هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سلط كاتب أمريكي الضوء على العمليات التي قامت بها قوات المرتزقة الروسية "فاغنر" في ليبيا، وحجم الخراب الذي أحدثته وراءها منذ أن استدعيت للمشاركة في الهجوم على العاصمة طرابلس، ربيع عام 2019، ومشاركتها مؤخرا في الحرب على أوكرانيا.
وقال الزميل في برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي والضابط السابق في الجيش الأمريكي "فريديريك ويري"، إن قوات الفاغنر الروسية اختبرت ليبيا في إطار سيناريوهات مصغرة للحرب الدائرة في أوكرانيا حاليا.
وأضاف ويري في مقاله الذي أوردته صحيفة "التايم" الأمريكية، إن "المرة الأخيرة التي حاولت فيها القوات الروسية الإطاحة بحكومة معترف بها دوليًا كانت في بلد بعيد عن أوروبا الشرقية وعلى نطاق أصغر بكثير من حرب اليوم في أوكرانيا، مشددا على أن ما رآه في ليبيا لم يكن أقل ترويعًا للمدنيين ومضرًا بالسيادة الوطنية، بل كان ميدان اختبار للصراع المستعر الآن في أوكرانيا".
ويقول مسؤولون أمريكيون إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يلجأ إلى "الفاغنر" مع تعثر القوات الروسية النظامية وزيادة عدد القتلى في صفوفهم، أما ويري، فيذكّر أنه في ربيع عام 2019، وصل إلى مشارف طرابلس حوالي ألف مقاتل من فاغنر، وهي شركة عسكرية خاصة تعمل أساسًا كذراع سرية لبوتين، إلى جانب انضمام أفراد عسكريين روس نظاميين إلى مليشيات أحد أمراء الحرب الليبيين (قوات حفتر)، في محاولة للإطاحة بالحكومة القائمة.
ولفت ويري إلى أن مرتزقة فاغنر أحدثوا فرقًا، وعلى الرغم من أنهم دون المستوى المطلوب وفقًا للمعايير العسكرية الغربية، فإنهم قوضوا معنويات القوات الحكومية بقوة نيران لا هوادة فيها ودقة مميتة، لا سيما في شكل طلقات قناص جيدة التصويب، ببنادق عالية العيار ومضادة للعتاد.
اقرأ أيضا: تراجع أعداد "فاغنر" في ليبيا بسبب غزو أوكرانيا.. كم بقي منهم؟
ويضيف ويري الذي زار طرابلس ومناطق صراع أخرى في أفريقيا قائلا: "أخبرني أحد القادة في الجانب الحكومي أن ثلاثين بالمائة من الوفيات في وحدته كانت بسبب قناصة روس". مشددا على أن المدنيين الليبيين تحملوا وطأة هجوم فاغنر، ولقيت عائلات بأكملها حتفها تحت أنقاض المنازل التي دمرها القصف الروسي، وبعد أشهر قتلت الألغام والأشراك المتفجرة التي زرعها مقاتلو فاغنر حول طرابلس العشرات.
وبينما فشل الغزو في الإطاحة بالحكومة الليبية، فإن من تداعياته وجود القوات العسكرية الروسية راسخة بقوة في القواعد الجوية والمنشآت النفطية في جنوب وشرق ليبيا.
وفي أوكرانيا، يبدو أن روسيا تكرر كتابها المتعلق بليبيا، فبعد الفشل في قطع رأس الحكومة الأوكرانية والاستيلاء على البلاد بأكملها، تحولت موسكو إلى تجزئة مساحات من الأراضي وتجميد الصراع الأوكراني إلى طريق مسدود يعيق تقدم كييف الاقتصادي والديمقراطي وتكاملها مع الغرب.
وفي أواخر آذار/ مارس، أفاد البنتاغون وأجهزة المخابرات الغربية بأن ما يصل إلى ألف مقاتل من فاغنر، يتم إعادة انتشارهم في أوكرانيا.
يضيف ويري أن "فاغنر ستجد هناك عدوًا أكثر كفاءة وأفضل تجهيزًا من المليشيات الليبية، وهو خصم حطم بالفعل معنويات القوات التقليدية الروسية، ولكن من خلال إلقاء المزيد من القوى البشرية في حرب أوكرانيا، جنبًا إلى جنب مع أنظمة الدفاع الجوي والمدفعية، ولا يزال بإمكان هؤلاء المرتزقة تقويض احتمالات السلام الدائم وزرع بذور الصراع في المستقبل. ويمكنهم المساعدة في انتزاع ما يكفي من الأراضي من سيطرة الحكومة الأوكرانية لخلق واقع جديد على الأرض يمنح بوتين نفوذاً جديداً".
ويرى الضابط الأمريكي السابق أن ما فعلته فاغنر في ليبيا إلى جانب حملتها الأكثر تدميراً في سوريا وتدخلها القاتل في أفريقيا، والتي لخصتها مذبحة في أواخر آذار/ مارس راح ضحيتها مئات المدنيين في مالي على يد فاغنر، لن يمر مرور الكرام في أوروبا الشرقية.
وختم ويري بالقول: "إن هجوم بوتين على أوكرانيا دفع بالعمل الغربي المشترك ضد روسيا، بما في ذلك فرض عقوبات وتقديم المساعدة العسكرية والإنسانية للشعب الأوكراني. لكن التناقض بين هذه الدرجة من التعبئة الغربية تجاه أوكرانيا وتراخي الغرب السابق تجاه الانتهاكات الروسية ضد غير الأوروبيين هو أمر مفلس أخلاقياً. وهو يؤكد الحاجة إلى مفهوم أكثر شمولاً للأمن البشري المترابط، بين بلدان الجنوب العالمي وشمال الكرة الأرضية".