هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشفت وثيقة بريطانية، أن استخبارات المملكة
المتحدة حذرت
قبل سبعين عاما من عاقبة أن يمكِّن الجيش المصري، جماعة الإخوان المسلمين من الوصول إلى حكم مصر، خاصة أن التنظيم يتمتع بشعبية جارفة في الجيش،
وهو الأقدر على الفوز بأي انتخابات.
وتشير الوثائق التي نشرت مضمونها "هيئة
الإذاعة البريطانية بي بي سي"، إلى أن بريطانيا فوجئت بحركة الضباط الأحرار في
23 تموز/ يوليو 1952، وحذرت
شخصيات من الحكومة الملكية المخلوعة من أن "الانقلاب بقيادة اللواء نجيب هو
نتيجة حركة مستوحاة من الشيوعيين والإخوان المسلمين هدفها إنشاء نظام ثوري مناهض
للرأسمالية".
واعتبرت
الاستخبارات الأمنية البريطانية في الشرق الأوسط "إس آي إم إي" الحركة
انقلابا وتابعت الوضع المصري في ظله يوما بيوم.
وأعدت "فرقة تنسيق الشؤون المصرية" في مقر الاستخبارات البريطانية بالقاهرة تقريرا عام 1952
بعنوان "الوضع الراهن في مصر بعد الانقلاب الأخير" في أول آب/ أغسطس عام 1952.
وقال
التقرير: "يبدو أن جماعة الإخوان كانوا على علم مسبق بالانقلاب، غير أن ما
يمكن رؤيته هو أنهم، كتنظيم، لم يكن لهم يد في التأسيس له والترويج له. ومعروف أن
ستة من الضباط العشرة أعضاء في الإخوان المسلمين، وتأكد أيضا بشكل موثوق منه أن
نجيب عضو".
وخلص
إلى أن معلومات الاستخبارات أكدت أنه "إذا قرر الإخوان المسلمون دخول المعترك
السياسي، فإنهم سيكتسحون الجميع في الانتخابات القادمة، ولن يكون لحزب الوفد فرصة
في المشهد".
وأشار التقرير إلى أن محمد نجيب أول رئيس لمصر بعد انتقالها من الملكية
إلى الجمهورية، عرض على مرشد الإخوان آنذاك حسن الهضيبي، رئاسة أول حكومة بعد الثورة.
وكان
هذا سبب قلق الاستخبارات مما قد يأتي. فحذرت من أن "قدرة الضباط العشرة
الشبان على إتيان تصرفات متطرفة لتحقيق أهدافهم أمر ممكن بالتأكيد".
اقرأ أيضا: إبراهيم منير: لن يخوض الإخوان صراعا على السلطة بمصر
وساق
التقرير الأسباب الآتية:
•ستة
منهم أعضاء في الإخوان المسلمين. وأحد هؤلاء الستة، وهو محمد أنور السادات، له
تاريخ طويل كإرهابي.
•
العديد من الضباط الشبان كانوا شركاء لمصطفى كامل صدقي، وهو إرهابي معروف.
•لقد
أثبتوا أنهم قادرون على التصرف القاسي بلا رحمة، مثل القبض على ضباط الشرطة،
ومسؤولين مدنيين بعينهم وإصرارهم على تنازل الملك عن العرش.
إلى
جانب الجيش وضباطه الثوريين، اعتبر البريطانيون الإخوان والوفد الضلعين الآخرين
لثلاثي يسيطر على الساحة السياسية في مصر بعد 23 تموز/ يوليو 1952.
وفي
مواجهة تأثير الإخوان ونفوذهم، تمتع حزب الوفد بشعبية كبيرة بفضل سمعته في مقاومة
الاحتلال البريطاني، غير أن المقارنة، وفقا للتقرير الاستخباري، كانت في مصلحة الإخوان.
وأحال
معدو التقرير القيادة في لندن إلى تقييم سابق، أعده قسم التنسيق الخاص بالشأن
المصري أيضا، وأكد أن "20 في المئة من الجيش أعضاء في الإخوان المسلمين
مقارنة بـ 4 في المئة فقط أعضاء في حزب الوفد".
ولُخص
تقدير الاستخبارات في أنه إذا لم يستطع نجيب الاحتفاظ بالسيطرة على الضباط الشبان
وضبطهم "فإن هناك خطرا جديا في أن فصيل الإخوان أو الوفد سوف يكون له اليد
العليا". ورجحت الاستخبارات أن تكون "يد الإخوان هي العليا".
وكانت
الاستخبارات البريطانية قد علمت أن تنظيم الإخوان قرر أن يتخلى عن دور المراقب
ودخول الحياة السياسية. وأرسلت بهذا تقريرا إلى المقر في لندن.
ونبه
التقرير إلى أنه "إذا لم ينجح علي ماهر في تحقيق تماسك في الوضع السياسي خلال
فترة معقولة، فإن الجيش سيدفع بالإخوان والهضيبي إلى السلطة".
وحذرت
من عواقب تمكين الإخوان من الحكم خاصة بالنسبة للقوات البريطانية، ناصحا
"بضرورة عدم إغفال هذا الأمر".
وقال:
"لو وضع الجيش الإخوان في السلطة، فإنهم يملكون سلاحا نفيسا لا يقدر بثمن
يتمثل في كتائبهم التي لم يتم، كما هو معروف، حلها أبدا، ولا تزال تملك كميات
كبيرة من الأسلحة، لم تستخدم بشكل كامل في منطقة القناة".
لم
يتعلق التحذير بوضع قوات الاحتلال في مصر فقط، بل نبه إلى خطورة قوة الإخوان في أي
صراع سياسي محتمل.
ووصف
التقرير الكتائب المشار إليها بأنها "عنصر يمكنه بسهولة قلب الموازين في أي
صراع على السلطة لمصلحة الإخوان المسلمين".
وبعد
حوالي عامين وثلاثة أشهر من كتابة تقرير الاستخبارات البريطانية في الشرق الأوسط،
تمكن عبد الناصر من التخلص من نجيب وأنصاره في الجيش لينفرد بالسلطة. وبعدها شن
النظام أول أكبر حملة قمع استهدفت جماعة الإخوان المسلمين، التي عادت إلى الحياة
السياسية مرة أخرى بعد تولي أنور السادات الرئاسة، في تشرين الأول/ أكتوبر عام
1970، بعد وفاة ناصر، وفق "بي بي سي".