في الأراضي
الفلسطينية المحتلة أو المحتلة ضمنا، لا وجود للحرية، ولا الأمن، ولا احترام فيها لإنسانية الإنسان.. هتافهم: الموت للعرب.. الموت للفلسطينيين.. هتاف كنفوسهم المريضة، مليء بالحقد.. إنهم همج غوغاء يشتمون الفلسطينيين بأقذع الشتائم التي تنم عن سوء أخلاقهم وقذارة طويتهم، وعن كمّ الحقد الذي تغذيهم به مراجعهم الدينية، حيث لا احترام لطفل ولا امرأة ولا شيخ كبير.. إنهم يحاربون الفلسطيني حربا لا هوادة فيها.
لقد تعمدوا اعتقال الأطفال وتعمدوا إظهارهم على الشاشات وهم يضربونهم بالهراوات، ليخيفوا أقرانهم، كما اعتقلوا السيدات بوحشية وخسة، ولم يشغلوا أنفسهم بالرأي العام العالمي، فهم ضامنون أن ما يثار ضدهم زوبعة في فنجان سرعان ما تصبح أثرا بعد عين، فهم معتادون على تحدي المجتمع الدولي وعلى تزييف الحقائق، حيث يجدون في الغرب من وسائل الإعلام ما يؤيد رواياتهم التي تكشف كذبها الصورة والصوت، لكن ثمة من يلمّع روايتهم ويدافع عن إجرامهم ووحشيتهم..
يعد تجاهل الطلب الأمريكي والمضي قدما في المسيرة التي شارك فيها نحو 30 ألفا من عتاة الصهاينة وخصوصا المتدينين والمستوطنين الذي يكنون حقدا كبيرا على العرب والمسلمين، وتنم شعاراتهم وهتافاتهم عن حقد تاريخي يتصل بالتلمود وتعاليم كهنة السوء الذين يغذون الرعاع بالكراهية المفرطة لكل ما هو فلسطيني أو عربي أو إسلامي.. مؤشرا على كيان عنصري
لقد طلبت الولايات المتحدة من المحتل تأجيل المسيرة، وفعل ذات الشيء بعض الساسة في الغرب، لكن بينيت رفض طلب أمريكا؛ لأن هذه المسيرة ربما تكون فرصته الأخيرة للحفاظ على حكومة هي في حكم الساقطة في أية لحظة. ويعد تجاهل الطلب الأمريكي والمضي قدما في المسيرة التي شارك فيها نحو 30 ألفا من عتاة الصهاينة وخصوصا المتدينين والمستوطنين الذي يكنون حقدا كبيرا على العرب والمسلمين، وتنم شعاراتهم وهتافاتهم عن حقد تاريخي يتصل بالتلمود وتعاليم كهنة السوء الذين يغذون الرعاع بالكراهية المفرطة لكل ما هو فلسطيني أو عربي أو إسلامي.. مؤشرا على كيان عنصري، بلا أخلاق ولا أدنى إحساس بوجود محاسبة.
ولم تكتف العصابات الصهيونية بالتظاهر ورفع الأعلام في باحة الأقصى وأماكن أخرى من
القدس الشريف وخصوصا باب العمود، بل قام الجنود باعتقال عدد كبير من الفلسطينيين بينهم أطفال ونساء، واعتدوا على الطواقم الصحافية وطواقم الإسعاف التي منعت من الوصول إلى الجرحى. ويكفي هذا الكيان عارا أن يتفاخر بعض المشاركين في المسيرة بقتل شيرين أبو عاقلة أمام الإعلام.. إنها قمة الهمجية والإجرام.
وفي أثناء المسيرة الهمجية، ارتفعت وتيرة التصريحات الجيوسياسية/ الديمغرافية التي تدعي أن القدس الموحدة عاصمة أبدية للكيان المحتل، وتشيد بالاستيطان، وتطالب بطرد العرب من فلسطين. وجاء ذلك على لسان طيف عريض من المستوى السياسي الصهيوني، وعلى رأسهم رئيس وزرائهم القذر بينيت الذي وجدها فرصة ممكنة لتثبيت أقدامه في رئاسة الوزراء، بينما قام نتنياهو بزيارة حائط البراق حاملا علم الاحتلال، ليذكر الشعب اليهودي بوجوده وباستعداده للانقضاض على بينيت وحكومته الهشة المعرضة للسقوط في أية لحظة؛ فهي موجودة على قيد استقالة واحدة من تحالفه الهزيل مع قوى حزبية متنافرة.
وفي المقابل، اجتمعت أعداد كبيرة من الفلسطينيين الذين تفاجؤوا بالاحتشاد الأمني والعسكري الصهيوني الضخم، حيث استدعيت ثلاث كتائب عسكرية، لحماية المتظاهرين ومواجهة الشباب الفلسطينيين الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة ترسانة مسلحة لا قبل لهم بها، فاضطروا إلى الانتقال للتظاهر في شوارع أخرى من القدس رافعين الأعلام الفلسطينية، ومتحدّين جنود الاحتلال الذين رشقوهم بالرصاص المطاطي والقنابل الخانقة فأصابوا العشرات واعتقلوا نحو مئة متظاهر بينهم نساء وأطفال.
