سنغافورة 59 جزيرة في
المحيط لا تملك من الموارد الطبيعية شيئا، كانت تحت الاحتلال
البريطاني حتى عام 1962.. زار
مصر أول رئيس لها بعد الاستقلال، وقد انبهر رئيسها بجمال شوارع القاهرة
وتمنى لو تصبح سنغافورة مثل القاهرة، فقرر بعدها أن يكون الاهتمام الأعظم بالإنسان
ليحقق النهضة لبلاده؛ وقد كان.
أصبحت سنغافورة رابع
دولة صناعية في العالم.. وفي التعليم الثالثة عالميا؛ وفي الجانب الصحي طبيب لكل
مائة مواطن.
والعجيب أن يبلغ
احتياطيها النقدي لشهر حزيران/ يونيو 2022 مبلغ 345 مليار دولار أمريكي، وأم
الدنيا يبلغ احتياطيها النقدي 37 مليار دولار فضلا عن أكثر من ثلاثة تريليونات
جنيه ديونا عامة عيلها.
وتعتبر سنغافورة رابع
أهم مركز مالي في العالم، ومدينة عالمية تلعب دوراً مهماً في
الاقتصاد العالمي. يعد
مرفأ سنغافورة خامس مرفأ في العالم من ناحية النشاط، وفي مؤشر جودة الحياة التي تنشره "وحدة
الاستخبارات الاقتصادية" في مجلة "الإيكونوميست"، حصلت سنغافورة
على الدرجة الأولى في آسيا والمرتبة الحادية عشرة على مستوى العالم.
ورغم أن سنغافورة لا
تملك شيئا من الموارد الطبيعية ورغم انبهار رئيسها بشوارع القاهرة سابقاً، حدث ما
ترون وما تسمعون.
ما علاقة هذا
بمجزرة
رابعة وخسائر مصر الاقتصادية؟
علاقة حالة سنغافورة بمذبحة رابعة والقاسم المشترك هو الإنسان، الإنسان السنغافوري والإنسان المصري، حيث قتل "خير أجناد الأرض" من رجال مصر وشبابها وكفاءاتها الآلاف في عدة ساعات في ميادين أم الدنيا في طول البلاد وعرضها؛ قتلوا أبدانهم وبالتالي فقدت مصر الآلاف من المهندسين والمعلمين والأطباء ورجال المال والأعمال
علاقة حالة سنغافورة
بمذبحة
رابعة والقاسم المشترك هو الإنسان، الإنسان السنغافوري والإنسان المصري، حيث
قتل "خير أجناد الأرض" من رجال مصر وشبابها وكفاءاتها الآلاف في عدة
ساعات في ميادين أم الدنيا في طول البلاد وعرضها؛ قتلوا أبدانهم وبالتالي فقدت مصر
الآلاف من المهندسين والمعلمين والأطباء ورجال المال والأعمال؛ كان لكل واحد منهم
نصيب وافر من مساهمة في تنمية وتطوير المهمة التي كان يشغلها؛ كان لكل واحد منهم
نصيب وافر من حماية المؤسسة التي كان يعمل بها من الفساد والإفساد؛ كان لكل واحد
منهم حظ وافر في أداء المهمة التي كان يشغلها على أتم وجه خاصة في المؤسسات
الخدمية و خدمة المواطنين؛ كان لكل واحد منهم نصيب وافر في تحسين الصورة الذهنية
عن العمل والأداء وبذل الجهد وتحقيق الأهداف؛ كان لكل واحد منهم حظ وافر من التخفيف عن
المواطنين أعباءهم النفسية والمالية؛ كانت مؤسساتهم الخدمية من جمعيات خيرية ومستشفياتها في خدمة عشب مصر الطيب،
ونقابات كانوا يخدمون أهلها ليل نهار تشهد لهم؛ ويشهد بذلك شانئوهم قبل
محبيهم.
لو تم حساب ذلك كله
ماليا لبلغ عشرات المليارات وفرا في خزينة الدولة تكلفة للفساد، ولبلغ أيضا عشرات
المليارات تنمية لموارد الوطن المالية والاقتصادية، ولبلغ مئات المليارات حماية
لأصول الدولة من البيع، ولبلغ تريليونات حماية لأملاك الدولة من الغاز والموارد
الطبيعية البحرية؛ ثمن الجزر التي تم بيعها في سوق النخاسة الدولية..
قتل "خير أجناد
الأرض" عشرات الملايين نفسيا ومعنويا، مئات الآلاف اعتقالا وآلاف أخرى إخفاء
قسري، وذووهم الملايين يعيشون مأساة فقد حبيب أو والد أو ولد.
أصبح الناس يؤدون
أعمالهم فاقدي الولاء للوطن يائسين من كل شيء، ولولا سلطان الوظيفة والرزق ما ذهبوا،
ولولا انتظار مرتب نهاية الشهر ما حضروا. أما أصحاب الأعمال من ذوي الضمائر الحية
وهم الغالبية فقد سادهم اليأس من هول ما رأوا أو سمعوا، وأصبح الواحد منهم يتمنى
لو أتيحت له الفرصة ليفر هربا من وطن يأكل حماته أبناءه بأبشع ما يكون؛ هرب بعضهم ناجيا
بنفسه بعد أن صادر الانقلاب ممتلكاتهم وأغلق مصانعهم وخرب متاجرهم.
