هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في شهر آب (أغسطس) الماضي، وضع مسؤولو الاتحاد الأوروبي ما قالوا إنّه "النص النهائي" لاتفاق بين إيران والولايات المتّحدة يهدف إلى إعادة إحياء الاتفاق النووي السابق. وعليه، تبادلت إيران والولايات المتّحدة الملاحظات حول هذه المسودة النهائية، حيث أرسل الجانب الإيراني ملاحظاته إلى واشنطن، وتبع ذلك دراسة الولايات المتّحدة للرد الإيراني وإرسال ملاحظتها هي الأخرى بهذا الشأن إلى الإيرانيين.
وتلا هذه الجولة، جولة أخرى من الملاحظات فيما يشبه التفاوض على الملاحظات وليس على الاتفاق نفسه، حيث أرسلت إيران عبر الاتحاد الأوروبي ما قالت إنّه مجموعة من الملاحظات على الملاحظات الأمريكية. ووفقاً لوزارة الخارجية الإيرانية، فإنّ الرد الإيراني له طابع بنّاء وتمّ فحصه بعناية تامّة ويهدف إلى اختتام المفاوضات (بشكل إيجابي). وقد أكّدت الولايات المتّحدة استلام الرد الإيراني وقالت إنّها ستدرسه وتردّ عليه من خلال الاتحاد الأوروبي، لكن التقييم الأوّلي لواشنطن جاء متضارباً.
وفقاً لما صرّح به المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كربي في وقت سابق، فـ"الطرفان أقرب اليوم للتوصل إلى اتفاق مقارنة بما كان عليه الوضع قبل أسبوعين وذلك بفضل التنازلات الإيرانية في بعض القضايا الرئيسية، لكن لا يزال هناك ثغرات ولم نتوصل الى اتفاق بعد". وقد أشارت بعض التقارير إلى أنّ الناطق باسم الخارجية الأمريكية كان قد أشار أمس إلى أنّ الرد الإيراني غير بنّاء، لكنّهم سيدرسونه.
من جهته علّق مندوب روسيا ميخائيل أوليانوف على الملاحظات الإيرانية مشيراً إلى أنّها ليست طموحة أكثر من اللازم وأنّه يمكن قبولها إذا كانت هناك إرادة سياسية في إشارة إلى الجانب الأمريكي. أمّا مندوب الاتحاد الأوروبي فقد أبدى تفاؤلاً بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق. وحتى هذه اللحظة، يبدو أنّ الطرفين الرئيسيين في المفاوضات لا يريدان قطع شعرة معاوية، ولا يزالان في مرحلة تدوير الزوايا.
وبالرغم من التقدّم الذي حصل، فإنها لا تزال الفجوة تتعلق بثلاث قضايا رئيسية تقوم بمجملها على موضوع الضمانات بعدم الانسحاب من الاتفاق في حال إحيائه على أن يتحمّل الطرف المنسحب تكاليف في حال قيامه بمثل هذه الخطوة مستقبلاً. أمّا الموضوع الثاني، فيتعلق بشكل أساسي بالقضايا التي تمّ طرحها بشكل أساسي من خارج الاتفاق النووي وبعضها يتعلق بحجم ونطاق رفع العقوبات المفترض في حال العودة إلى الاتفاق النووي.
وبخصوص الموضوع الثالث، فهو يرتبط بدور الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي لا تزال تبحث في شبهات تجاوز إيرانية. وترى طهران أنّه يجب إغلاق هذا الملف قبل الموافقة على استئناف الاتفاق النووي، لكن الجانب الأمريكي يرى أنّ الوكالة الدولية للطاقة الذرية يجب أن تمارس عملها بغض النظر عن مصير الاتفاق النووي، وأنّه لا يمكن إيقاف هذا العمل لمجرّد أنّ إيران تطلب ذلك.
وفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذريّة، فإنّ هناك دلائل تشير إلى أنّ الجانب الإيراني ربما قام بأنشطة نووية غير مسموحة وغير مصرّح بها في منشآت غير معلن عنها. الجانب الإيراني يرى أنّ هذا التحقيق كان غير منصف، وأنّ على الوكالة أن لا تتّخذ قرارات بناءً على انحيازات سياسية وأنّ ذلك يقتضي إغلاق الملف.
بالرغم من التقدّم الذي حصل، لا تزال الفجوة تتعلق بثلاث قضايا رئيسية تقوم بمجملها على موضوع الضمانات بعدم الانسحاب من الاتفاق في حال إحيائه على أن يتحمّل الطرف المنسحب تكاليف في حال قيامه بمثل هذه الخطوة مستقبلاً. أمّا الموضوع الثاني، فيتعلق بشكل أساسي بالقضايا التي تمّ طرحها بشكل أساسي من خارج الاتفاق النووي وبعضها يتعلق بحجم ونطاق رفع العقوبات المفترض في حال العودة إلى الاتفاق النووي.
بغض النظر عن هذا الموضوع، سارعت إسرائيل الشهر الماضي إلى التواصل مع الولايات المتّحدة بشأن الرد الأمريكي وسط التقارير التي تحدّثت آنذاك عن قرب التوصل إلى إتفاق بين البلدين. إسرائيل ترى أنّ على واشنطن ألاّ تقدّم تنازلات من شأنها أن تُسهّل مهمة إيران أو أن تسمح لها مستقبلاً بامتلاك قنبلة نووية. ولذلك، فهي ترى في الغالب أن عدم وجود اتفاق أفضل من وجود اتفاق يُشرّع البرنامج النووي الإيراني ويُضفي طابعا رسميا على قنبلة إيرانية مستقبلاً.
لكنّ عددا من المؤسسات الإسرائيلية بالإضافة الى الموساد يرون أنّ الاتفاق سيمنح إسرائيل بجميع الأحوال المزيد من الوقت لتقييد إيران إن هي فكّرت في استغلال الاتفاق للحصول على قنبلة نووية، وأنّه في غياب الاتفاق سيصبح من الصعب السيطرة على السيناريوهات المحتملة والتداعيات الناجمة عنها. وبالرغم من حرص الطرفين الأمريكي والإسرائيلي على إظهار نوع من التفاهم بينهما، إلاّ أنّ الخلاف موجود. إدارة بايدن ترى أنّ الاتفاق مهم وأنّه يقيّد إيران نووياً. صحيح أنّه لن يغيّر سياساتها أو يوقف نشاط الحرس الثوري، لكنّ الولايات المتّحدة ستكون قادرة على التعامل مع هذه الأمور بشكل منفصل عن الاتفاق.
في جميع الأحوال، يوجد تفاؤل حذر حالياً حيال إمكانية التوصل إلى تفاهم يعيد إحياء الاتفاق النووي، لكن يبقى على الطرفين أن يستكملا تدوير الزوايا للوصول إلى هذه المرحلة. وحتى حينه، يمكن القول إنّه لا اتفاق إلى أن يحصل الاتفاق.
Twitter: @alibakeer