الشعب الفلسطيني لا يعدم الوسيلة في كل مواجهة معه، وهو ما يقض مضاجعهم، ويجعلهم يتحسسون رؤوسهم كلما كشف الفلسطينيون عن مهاراتهم القتالية ومهاراتهم الفنية التي يبدعونها من اللا شيء، وكلما حدثت مواجهة بينهم وبين الفلسطينيين
وفي ظل العسكرة غير المسبوقة في محيط الأقصى والشوارع القريبة منه، قام الشباب الفلسطيني برفع العلم الفلسطيني فوق رؤوس الصهاينة عن طريق طائرة مسيّرة حلقت فوق رؤوس حملة الأعلام الصهيونية؛ مما غاظ جنود الاحتلال الذين أدركوا، كما يدركون دائما، أن الشعب الفلسطيني لا يعدم الوسيلة في كل مواجهة معه، وهو ما يقض مضاجعهم، ويجعلهم يتحسسون رؤوسهم كلما كشف الفلسطينيون عن مهاراتهم القتالية ومهاراتهم الفنية التي يبدعونها من اللا شيء، وكلما حدثت مواجهة بينهم وبين الفلسطينيين.
إن الإصرار على مسألة "القدس عاصمة أبدية للاحتلال" يؤشر على غطرسة وغرور واستعلاء غير عادي، ولولا المناكفات السياسية والتسابق الحزبي على الإساءة للفلسطينيين معبرا للوصول إلى سدة الحكم؛ لما بذل هؤلاء المارقون كل هذه الجرأة والوقاحة وبكل هذه الفجاجة في حديثهم عن قدس موحدة عاصمةً أبدية للكيان الصهيوني الذي بدأ يتآكل من الداخل، ونظن أنه لن يهنأ من بعد، ولن يطول بقاؤه أكثر مما كان..
إن الحكومات الصهيونية المتعاقبة، يمينية كانت أم يسارية، ما هي إلا حكومات متطرفة تمارس التطهير العرقي والتهجير القسري في القدس ومدن أخرى، لا سيما في ظل هدم البيوت في حي الشيخ جراح وطرد أهلها منها، وبناء المستوطنات في كل مساحة جغرافية ممكنة؛ بما يثبت كل يوم أنها دويلة نشاز وجدت في المكان والزمان المناقضين لمسار الجغرافية التاريخية التي اخترعتها آلة التزوير والافتئات الصهيونية.
إن الأخطر فيما يقوم به المحتل من استفزاز للفلسطينيين أن تتحول المعركة إلى حرب دينية بين مسلم ويهودي، وهو ما يعززه بقوة الحراك الديني الذي يكاد يسيطر على المشهد السياسي الصهيوني، بعد أن تمكنت الأحزاب الدينية والمنظمات المتطرفة من اختراق الحكومات المتعاقبة، وبات صوت التطرف يزداد تأثيره يوما بعد يوم لدى الناخب اليهودي.
الأخطر فيما يقوم به المحتل من استفزاز للفلسطينيين أن تتحول المعركة إلى حرب دينية بين مسلم ويهودي، وهو ما يعززه بقوة الحراك الديني الذي يكاد يسيطر على المشهد السياسي الصهيوني، بعد أن تمكنت الأحزاب الدينية والمنظمات المتطرفة من اختراق الحكومات المتعاقبة
إن تحول المعركة إلى حرب دينية ينذر بما لا يتوقعه أحد، وربما يأخذنا إلى مربع يعود على المنطقة برمتها إلى حيث احتمالات يصعب تخيلها، من حيث الضرر الذي سيقع على كل جانب من الجانبين؛ ذلك أن الحروب الدينية في العادة تكون طويلة الأمد، وينتفي فيها القانون، الذي لا يحترمه الصهاينة في الأحوال العادية، فكيف بالاستثنائية.
إنها لدى الجانب الصهيوني "أرض الميعاد"، ولدينا "مسرى النبي"، و"ثالث الحرمين الشريفين". ولا بد من فصل نضالي جديد يكون بمكنته إعادة الأمور إلى نصابها، وعدم تمكين الصهاينة من تدنيس الأقصى الشريف، والعبث بمقدرات الشعب الفلسطيني الدينية والاجتماعية، فهي خط أحمر، والأوضاع توشك على الانفجار.
إنني أرى في كل ما يحدث اليوم بشائر نصر، لا نذر شر، فقد بلغت الغطرسة الصهيونية حدا لا يطاق، وتلك بداية النهاية، كما صرح العشرات من الطبقة السياسية والدينية في الكيان المحتل.