هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا لمراسلتها ميريام برغر قالت فيه إن سارينا إسماعيل زاده البالغة من العمر ستة عشر عاما أحبت مشاركة حياتها مع العالم عبر الإنترنت، قبل أن تلقى حتفها على يد قوات الأمن أثناء المشاركة في المظاهرات.
وعلى مدونة الفيديو الخاصة بها، غنت المراهقة ذات الشخصية الجذابة، ورقصت، وطهت، ووضعت مكياجها واحتفلت بنهاية الامتحانات. وقالت جماعات حقوقية إن إسماعيل زاده ذهبت في 22 أيلول/ سبتمبر للانضمام إلى الاحتجاجات التي تجتاح البلاد وتعرضت للضرب حتى الموت على أيدي قوات الأمن الإيرانية.
مع لفت الانتباه إلى قضيتها على الإنترنت، نفت السلطات الإيرانية الجمعة الماضي أي مسؤولية، مدعية أنها ماتت منتحرة بالقفز من فوق سطح. لكن تفاصيل مقتل إسماعيل زاده في مدينة كرج غربي طهران تتناسب مع نمط أوسع لاستهداف قوات الأمن واعتقالهم وقتلهم في بعض الحالات مع دخول الانتفاضة الإيرانية المناهضة للحكومة أسبوعها الرابع.
ووفقا لمنظمة العفو الدولية، التي أبلغت عن وفاتها في 30 أيلول/ سبتمبر، فإن إسماعيل زاده ماتت بعد تعرضها للضرب المبرح على رأسها بالهراوات، وقالت إنها كانت واحدة من 52 شخصا على الأقل قتلوا على أيدي قوات الأمن حتى 25 أيلول/ سبتمبر، وهو ما أكدته منظمات حقوقية أخرى.
على مدونتها، كانت إسماعيل زاده تندب أحيانا ما تواجهه النساء في إيران من تمييز. قالت في مقطع فيديو نُشر في 22 أيار/ مايو إن المراهقين "يحتاجون إلى الحرية" ليعيشوا حياة كريمة. لكنها لا تستطيع، على حد قولها، "بسبب بعض القيود المفروضة على النساء على وجه التحديد"، مثل الحجاب الإلزامي والمنع من الملاعب الرياضية. وقالت إن الإيرانيين لا يمكنهم توقع "أي شيء آخر" من الحكومة باستثناء مساعدات الرعاية الاجتماعية.
قالت إسماعيل زاده، التي كانت ترتدي قميصا ملونا ومزركشا برسوم كرتونية، للكاميرا: "لم يعد الزمن قبل 20 عاما عندما لم نر أي مراهق آخر غير أنفسنا.. ومن الطبيعي أن تتطلع كإنسان نحو الخيار الأفضل".
تشبه حالة إسماعيل زاده بشكل مخيف حالة نيكا شكارامي البالغة من العمر 16 عاما، والتي توفيت أيضا خلال الاحتجاجات الشهر الماضي. تزعم عائلتها أنها قتلت على يد قوات الأمن بعد أن أحرقت الحجاب، بينما تزعم السلطات الإيرانية أنها سقطت من على سطح. وأثارت وفاة شكارامي، وما يبدو من محاولات للتستر عليها وترهيب عائلتها، المزيد من الغضب.
كانت الوفاة غير المبررة لشابة أخرى، مهسا أميني، البالغة من العمر 22 عاما، في حجز شرطة الآداب الإيرانية هي التي أشعلت الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد في منتصف أيلول/ سبتمبر. على الرغم من القمع العنيف وإغلاق الإنترنت، استمرت الاضطرابات الشعبية، مما شكل أكبر تحد لقادة رجال الدين في إيران منذ عدة سنوات.
قالت نيغين، مدرسة الفن البالغة من العمر 36 عاما في مدرسة ثانوية بطهران والتي انضمت إلى الاحتجاجات، لصحيفة واشنطن بوست: "أستطيع أن أرى أن الاحتجاجات قد انتشرت أكثر بعد تزايد عمليات القتل، لا سيما مع مقتل نيكا وسارينا"، متحدثة إلى الصحيفة بشرط عدم ذكر سوى اسمها الأول لحماية نفسها.
قالت نيغين إن أحد أقاربها الذكور رفض في البداية الاحتجاجات ووصفها بأنها "مجموعة من الأطفال المدللين يتسببون في الفوضى". لكنه حزن كثيرا لوفاة إسماعيل زاده التي شبهها بفقدان إيران شاعرا عظيما.
الرقابة الإيرانية وقيود العمل الصحفي تجعل من الصعب التحقق من عدد الضحايا، لكن الجماعات الحقوقية حددت أكثر من عشرين طفلا قتلوا في المظاهرات. عاش العديد من القاصرين في مناطق مهمشة منذ فترة طويلة في إيران، بما في ذلك إقليما كردستان وبلوشستان، حيث كانت حملة الدولة أشد قسوة.
وبحسب ما ورد، ذهبت إسماعيل زاده للاحتجاج في 22 أيلول/ سبتمبر مع العديد من صديقاتها بعد المدرسة. لم تعد في تلك الليلة.
سرعان ما بدأت التقارير المتعلقة بوفاة إسماعيل زاده ومقاطع فيديو من مدونتها تنتشر عبر الإنترنت. وقال المغني الإيرلندي هوزييه إنه وصله فيديو للمراهقة وهي تردد أحد أغانيه يوم الجمعة.
وكتب هوزييه على تويتر: "نتحدث عن الحريات دون فهم ما يعنيه دفع الثمن الأكبر في القتال من أجلها. كانت هذه الفتاة الشجاعة 16 عاما فقط في العالم".
وتحت الضغط، قالت السلطات الإيرانية، الجمعة، إن الشابة توفيت منتحرة بالقفز من مبنى مكون من خمسة طوابق. كما أذاع التلفزيون الحكومي مقابلة مع والدة إسماعيل زاده، التي قالت إن ابنتها حاولت ذات مرة الانتحار باستخدام حبوب منع الحمل. وأكدت السبب الرسمي للوفاة.
لكن إيران لديها تاريخ طويل في انتزاع الاعترافات وبثها على التلفزيون الحكومي، وفقا لجماعات حقوقية. قالت والدة شكارامي إن عائلتها تعرضت لضغوط للإدلاء بتصريحات كاذبة حول وفاة ابنتها.
اقرأ أيضا: WSJ: احتجاجات إيران لن تسقط الحكومة لكنها تقلقها
وتعرض التلفزيون الرسمي في وقت لاحق للاختراق لفترة وجيزة السبت من قبل جماعة تطلق على نفسها اسم "عدالة علي". وقاطع المتسللون نشرة إخبارية بشعارات مؤيدة للاحتجاجات وصور المتظاهرين القتلى ومن بينهم إسماعيل زاده.
قالت نغين: "جوهر هذه الثورة هو سارينا وجيلها.. مجموعة تدرك حقوقها تماما وتتصل بالعالم وتعرف حقا ما الذي حرموا منه... ليس لديهم مخاوف الجيل الذي أنتمي إليه".