هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد البيان الأمريكي الأوروبي المشترك، الذي صدر يوم السبت الماضي، حول ليبيا، في ظل غياب عربي، «رفض إنشاء مؤسسات موازية أو الاستيلاء على السلطة بالقوة في ليبيا، فيما يعني نقدا ضمنيا واضحا للدبيبة وباشاغا على السواء».
واللافت أن الرجلين أعلنا ترحيبهما بالبيان على طريقة «كسبنا صلاة النبي» رغم أنهما بسبب صراعهما مثّلا أحد أسباب تعطل الحل السياسي في ليبيا.
ومنذ أن توافق البرلمان ومجلس الدولة على اختيار فتحى باشاغا رئيسا للوزراء، والخلاف يتعمق مع حكومة عبدالحميد الدبيبة، الذي رفض الالتزام بهذا القرار، وشهدت ليبيا انقساما بين الشرق حيث يسيطر الجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر، والغرب حيث حكومة «الدبيبة» في طرابلس، وسرت حيث الحكومة المكلفة بزعامة فتحي باشاغا.
واللافت هو رد فعل «باشاغا» و«الدبيبة» على هذا البيان الدولي، فالأول قال: «بصفتي رئيس الحكومة المنتخبة، والمدعومة من قِبَل مجلسي النواب والدولة، أتطلع إلى العمل جنبا إلى جنب مع تلك الدول وجميع أصدقائنا العرب والأفارقة لإعادة بناء ليبيا وقيادتها إلى الانتخابات الوطنية في أقرب الآجال». أما الثاني، أي «الدبيبة»، فقال: «البيان الدولي المشترك ينسجم مع موقفه الرافض للعنف أو الاستيلاء على السلطة بالقوة أو خلق أي أجسام موازية».
والحقيقة أن ترحيب الطرفين بما جرى يؤكد أن كلًّا منهما لا يرى أنه جزء من الأزمة وأحد أسباب تفاقمها، وأن الانقسام والتشظِّى الذى عرفته ليبيا على مدار عشر سنوات يؤكد أن هناك استحالة أن تفرز أي مرحلة أو حكومة انتقالية نظامًا يكون محل توافق أو قبول (الحد الأدنى) من جميع الفرقاء، وبالتالي أصبحت الفرصة الأخيرة تتمثل فى التفاهم على قاعدة دستورية تجري على أساسها الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
وقد تكون الإشكالية الكبرى أمام إجراء انتخابات في ليبيا هى ضمان احترام الخاسرين وفرقاء الساحة الليبية لنتائجها لغياب «آلية الجبر»، التي تمتلكها عادة مؤسسات الدولة الوطنية لفرض احترام النتائج، فالمؤكد أن نجاح أي أسماء مثل خليفة حفتر أو سيف الإسلام القذافي أو الدبيبة أو باشاغا لن يؤدي إلى قبول نتائج فوز أي منهم لدى الأطراف الأخرى.
وقد يكون ما لوّحت به مصادر أممية- بأن المجتمع الدولى سيضع يده على مؤسسات ليبيا المالية وإدارة ترتيبات الصرف وعزل المؤسسات السيادية في حال ما إذا احتدم الصراع على السلطة لتفادي العودة إلى مربع الانقسام المؤسَّسى والاقتتال الأهلي- مؤشرًا على إمكانية تدخل المجتمع الدولي بصورة أكثر خشونة في الصراع فى ليبيا، ووضع آليات دولية وإقليمية لضمان احترام نتائج الانتخابات، التي باتت أكثر من أي وقت مضى هي الحل للصراع في ليبيا بشرط التوافق على قواعدها وضمان احترام نتائجها.