هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تشهد بنغلاديش، أزمة بيئية غير مسبوقة، فعلى الرغم من الفيضانات السنوية التي تعرفها البلاد، فقد اختفى عدد كبير من الأنهار فيما أضحى أكثر من نصف العدد الإجمالي "غير قابل للملاحة"، حيث أثر ذلك بشكل سلبيّ ومباشر على معيشة الملايين من سكانها، وفق تقرير لوكالة الأناضول.
وتزامنا مع أسبوع البيئة الذي يحتفل به العالم هذه الأيام، أكد خبراء بنغال أن إعادة هندسة مجاري الأنهار واستصلاح الأراضي النهرية أصبحت "ضرورية"، وفقا للأناضول.
ووفقاً لمسؤولين، فإن من بين 405 أنهار تنتشر في عموم بنغلاديش، هناك 172 نهراً فقط ما زالت صالحةً للملاحة حالياً، بالإضافة إلى 57 نهراً عابراً للحدود، بما في ذلك 54 نهراً مشتركا مع الهند، و3 أنهار مع ميانمار.
وقال رئيس مركز أبحاث الأنهار والدلتا (RDRC)، محمد أعزاز لوكالة الأناضول، إن العديد من الأنهار في بنغلاديش "اختفت" خلال السنوات الـ50 الماضية، بينما فقد الكثير منها القدرة على الملاحة.
وكان هناك 1274 نهراً في بنغلاديش عندما حصلت البلاد على استقلالها عام 1971، ومنذ ذلك الحين، اختفى منها 507 أنهار، بحسب المركز البحثي.
وقال أعزاز إن ثلاثة أنهار كبيرة، وهي الغانج وجامونا (براهمابوترا) وميجنا، تتدفق عبر بنغلاديش وتصبّ في خليج البنغال، لذا فإن أي مبادرة للتحكم بمنابع الأنهار الثلاثة، ستؤثر على بنغلاديش.
وأضاف أن الأنهار في بنغلاديش اختفت بسبب تأثير "قناطر فاراكا"، وهو حاجز مائي بطول 18 كيلو متراً (11 ميلاً) تم بناؤه على نهر الغانج في ولاية البنغال الغربية الهندية، على الحدود مع بنغلاديش.
كما أشار أعزاز إلى اختفاء العديد من الأنهار والروافد الصغيرة في منطقة جنوب-وسط باريسال والمناطق الشمالية أيضاً.
وأوضح أن الهند، التي تقع على منبع نهر الغانج، تسحب كميةً هائلة من مياه الأنهار الرئيسية، مما يترك القليل من الإمدادات باتجاه مجرى النهر، وبالتالي التأثير على الروافد المائية والأنهار في بنغلاديش.
اقرأ أيضا: خمسة قتلى في بنغلادش خلال احتجاج على زيارة رئيس وزراء الهند
أزمات المياه
ونهر "تيستا"، الذي يبلغ طوله 414 كم (257 ميلا)، وينبع من شرق جبال الهيمالايا، مروراً بشمال بنغلاديش، يعاني من وضعٍ مماثل.
وبحسب أعزاز فإن هناك 11 نهراً صغيراً "تكاد تنضب"، بسبب اعتمادها على تدفق المياه في نهر تيستا.
وأكد الخبير أن نهر تيستا نفسه "سينضب"، حيث تظهر عليه أعداد كبيرة من الأحجار المتفحمة خلال موسم الجفاف.
ولفت إلى أن الزراعة، التي تعتمد على مياه الأنهار، تواجه أزمةً حادّة بتأمين مياه للريّ.
وخلال موسم الأمطار، تغمر المياه 67 بالمئة من الأراضي في بنغلاديش، لكن المصدر الرئيسيّ للقلق هو تأثير الأمطار والفيضانات غير الموسمية على المزارعين والأمن الغذائي في البلاد.
وأوضح أعزاز أن مثل هذا الوضع "يؤثر كل عام على الإنتاج الغذائي، وارتفاع أسعار السلع الضرورية، كما يتكبد المزارعون خسائر فادحة" بسببه.
ووفقاً لبياناتٍ حكومية، غمرت مياه فيضانات الرياح الموسمية الأرزّ المزروع على مساحة 5 آلاف هكتار (12 ألفا و355 فداناً) من الأراضي في منطقة "هور" المتاخمة للهند.
وقال أعزاز إنه تم بناء العديد من سدود الأنهار وبوابات التبديل، التي تعدّ غير مناسبة للتحكم بالفيضانات، ولكنها تدمّر خصوبة التربة والبرك المائية والأراضي الرطبة.
وأضاف أن السياسيين، الذين يستولون على أراضي الأنهار، يؤثرون أيضاً على ملاحة الأنهار.
ووفقاً للبيانات الحكومية، هناك أكثر من 4 آلاف و900 عملية استيلاء على الأنهار في جميع المقاطعات البالغ عددها 64.
وشدد أعزاز على أهمية إنشاء قائمة بالأنهار الميتة والمهددة بالانقراض، والقيام بإجراءات فورية لإيجاد عملية تجريف مستدامة.
دبلوماسية ضعيفة
وحذّر أعزاز من أنه "قد ينضب نهر أو يؤثر على جفاف الأنهار الأخرى، خاصة إذا جرفنا الأنهار بطريقة غير مخطط لها"، داعيا إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة في عملية استصلاح الأنهار وأرجع الحالة الصحية السيئة للأنهار إلى الدبلوماسية الضعيفة بين الدول.
وختم بالقول: "لقد أعددنا خطة دلتا بنغلاديش 2100، ولكن ليس لدينا سياسة محددة بشأن كيفية تعاملنا مع التحدّي المستمر، والتفاوض مع الهند للحصول على حصة عادلة من مياه الأنهار المشتركة".