هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يعيش الاحتلال الإسرائيلي تبعات ما تركته الحرب الأولى على لبنان في ذكراها الأربعين، خاصة أنها تسببت في تورط إسرائيلي في المستنقع اللبناني طيلة أكثر من عشرين عاما، ورغم التخلص من منظمة التحرير الفلسطينية فإنه وجد نفسه في مواجهة حزب الله.
ويستعيد عدد من الجنرالات الإسرائيليين الذين شاركوا في تلك الحرب، وهم أفيغدور كهلاني ودورون ألموغ ويديديا يعاري وعاموس يارون وشاؤول أريئيلي ويشيئيل غوزيل، لحظات التأسيس لتلك الحرب، بعد أن تحولت الجبهة الشمالية إلى ساحة متوقعة لخوض حروب قادمة.
الحوارات المطولة التي نشرتها صحيفة معاريف، وترجمتها "عربي21" جاء فيها "أن الحرب قبيل اندلاعها فقد دارت نقاشات داخل قيادة الجيش حول ما إذا كانت هذه الحرب ضرورية، لا سيما أن القتال في لبنان جاء مختلفًا عن القتال في جبهات أخرى، بسبب اعتبارات طول المسافات، وتنقل جيش الاحتلال داخل القرى، ما أدى أحيانًا إلى عرقلة حركة المرور".
وأكدوا أن "أهم ما جرى تعلمه من تلك الحرب أن القادة على المستوى الاستراتيجي متغطرسون ويخطئون بشكل أعمى، ذلك أن بعضهم اعتبر الحرب تأسيسا لمفهوم النظام الجديد، والاعتماد على القادة المسيحيين، وكان هناك تقدير إسرائيلي خاطئ بأن يكون لبنان هو الدولة الثانية التي تدخل في اتفاقية سلام مع إسرائيل بعد طرد منظمة التحرير، لكن النتيجة أن حزب الله حل محلها، وأصبح هو صاحب القرار المفصلي في تلك الدولة، وأدخلها تحت النفوذ الإيراني".
اقرأ أيضا: "يديعوت": 3 دروس إسرائيلية بعد 40 عاما من حرب لبنان
وذكر الجنرالات أن "الحرب على كل المستويات معقدة للغاية، وهي ليست شيئًا بسيطًا، ولذلك فإنه ربما كان يجب تغيير بعض تفاصيل الحرب، بطريقة أو بأخرى، وحينها اعتقدوا أنه ليس لديهم ما يبحثون عنه هناك في لبنان، وكان يجب علينا العودة إلى شريط أمان صغير على بعد أميال قليلة، وفي الواقع، فقد كانت الإقامة بأكملها في الأراضي اللبنانية خطأ، ولعل هذه هي الحرب الأولى التي اندلع فيها الجدل الإسرائيلي حول أهدافها".
وعند تحليل ما ورد في أهم الاعترافات الإسرائيلية في هذه الذكرى السنوية لحرب لبنان الأولى، فإنها تجدر الإشارة إلى أن أياً من الإسرائيليين لم يكن يتوقع أن يمكثوا طوال 18 عاما في هذا المستنقع، الأمر الذي يطرح تساؤلات كثيرة حول مدى صوابية وخطأ هذه الحرب من البداية، ولذلك فإنه بدا لافتا الترحيب الإسرائيلي بقرار رئيس الحكومة الأسبق إيهود باراك بالانسحاب المفاجئ من جنوب لبنان في مايو 2000، رغم أنه فسر حينها بأنه هروب مهين، وكان من بين أسباب اندلاع انتفاضة الأقصى في أواخر ذات العام، لأنه شجع الفلسطينيين على مواجهة الاحتلال.
وتعيد الذكرى السنوية الأربعين لحرب لبنان الأولى إلى الأذهان المظاهرات العارمة التي شهدتها الساحات الإسرائيلية للمطالبة بسحب قوات الاحتلال من جنوب لبنان، وظهرت حركات احتجاجية أبرزها "أمهات بالسواد" و"الأمهات الأربع"، التي نشأت عقب تزايد عودة الجنود الإسرائيليين القتلى بالتوابيت السوداء، بسبب الاشتباكات المسلحة مع مقاتلي المقاومة اللبنانية، فضلا عن تحول المستوطنات الشمالية إلى ساحة مستباحة لصواريخ الكاتيوشا والقذائف الصاروخية.
ولم يكن سراً أن أحد أهداف حرب لبنان الأولى 1982، شملت إيجاد وقائع سياسية على الأرض، أهمها إيجاد نظام سياسي في لبنان متوافق مع الاحتلال من خلال تنصيب بشير الجميّل القائد الماروني اللبناني رئيسا للبنان، من خلال التوافق مع دولة الاحتلال والإدارة الأمريكية على ضم لبنان إلى اتفاقية التسوية، وبالتالي إخراجه من دائرة الصراع، لكن اغتيال الجميّل شكل انتكاسة للمخطط الإسرائيلي، وإفشالا مبكرا له.