مع تزايد
المخاطر الأمنية الخارجية على دولة الاحتلال، تزداد مخاطر أخرى من داخلها، لاسيما تلك
المتعلقة بانتشار الجريمة المنظمة، وتزايد مظاهر العنف المجتمعي وانتشاره، في ظل غياب
عوامل الردع الحقيقية، فضلا عن عدم وجود عقوبات جادة على عائلات المافيا التي تزداد
مؤخرا بين الإسرائيليين.
بالتزامن
مع ذلك، تتزايد التقارير الشرطية والجنائية عن ارتفاع معدلات العنف الجسدي بين الإسرائيليين.
أوريل
لين، الكاتب في صحيفة "
معاريف"، حذر من أن "الحكومة الإسرائيلية تواصل غض
الطرف عن تفشي الجريمة المنظمة داخل الدولة، بدليل أنها ما زالت مستمرة في الرد على
هذا العنف بطريقة متساهلة ومهينة، رغم أننا أمام تصاعد في حالات العنف العديدة ضد الموظفين
العموميين، بما فيها الطواقم الطبية في الجهاز الصحي، وحراس المستشفيات، الذين يتعرضون
لعنف وحشي، ورغم ما تبثه كاميرات التلفزة من مشاهد الأثواب البيضاء الملطخة بالدماء،
لكن الحكومة صامتة، ومكتوفة الأيدي".
وأضاف
في مقال ترجمته "عربي21" أن "حالات العنف الإسرائيلية الداخلية لم تعد
معزولة، بل تحولت مع مرور الوقت إلى وباء عام يشمل كل الدولة، فمنذ بداية العام
2022، تعرض 40٪ من سائقي الحافلات لاعتداءات عنيفة، أكثر من 300 حادثة اعتداء، كما
توقف المعلمون عن الحماية، والآباء المحبطون من فشل أبنائهم يهاجمون المعلمين دون ضبط
النفس، حتى داخل المجتمع الطلابي نفسه، لا يوجد نقص في ظواهر العنف الجسدي والأذى النفسي،
فضلا عن آفة القتل بين فلسطينيي48".
من الاتهامات
الإسرائيلية الموجهة لحكومة الاحتلال تساهلها بمنح تراخيص حمل الأسلحة الفردية؛ بزعم
التدخل عند الحاجة لإحباط الهجمات الفدائية، لكن النتيجة أن الأسلحة باتت تتحول إلى
الداخل الإسرائيلي ذاته، حيث تكثر الأسلحة، وتستمر حوادث الاعتداء على الأطفال الصغار
في بعض الحدائق، وأصبحت حياة الإسرائيليين بين بعضهم غير محمية، ويبدو غريبا كيف أن
سلطات دولة الاحتلال لم تعد تدرك حتى الآن أنها لا تعيش حربًا شاملة وكاملة تتخللها
كل مظاهر العنف الجسدي.
صحيح
أن اليهود أنفسهم باتوا يعيشون أجواء من الجريمة المنظمة، وسط انتشار عائلات المافيا،
والتصفيات الجسدية الجارية في وضح النهار في المدن الفلسطينية المحتلة، لكن ذلك يجب ألا يغض الطرف عما يشهده فلسطينيو48 من انتشار للجريمة المتفشية، وتمتد إلى المزيد
والمزيد من باقي المدن، في بئر السبع واللد والرملة.
يتخوف
الإسرائيليون من عودة مشاهد عاشتها الدولة في ثمانينيات القرن الماضي، حين بدأت عناصر
إجرامية بالسيطرة على بعض المناطق، وتحصيل بعض الغرامات والابتزاز بالتهديد واستخدام
العنف الشديد، وإن كان بصور أخرى من خلال تفشي ظاهرة العصابات الإجرامية التي تطلق
النار على خصومها في ساعات النهار، ووجهاً لوجه من خلال إطلاق نار يومي في الشوارع
والمنازل وتفجيرات سيارات وسط المدينة، حتى أن أحياءً كاملة في بعض المدن الإسرائيلية
باتت تعيش في خوف دائم.
تتحدث
المحافل الإسرائيلية أن دولة الاحتلال وأجهزتها الأمنية باتت على بعد ملليمتر واحد
من فقدان السيطرة التامة، في ظل تفشي سطوة عصابات الإجرام، وعجز الشرطة وأجهزة الأمن
عن السيطرة عليها، والنتيجة أن الإسرائيليين باتوا يشعرون بخطر حقيقي داهم على حياتهم،
إن لم يتم تعزيز الشرطة، وتغيير في التشريعات، وتشديد العقوبات، وحظر حيازة الأسلحة
غير المشروعة، وإلا فالكارثة قادمة عليهم لا محالة.