديولوجيا، ويعتبرونه نموذجا، فضلا عن ميلينشون المتهم زورا وبهتانا باعتباره حاملا لإيديولوجيا معادية للمعسكر الغربي ليس إلا"، على حد تعبيره.
وأوضح: "الشارع الفرنسي منقسم حول الحرب بين موسكو وكييف، حيث يدعو بعض الناس إلى توفير السلاح لأوكرانيا، وآخرون يريدون زيادة العقوبات على روسيا".
وعن تأثير الحرب الأوكرانية على حظوظ المرشحين، أكد النفطي أن ماكرون استفاد في بداية الغزو من الأمر بالترويج بأنه يجب أن يبقى لفترة أطول كرئيس لفرنسا وكقائد أعلى للقوات المسلحة، قبل أن يخسر بعض النقاط مع استمرار مدة الحرب.
اقرأ أيضا: 12 مرشحا للانتخابات الرئاسية في فرنسا.. تعرف إليهم
وقال حاتم النفطي إن النقاش عن الإسلام والهجرة تراجع منذ بداية الحرب، فيما يعتبر زمور أكثر المرشحين إثارة للجدل، حيث طرح أفكارا مثل قانون الأسماء وطرد مليون مهاجر على الأقل.
وأثر أقصى اليمين على خطابات مرشحة وسط اليمين فاليري بيكريس التي أصبحت تتبنى نظرية "الاستبدال الكبير"، التي تقول إن السود سيصبحون أغلبية في فرنسا ببلوغ عام 2050، وهي نظرية دحضتها عديد البحوث، بالرغم أن 60 أو 70 بالمئة من الفرنسيين يتبنون نظرية "الاستبدال الكبير"، بحسب النفطي.
كما أشار الكاتب الصحفي إلى أن لوبان طرحت فكرة إجراء استفتاء حول الهجرة من أجل التقليل من نسبها، في محاولة لإعفاء فرنسا من القوانين الأوروبية التي تخضع لها باريس في علاقة بالهجرة.
وباتت الحرب الأوكرانية الشاغل الأول للمرشحين الرئاسيين، الأمر الذي دفع بالرئيس الفرنسي ماكرون إلى الامتناع عن الإدلاء بتصحريات صحفية حول حملته الانتخابية أو المشاركة في مناظرات مع بقية المرشحين، بحجة أنه مهتم بالحرب في أوكرانيا.
ماكرون يواجه تحقيقا قضائيا
من جهة أخرى، أشار الناشط السياسي إلى أن ماكرون بصدد خسارة بعض النقاط بسبب تحقيق حول استعانة السلطات العامة كثيرا بخدمات شركات استشارية لا سيما شركة ماكنزي الأمريكية.
وفتح القضاء الفرنسي في 31 آذار/مارس تحقيقا أوليا في قضية تهرب ضريبي بعد تقرير لمجلس الشيوخ عن تأثير الشركات الاستشارية الخاصة على السياسات العامة.
في هذا التقرير، أكدت لجنة التحقيق في مجلس الشيوخ أن العقود التي أبرمتها الدولة مع شركات استشارية مثل ماكنزي "ازدادت بأكثر من الضعفين" بين 2018 و2021 لتصل مبلغا قياسيا بأكثر من مليار يورو في 2021.
وقال النفطي: "طلبت شركة الاستشارات، التي تضم أعضاء من حملة ماكرون في 2017، من الحكومة تخفيض منحة السكن الجامعي المخصصة للطلبة بمقدار 5 يورو لكل طالب، ليتضح لاحقا أن الشركة تلقت مبلغا ماليا من السلطات الفرنسية يساوي قيمة المبلغ الذي قامت الحكومة بإنقاصه من منحة الطلاب".