صحافة دولية

"العلاقات الخارجية" الأمريكي يدعو بايدن للضغط على سعيّد

GettyImages- قيس سعيد
GettyImages- قيس سعيد

نشر موقع "مجلس العلاقات الخارجية" تقريرًا جاء فيه أن تعزيز الرئيس قيس سعيّد للسلطة وتبني الإجراءات الاستبدادية في تونس يهدد قصة النجاح الوحيدة المتبقية للربيع العربي، ويؤكد على ضرورة أن تنتقل إدارة بايدن من الدعم الخطابي للديمقراطية في تونس إلى استخدام المساعدة المالية الأمريكية للضغط من أجل الإصلاحات، كما أنه لا ينبغي أن تدعم واشنطن قرض صندوق النقد الدولي المطلوب من تونس ما لم يكن وشيكًا.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن تونس تسعى للحصول على قرض بقيمة 4 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، ناقلًا تصريح جهاد أزور، مدير صندوق النقد الدولي للشرق الأوسط، بعد زيارته في حزيران/ يونيو الماضي، إن "صندوق النقد الدولي يقف إلى جانب السلطات التونسية في جهودها في دعم الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية لصالح السكان".

ويتساءل الموقع عن ما إذا كانت "السلطات التونسية" تعزز الإصلاحات التي من شأنها أن تفيد سكانها؟ أو بشكل أكثر دقة، هل سيدعم قرض صندوق النقد الدولي دكتاتورية متعمقة؟

في 25 يوليو/ تموز 2021 فاز الرئيس التونسي قيس سعيّد في استفتاء لتبني دستور جديد زاد إلى حد كبير من سلطاته التنفيذية، وقوض الضوابط والتوازنات الرقابية، وقضى على الديمقراطية التونسية، لم يحظ الاستفتاء بإقبال ملحوظ: وفقًا للأرقام الرسمية، قاطع 70 بالمئة من الجمهور التصويت أو قرروا عدم المشاركة.

وانتهى الاستفتاء بعام من الانتكاس الديمقراطي وتعزيز السلطة من قبل سعيّد، الأستاذ الجامعي السابق والمنتخب رئيسًا في عام 2019. منذ اللحظة التي أوقف فيها الدبابات أمام البرلمان مساء 25 يوليو/ تموز 2021؛ حيث اتبع سعيّد كتاب قواعد اللعبة للاستبداد بحذافيرها، فقام بـ:


- إغلاق البرلمان


- إلغاء الدستور الحالي


- حل النظم القضائية المستقلة لصالح المحاكم العسكرية


- اعتقال أعضاء المعارضة


- تكديس اللجان الانتخابية بأصدقائه السياسيين


- إغلاق وسائل الإعلام المستقلة وسجن الصحفيين


- الترهيب وتقييد المجتمع المدني


وأفاد الموقع بأن توطيد السلطة في تونس يعيد إلى الذاكرة فنزويلا بقيادة نيكولاس مادورو، ونيكاراغوا بقيادة دانيال أورتيغا، وعشرات الديكتاتوريات الزاحفة الأخرى على مدى عقود؛ حيث يسمح دستور سعيّد الجديد له بأن يحكم بما يناسبه، فهو يمتلك جميع السلطات التنفيذية والتشريعية.

وكما كان متوقعًا، فقد صوتت الغالبية العظمى "96 في المئة" ممن شاركوا في استفتاء 25 يوليو/ تموز لصالح خطة سعيّد لاستبدال دستور 2014، وقد اتسمت عملية التصويت بالارتجالية وعدم الشفافية وبكونها غير شاملة، كما أبدت شخصيات من المعارضة والمراقبين الخارجيين شكوكًا جدية حول ما إذا كان حتى 30 في المئة من الجمهور قد حضروا للتصويت؛ حيث تفتقر معظم مواقع التصويت في البلاد إلى المراقبين. وفي تونس العاصمة، لاحظ العديد من المراقبين وجود مراكز اقتراع فارغة معظم اليوم.

وأوضح الموقع أن الكيفية التي سيؤثر بها الإقبال المنخفض على حسابات سعيّد للمضي قدمًا لا يزال غير مؤكد، فقد يمنع سعيد أحزابًا معينة من المشاركة في الانتخابات البرلمانية في ديسمبر/ كانون الأول 2022، ما قد يقضي على نظام الأحزاب السياسية الحرة في تونس تمامًا. وإذا أقدم على ذلك؛ فسيكون قد أعاد الزمن إلى الوراء عندما كان الديكتاتور السابق بن علي في السلطة قبل أن تطيح به الثورة الديمقراطية عام 2011.

