هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار إعلان اللجنة العليا للحج والعمرة التابعة لوزارة السياحة المصرية، رفع أسعار الحج بعد سفرها للسعودية لمعاينة سكن الحجاج، وتحديد قيمة رسوم الخدمات هناك، الكثير من الغضب بين حجيج بيت الله الحرام، خاصة مع انطلاق أول فوج للحج السياحي، اليوم الجمعة.
ومع حرمان المصريين من تأدية الفريضة التي يعشقونها على مدار العامين الماضيين بفعل تأثير إغلاقات جائحة "كوفيد 19"، سمحت السلطات السعودية بقدوم الحجيج من الخارج لموسم 1443 هجرية (بين 7 إلى 12 تموز/ يوليو المقبل)، مع تقليل حصة كل الدول بنسبة 45 بالمئة.
إلا أن المصريين ورغم فرحتهم بعودة مناسك الحج يعانون مع ارتفاع تكلفته هذا العام، والتي تزيد عن آخر عام حج في 2019، إلى ما بين 30 و40 بالمئة، حيث بلغت حينها من 53 ألف جنيه للاقتصادي و400 ألف للخمس نجوم.
"الأسعار الجديدة"
لكن ارتفاعات حج 2022، التي وصفها البعض بغير المبررة، أوصلت سعر الحج الاقتصادي الأقل كلفة والذي يلجأ إليه أغلب المصريين، لما بين نحو 115 و125 ألف جنيه شاملة تذكرة السفر، أي حوالي من (6 إلى 6.65 آلاف دولار)، ومن (23 إلى 25 ألف ريال سعودي).
كما أوصلت تلك الزيادات سعر الحج السياحي لما بين 225 و250 ألف جنيه ولا يزيد عن نصف مليون جنيه، (بين 12 و13.3 و26.6 ألف دولار)، (45 و50 و100 ألف ريال سعودي).
لجنة الحج والعمرة، قالت الثلاثاء الماضي، إن الأسعار المعلنة سابقا لرحلات الحج الاقتصادي والسياحي، كانت استرشادية، وأنه بعد تحديد الأسعار النهائية، وتحديد أسعار خدمات الإقامة والإعاشة والطواف، زادت الرحلات 12 ألف جنيه للاقتصادي، و16 ألف جنيه لـ 5 نجوم.
وإجمالي الأسعار وفقا للجنة جاءت للسياحي الصف الأول بـ193 ألفا و500 جنيه، بدلا من 177 ألفا و500 جنيه، فيما بلغ الصف الثاني للحج السياحي، 173 ألفا و500 جنيه، بدلا من 157 ألفا و500 جنيه، وكلها غير شاملة تذكرة الطيران.
وبلغ سعر الحج الاقتصادي 104 آلاف و500 جنيه، بدلا من 92 ألفا و500 جنيه، وفي درجة أقل بلغ 94 ألفا و500 جنيه بدلا من 82 ألفا و500 جنيه، وكلاهما غير شامل تذكرة الطيران التي تصل بين 16 و20 ألف جنيه (من 850 إلى أكثر من ألف دولار) و(من 3.2 إلى 4 آلاف ريال سعودي).
والأربعاء، كشف عضو اللجنة العليا للحج والعمرة، ناصر تركي، في تصريحات نقلتها صفحة قناة "إكسترا نيوز" المحلية، أن شركات السياحة تتحمل مع الحاج جزءا من ارتفاع التكلفة، مشيرا إلى أن الحج الاقتصادي زاد بأكثر من 20 ألف جنيه، والخمس نجوم 25 ألف جنيه.
"ما قبل الزيادة"
وزارة الداخلية كانت أعلنت في 2 حزيران/ يونيو الجاري، قيمة تكاليف الحج وصك الهدي بـ74 ألفا و500 جنيه، إضافة إلى قيمة تذكرة الطيران 19 ألفا و990 جنيها بإجمالي مبلغ 94 ألفا و490 جنيها.
وفي 27 آيار/ مايو الماضي، أكد عضو غرفة شركات السياحة محمد فاروق، أن تكلفة الحج السياحي تصل لنصف مليون على حسب الإقامة وتفاصيل الحج.
