هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال المحل السياسي الأمريكي، الخبير في لجنة خبراء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن اليمن بين نيسان/ أبريل 2017 وآذار/مارس 2019، رناندو كارفاخال، إن مستقبل حزب الإصلاح باليمن، المرتبط بجماعة الإخوان المسلمين، بات مهددا بسبب الحرب الأهلية المدمرة التي توشك على دخول عامها الثامن.
وقال كارفاخال، في مقال نشره موقع "ميدل إيست آي"، وترجمته "عربي21"، إن خسارة مركز ثقل رئيسي في إقليم شبوة الجنوبي الغني بالنفط باتت تهدد الوجود السياسي لحزب الإصلاح، مشددا على أنه "قد تكون علامة فارقة في أكبر تحول يشهده ميزان القوى في البلاد منذ اندلاع الحرب في عام 2015".
وأشار المقال إلى أن الصراع في شبوة بين حزب الإصلاح والمجلس الانتقالي الجنوبي ناجم عن خصومة تعود إلى الحرب الأهلية في عام 1994، حيث تكثفت التوترات مؤخراً وسط رد فعل عنيف على الاحتجاجات المدنية من قبل محافظ شبوة السابق الذي ينتمي للإصلاح.
وفيما يلي نص المقال كما ترجمته "عربي21":
يوشك الصراع متعدد الواجهات في اليمن أن يزهق روح ضحية أخرى: إنه حزب الإصلاح المرتبط بجماعة الإخوان المسلمين. ففي الحرب الأهلية المدمرة التي توشك على دخول عامها الثامن، تلحق إعادة التوازن بين الفاعلين السياسيين هزائم كبيرة بالإصلاح، الحزب الذي اشترك في السلطة لعدة عقود مع رئيس اليمن المطاح به علي عبد الله صالح.
باتت خسارة مركز ثقل رئيسي في إقليم شبوة الجنوبي الغني بالنفط تهدد الوجود السياسي لحزب الإصلاح، وقد تكون علامة فارقة في أكبر تحول يشهده ميزان القوى في البلاد منذ اندلاع الحرب في عام 2015.
بقيت شبوة، تلك المنطقة ذات القيمة الاستراتيجية العليا، تحت سيطرة الإصلاح لسنوات وفرت خلالها للجماعة مدخلاً مباشراً على بحر العرب. تمتد جبالها الغربية على طول طريق تهريب ذي قيمة عليا مع ممرات توصل إلى ذمار وصنعاء، وينطلق من بينها طريق يتجه نحو إقليم مأرب المرغوب فيه بشدة، والذي تتواجد فيه مصفاة النفط. كما تتواجد في شبوة العديد من مرافق النفط التي تقوم بتشغيلها شركات دولية.
وهذا الصراع في شبوة بين الإصلاح والمجلس الانتقالي الجنوبي ناجم عن خصومة تعود إلى الحرب الأهلية في عام 1994. تكثفت التوترات مؤخراً وسط رد فعل عنيف على الاحتجاجات المدنية من قبل محافظ شبوة السابق الذي ينتمي للإصلاح. وقد تعهد خلفه بأن يقدم للمحاكمة أولئك الذين يُتهمون بارتكاب جرائم ضد المدنيين، وقد أصدر قرارات بفصل عدد من المسؤولين الذين ينتسبون إلى الإصلاح.
خلال شهور شهدت عدداً من التغيرات الكبيرة في المؤسسة السياسية داخل اليمن، تكبد الإصلاح هزائم على مختلف الجبهات. ولقد وجهت لمنتسبي الحزب داخل الجيش الوطني اتهامات بالتخلي عن قواعد لصالح المتمردين الحوثيين وبارتكاب جرائم ضد المدنيين العزل. وخسر الإصلاح وضعه السياسي المتميز وفقد عدداً من المناصب الحكومية الهامة، ووجد نفسه يُخرج عنوة من مجال نفوذها التقليدي.
أراض مفقودة
وفقد الإصلاح أراضي لصالح الحوثيين في ثلاث محافظات شمالية، هي الجوف والبيضاء ومأرب. بالإضافة إلى ذلك، فقدْ فقدَ الإصلاح وحلفاؤه إقليم البيضاء الجنوبي لصالح الحوثيين في العام الماضي. وشكلت إقالة نائب رئيس اليمن، علي محسن الأحمر، في وقت مبكر من هذا العام تراجعاً كبيراً آخر للإصلاح.