وجاء رد فعل الولايات المتحدة على الاستفتاء في 28 يوليو/ تموز 2022، ببيان وزير الخارجية أنتوني بلينكن، الذي أشار إلى أنه في عهد سعيّد، "شهدت تونس تآكلًا مقلقًا للمعايير الديمقراطية خلال العام الماضي كما عكس مسار المكاسب العديدة التي أحرزها الشعب التونسي بشق الأنفس منذ عام 2011. وقد أثار تعليق الحكم الدستوري، وتوطيد السلطة التنفيذية، وإضعاف المؤسسات المستقلة تساؤلات عميقة حول المسار الديمقراطي لتونس، سواء في تونس أو على الصعيد الدولي".

وأضاف بلينكن أن "عملية الإصلاح الشاملة والشفافة أمر بالغ الأهمية للمضي قدمًا"، وقال إن الولايات المتحدة تحث على "الاعتماد السريع لقانون انتخابي شامل يسهل أوسع مشاركة ممكنة في الانتخابات التشريعية المخطط لها في ديسمبر/ كانون الأول".

وتساءل بلينكن: "لماذا يجب على سعيد الامتثال والتراجع عن الطريق إلى ديكتاتورية موحدة؟"، فيما جاء رد الفعل الفوري على بلينكن في صورة اتهام للولايات المتحدة بـ "التدخل في الشؤون الداخلية".

وقال بلينكن إن "الولايات المتحدة استخدمت وستواصل استخدام جميع الأدوات المتاحة لها لدعم الشعب التونسي". وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي فقط؛ عرضت إدارة جو بايدن رؤيتها للديمقراطية العالمية في القمة التي عقدتها، وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قال الرئيس بايدن: "بينما ننظر حول العالم اليوم، نرى حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية يتم انتهاكها بشكل متزايد.. لدينا اليوم عدد أقل من الديمقراطيات في العالم مما كنا عليه قبل 15 عامًا. لهذا السبب، فإنه منذ اليوم الأول من إدارتي، اتخذت خطوات ملموسة لإعادة حقوق الإنسان إلى قلب سياستنا الخارجية وإعادة تأكيد قيادتنا الأخلاقية على المسرح العالمي".

وأفاد الموقع بأن حقيقة أن قصة النجاح الوحيدة للربيع العربي تبدو وكأنها تنحدر مرة أخرى إلى الاستبداد هي ضربة كبيرة لأنصار الديمقراطية؛ حيث سترحب الأنظمة الاستبدادية مثل الصين وإيران وروسيا بانهيار طموحات تونس الديمقراطية باعتبارها "دليلاً" على فشل الديمقراطية كنظام.

وتساءل الموقع عن ما يجب أن تفعله إدارة بايدن، مبينًا أنه منذ الثورة الديمقراطية في يناير/ كانون الثاني 2011؛ خصصت الولايات المتحدة أكثر من 1.4 مليار دولار لتونس، واليوم لدى مؤسسة تحدي الألفية اتفاق معلق بقيمة 500 مليون دولار مع تونس. ووقعت الولايات المتحدة وتونس "اتفاقية هدف التنمية" لمدة خمس سنوات للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في عام 2019، عندما كانت تونس لا تزال ديمقراطية، لتقديم ما يصل إلى 335 مليون دولار لدعم "زيادة التوظيف في القطاع الخاص وتوطيد الديمقراطية"، ونظرًا لأن مؤسسة تحدي الألفية تتطلب من المتلقين الحفاظ على المعايير الديمقراطية، ولأن توفير أموال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية من أجل "التوطيد الديمقراطي" سيكون بمثابة استهزاء في تونس اليوم؛ يجب تعليق كل هذه الأموال.

ربما الأهم من ذلك، بحسب الموقع، أنه على الولايات المتحدة أن تعارض قرض صندوق النقد الدولي المرتقب بقيمة 4 مليارات دولار لتونس إلى حين عودتها إلى طريق الديمقراطية، ونظرًا لحاجة سعيّد الماسة للقرض، فيجب على الولايات المتحدة استخدامه للمساومة على التنازلات السياسية. 

 

اقرأ أيضا: رئيس حزب تونسي لـ"عربي21": اقتربنا من بداية نهاية نظام سعيّد

وقد قال الاتحاد العام التونسي للشغل في يونيو/ تموز الماضي: "نحن نرفض الشروط التي وضعها صندوق النقد الدولي.. نحن ندعم الإصلاحات؛ لكننا لا نشارك هذه الحكومة في رؤيتها للإصلاحات التي تدعمها". 

ويختتم الموقع تقريره بقوله إن الولايات المتحدة والمانحين الآخرين يتمتعون بنفوذ كبير، وقد حان الوقت لاستخدامه لحماية المساحة السياسية المتبقية في تونس ومنع التعزيز النهائي لديكتاتورية الرجل الواحد، ونظرًا لأن مخاطر دعم الديمقراطية في تونس منخفضة، والمكافآت للتونسيين والدعم العالمي الأمريكي للديمقراطية ستكون هائلة.

 


التعليقات (0)