وزيرة التضامن الاجتماعي ورئيسة مجلس إدارة المؤسسة القومية لتيسير الحج والعمرة نيفين القباج، أكدت في 22 أيار/ مايو الماضي، أن تكلفة الحج تقدر بـ87 ألف جنيه بدون تذكرة الطيران.
من جانبها، وفي 26 أيار/ مايو الماضي، أعلنت شركة مصر للطيران، أن أسعار تذاكر الحج تبدأ من 16 ألفا و990 جنيها مصريا "القاهرة/ جدة/ القاهرة" للدرجة السياحية، و18 ألفا و990 جنيها لدرجة رجال الأعمال.
وتبدأ أسعار التذاكر خط سير "القاهرة/ المدينة" و"جدة/ القاهرة" من 17 ألفا و990 جنيها مصريا بالدرجة السياحية، و19 ألفا و990 جنيها لرجال الأعمال، بخلاف أسعار السفر والعودة خلال الأيام المميزة.
من جانبها، أعلنت الخطوط السعودية أن أسعار تذاكر طيران الحج تبدأ من 13 وحتى 32 ألف جنيه للدرجة الاقتصادية، ومن 16 وحتى 35 ألف جنيه للدرجة السياحية.
وأعلنت غرفة شركات السياحة نتيجة قرعة الحج السياحي للعام الجاري، بإجمالي 9200 تأشيرة مخصصة للحج السياحي، من إجمالي 20 ألف تأشيرة مخصصة لجميع الجهات المنظمة لموسم الحج بمصر للعام الجاري، وذلك بانخفاض نحو 60 بالمئة عن موسم حج 2019.
"تغافل حكومي"
ومع معاناة المصريين من ارتفاع أسعار الحج، والتفاوت الكبير فيه بين الجهات المنظمة ومن عام إلى آخر؛ رفض مجلس النواب في 23 أيار/ مايو الماضي، مقترحا بوضع حد أقصى لمصروفات الحج، وذلك بمشروع قانون بإصدار قانون تنظيم الحج وإنشاء البوابة المصرية الموحدة للحج.
وفي 13 حزيران/ يونيو الجاري أصدر رئيس النظام عبد الفتاح السيسي، قانون تنظيم الحج وإنشاء البوابة المصرية الموحدة للحج، فيما كان قد انتقد حجم ما ينفقه المصريون على الحج والعمرة داعيا إياهم لتوفير تلك النفقات.
وعلى نفس المنوال، سار وزير الأوقاف مختار جمعة، الذي قال في خطبة الجمعة يوم 22 نيسان/ أبريل الماضي، إن قضاء حوائج الناس أولى من تكرار الحج والعمرة.
وفي رمضان الماضي عانى المصريون مع ارتفاع أسعار العمرة التي وصلت من 40 إلى 100 ألف جنيه بعدما كانت في 2019 بين 10 و15 ألف جنيه.
مصريون قالوا إن زيادة تكلفة الحج الاقتصادي وتعديها 125 ألف جنيه هي سرقة بالإكراه لمن يريد أداء الفريضة، مشيرين إلى أن النظام يرغب في تقليل رحلات الحج والعمرة وتوفير نفقاتها، ويرغب في الحصول على الكعكة لحاجته إلى المال.
"يفاقمها النظام"
وفي رؤيته للأسباب الاقتصادية لتفاقم أسعار الحج في 2022، قال أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر علي عبد العزيز، إن "منها ارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية مقابل الجنيه بنحو 20 بالمئة من 21 آذار/ مارس الماضي، وحتى الآن مع توقعات بارتفاع سعر الصرف في الأسابيع القادمة".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أوضح أن "هذا يؤخذ في الاعتبار عند تقدير التكاليف المستقبلية للحج، يضاف لذلك ارتفاع معدلات التضخم عالميا وتأثير ذلك على مستويات الأسعار بمصر والسعودية معا".
وتابع: "وبالتالي ارتفاع تكلفة بعض الخدمات المرتبطة بالطعام والانتقالات، بجانب إضافة خدمات التأمين الصحي، وارتفاع تكلفة تذاكر الطيران، وتحجيم حصة كل دولة بنسبة 45 بالمئة".