عند قياس ذلك كله ماليا
لبلغ عشرات بل ربما مئات المليارات من الدولارات هدرا من مقدرات الوطن.
كم تبلغ تكلفة بناء
عشرات المعتقلات؟
كم تبلغ تكلفة مباشرة
على الدولة لاعتقال مئات الألوف؟
كم يؤثر ذلك في ضبط
ميزان المدفوعات والميزان التجاري بفقد علاقات تجارية مع العالم؟ وكم يؤثر ذلك في
بضياع سمعة الاستثمار في مصر، وفقد الجنيه المصري كرامته بين العملات؟
كم يؤثر ذلك في سمعة
المنتج المصري؟
كم يؤثر ذلك في هروب
الاستثمار الأجنبي المباشر؟
بعد ذلك كله.. هل يضمن
أحد أمنا لاستثماراته؟
الإجابة ترونها في قيمة
الاستثمارات الأجنبية الفعلية والحقيقية قبل رابعة وبعدها إذا تم حذف قيمة
الاستثمارات الخليجية التي تمت كمكافأة لنظام الانقلاب على انقلابه ودعما له من
السقوط.
ثم ماذا؟
أكمل "خير أجناد الأرض'' سيطرتهم على الاقتصاد المصري سيطرة شبه كاملة، لا تكاد ترى مجالا أو نشاطا صغيرا أو كبيرا إلا وقد زاحم الجيش القطاع الخاص في منافسة غير متكافئة وغير شريفة، مما جعل القطاع الخاص في معظمه يعمل مقاولا
بعد رابعة.. أكمل
"خير أجناد الأرض'' سيطرتهم على الاقتصاد المصري سيطرة شبه كاملة، لا تكاد
ترى مجالا أو نشاطا صغيرا أو كبيرا إلا وقد زاحم الجيش القطاع الخاص في
منافسة غير متكافئة وغير شريفة، مما جعل القطاع الخاص في معظمه يعمل مقاولا من
الباطن للقوات المسلحة.
بعد رابعة.. كم من
العقول والكفاءات المصرية حول العالم وفي أفضل جامعات الدنيا تهجر مصر؛ بل ترفض
العودة خشية أن يحدث لها ما حدث لعالم الاقتصاد الدكتور عبد الله شحاته، أو لعالم
المياه د. هشام قنديل، أو لعالم الهندسة د. محمد مرسي، أو لعالم العلوم البيطرية
الدكتور محمد بديع، أو لعالم الجيولوجيا الدكتور رشاد البيومي، أو لعالم الطب
الدكتور محمود عزت، أو لعالم النبات الدكتور سعد الكتاتني، أو لعالم الجراحة
الدكتور محمود أبو زيد، أو لعالم الشريعة الدكتور عبد الرحمن البر، أو لعالم الهندسة
د. حسام أبو بكر، أو لعالم الزراعة دكتور طه وهدان، أو لعالم الهندسة الدكتور محمد
بشر، أو لعالم الطب الدكتور عصام العريان، أولعالم الزراعة الدكتور محمود غزلان،
وأمثالهم كثر؟
بعد رابعة.. بيعت
جزيرتا تيران صنافير..
ولكم أن تتخيلوا قدر الإحباط
بل والفساد الذي أصاب اقتصاد أم الدنيا.
كيف يحسب الاقتصاديون
خسائر مصر من هذا كله؟ يحتاج الأمر إلى دراسات ودراسات؛ خلاصتها الأولية مئات
المليارات من الدولار ضائعة ومئات المليارات من الدولار ديونا عامة متزايدة
ومتراكمة يتحملها المواطن المصري الطيب.
ماذا لو لم تتم مذبحة
رابعة، بغض النظر عن استمرار الانقلاب أو اندحاره؟
لو لم تكن مذبحة رابعة
وأخواتها لما فقدت مصر جزيرتي تيران وصنافير..
لو لم تكن مذبحة رابعة
وأخواتها لما تنازل النظام الانقلابي عن حصته في غاز البحر المتوسط عند ترسيم
الحدود..
يحتاج الأمر إلى دراسات ودراسات؛ خلاصتها الأولية مئات المليارات من الدولار ضائعة ومئات المليارات من الدولار ديونا عامة متزايدة ومتراكمة يتحملها المواطن المصري الطيب
لو لم تكن مذبحة رابعة وأخواتها
لما تم تصدير الغاز للكيان الصهيوني بثمن بخس ثم استيراده منه بأبهظ الأثمان..
لو لم تكن مذبحة رابعة
وأخواتها لزالت معظم أسباب اليأس والإحباط وفقدان الولاء للوطن عند معظم المواطنين
خاصة الشباب منهم، ولأخذ الانسان قدره وعاش أملا لنهضة بلد يملكه هو، يحرس حدوده
جيشه، ويحرس داخله شرطته، ويعمل لنهضته شبابه علماؤه وخبراؤه.
ماذا لو كان الإنسان
المصري مثل الإنسان السنغافوري؟
سلام على رابعة..
سلام على أهل رابعة..
رحمات الله على شهداء
رابعة..
وربط الله على قلوب
المهجرين والمهاجرين والمرابطين وأهلهم..
ورد الله مصر الحبيبة
لأهلها أجمعين.