وفي الخريف الماضي، حقق الحوثيين تقدماً في مأرب وفي شبوة، ما أثار المخاوف من احتمال وقوع غزو جديد للجنوب من قبل المتمردين الذين يتخذون من صنعاء مقراً لهم. ويتهم السياسيون والنشطاء الجنوبيون مسؤولي الإصلاح بإصدار أوامر للقوات بالانسحاب، ما سمح للحوثيين بالزحف بدون عائق إلى داخل بيهان. وسوف تعزز هيمنة الحوثيين على هذه المنطقة المخاطر التي يواجهها الجنوبيون وتواجهها دول الخليج المجاورة.
وطرأ تبدل كبير في ميزان القوة على أثر إقالة محافظ شبوة محمد بن آديو في العام الماضي، والتي جاءت بناء على اتفاق الرياض في 2019. ونجم عن الاتفاق الذي أبرم بوساطة سعودية إضعاف الإصلاح سياسياً، وذلك أن خلف بن آديو، عوض بن الوزير العولقي، ما مكن العناصر الجنوبية ضمن جهود المحافظ الجديد لتجميع القبائل ضد الحوثيين.
وسرت موجة من الاحتفالات في أرجاء شبوة بعد قرار العولقي إقالة عدد من القادة العسكريين. ونجم عن تطهير القوات الأمنية المحلية من العناصر التي تنتسب إلى الإصلاح وقوع اشتباكات بين الوحدات الأمنية ومواجهات سياسية داخل مجلس القيادة الرئاسي، وهو الكيان التنفيذي للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً. وفي نهاية المطاف، قدم ممثل الإصلاح في المجلس استقالته بسبب المشكلة في شبوة، ولكنه عاد وتراجع عنها.
آمال آخذة في التضاؤل
وقلص النزاع السياسي الدائر حالياً الآمال في حصول انتقال سلمي داخل اليمن، حيث أدى التغير في ميزان القوة إلى تراجع في مكانة الإصلاح داخل الحكومة. ويهدد الصراع الهدنة التي تم التوصل إليها بوساطة من الأمم المتحدة، والتي ما زالت مستمرة منذ شهر إبريل/ نيسان. ولا يحتمل الإصلاح تكبد هزيمة عسكرية أو سياسية أخرى، وإن أي خسائر إضافية في شبوة سوف تؤدي إلى اندلاع اشتباكات في أجزاء أخرى من البلاد.
ومن الواضح أن الإصلاح بات يعاني من تبعات الحملات التي تستهدف الإخوان المسلمين في أرجاء العالم العربي، حيث يتهم الحزب بأنه يهدد العملية الانتقالية في اليمن. وتنبع تلك العداوة من الانطباع بأن الإصلاح يصبو إلى الهيمنة على الحكومة اليمنية.
ويعتقد الجنوبيون أن الطريقة الوحيدة لتدجين الإصلاح هي إلحاق هزيمة كبرى به، والقضاء تماماً على نفوذ الحزب في جميع المناطق الجنوبية.
اقرأ أيضا: قوات مدعومة إماراتيا تسيطر على قطاعات نفطية شرق اليمن
تتركز الاتهامات الأخيرة الموجهة للإصلاح حول ما يُزعم من وجود علاقات له ببعض العناصر الحوثية. كما تُتهم قوات الأمن المرتبطة بالإصلاح بنشر الجنود من المحافظات الشمالية، والتي تعتبر عناصر حوثية، لقتال ألوية العمالقة في شبوة. بالإضافة إلى ذلك، سلط الصحفي اليمني صالح البطاطي الضوء على كتابات في مواقع التواصل الاجتماعي لمسؤولين حوثيين يعربون من خلالها عن دعمهم للمسؤولين المنتمين للإصلاح ممن أقالهم العولقي من مناصبهم.
واتهمت بعض المنصات الإعلامية اليمنية الإصلاح بالتحريض على المصادمات مع مجلس القيادة الرئاسي، بينما راحت بعض المنصات المرتبطة بالإصلاح تشكك في مصداقية المجلس. من شأن ذلك أن يزيد من شرذمة الائتلاف الهش الذي يقف في مواجهة المتمردين الحوثيين، الأمر الذي سوف يعقد مساعي الأمم المتحدة لتمديد فترة الهدنة في البلاد.