وأضاف: "ولا شك أن هناك أسبابا أخرى مرتبطة بسياسة النظام والتي في مجملها تحجم الإنفاق على الحج والعمرة لتوفير التكلفة الدولارية التي يُهدرها على فساده وفساد أجهزته الأمنية المسيطرة على الاقتصاد".
وبين أنه "وبالتالي تجاوزت تكلفة الحج لأقل درجة بمصر 6 آلاف دولار، وبالمقابل تحملت حكومة ليبيا تكاليف هذا الحج عن المواطنين، وبعمان بلغ متوسط التكلفة نحو ألفي دولار، وبالأردن أقل من 3 آلاف دولار، وبسوريا واليمن والعراق أقل من 4 آلاف دولار".
وأردف: "هذا يعني أنه بدلا من رفع التكلفة على الحجاج المصريين باستغلال زيادة الطلب ونقص الحصة وارتفاع سعر الصرف كان يجب دعم تكلفة الحج من الدولة، التي تهدر عشرات المليارات على قصور واستراحات".
"التضييق ومكاسب أخرى"
وفي رؤيته، قال الباحث والكاتب عزت النمر: "هناك أسباب متعددة للمغالاة البشعة بأسعار الحج بعضها خارجي، يخص السعودية تحديدا، فبجانب جنايتها بتسييس الحج، فإذا هي ترتكب جناية جديدة باعتبار الشعيرة موردا اقتصاديا تعوض بها التذبذب الحاد بأسعار النفط".
أكد لـ"عربي21"، أنها "تتعامل مع الأماكن المقدسة والحجيج بنمط من الابتزاز لتعوض عجز موازنتها المقدر بـ100 مليار دولار، ولا يُخفي ابن سلمان رؤيته 2030، التي تستهدف موارد بديلة للنفط، وللأسف وجد بالحجاج والعمار ضالته في التجارة بمنتهى القسوة بدون اعتبار لقدسية المكان واستقلاليته ولا قدسية الشعائر".
وعن الأسباب الداخلية أوضح أنها "تخص السيسي ومنظومة الحكم بمصر"، وعزاها لعدة أسباب منها أن "السيسي بطبيعته يهوى التجارة ورفع الأسعار وبيع أي شيء، حتى نفسه عرضها للبيع يوما ما"، متسائلا: "فماذا ننتظر من هذه الشخصية تجاه الحج؟".
ثاني أسباب المغالاة بأسعار الحج، بحسب النمر، أنها "نتاج الوضع الاقتصادي المأزوم لفشل إدارة الدولة، ما يجعل السيسي لا يفوت فرصة لتحصيل الإتاوات من هكذا ملف".
وتابع: "لا ننسى أن حكومة السيسي تحوي مجموعات متنازعة من شبكات ولوبيات الفساد التي تتربح من كل شيء فترفع أسعار كل شيء"، معتبرا أنها السبب الثالث.
ورأى أن السبب الرابع، جاء "منذ الانقلاب بوجود فئات في أروقة الحكم تضيق صدرا بالإنفاق في الحج والعمرة من غلاة العلمانيين الذين تسمع لهم الحكومة وتسير في ركابهم بالتضييق على السياحة الدينية الخارجية باعتبارها إنفاقا بلا جدوى، مقابل تشجيع سياحة المصايف ورحلات مشجعي الكرة".
وقال الباحث المصري: "وفي هذا الصدد لن نتجاوز الإنصاف حينما نؤكد أن هناك حالة واضحة بنمط إدارة الدولة منذ الانقلاب يضيق صدرا بالتدين ومظاهره، ولا تترك فرصة إلا ويتم التضييق على أي شعائر دينية كما حدث في تراويح وتهجد رمضان".
ويرى أنه "بالتالي رفع أسعار الحج هو تضييق فاجر على الشعائر الدينية مقصود لذاته فضلا عن الجشع في استنزاف وابتزاز المصريين من الحجاج والعمار".
وفي نهاية حديثه أشار النمر، إلى "الانهيار المتتالي لسعر الجنيه كسبب خامس لزيادة أسعار الحج"، مؤكدا أن "التغير في الزيادة بأسعار الحج هذا العام أكثر من ضعف التغير في سعر الصرف، والحالتان مما جناهما السيسي وحكومته وفشلهما".